نحن والعالم!


أنباء الوطن -

الدكتور يعقوب ناصر الدين

لفترة طويلة من الزمن كنا نعتقد أننا أقل شأنامن كثير من الأمم، وخاصة أمم الحضارة الأوروبية، حتى أن البعض منا لا يتردد أحيانا بوصف مشكلاتنا بانها ناجمة عن خلل جيني، إلى أن جاءت جائحة الكورونا لتقلب كل الموازين، وترينا أن الإنسان هو الإنسان عندما يتعلق الأمر بالخوف من المجهول، وقد تتباين ردود الفعل بتباين مساحة الأمان، والثقة أو عدم الثقة بالمسؤولين عن إدارة أزمة الخطر الذي يبعث على الخوف أو القلق.

نحن في الأردن نواجه الأزمة ذاتها التي تواجهها معظم دول العالم، وحين نتابع ما يجري في بلدان كثيرة من تصاعد للوباء الذي يشن حالياً هجمته الثالثة على أوروبا فإننا نسمع تصريحات المسؤولين الحكوميين وكأنها نسخة مترجمة لما نسمعه عندنا، ونسمع ونشاهد كذلك ردود الأفعال الشعبية، والتهجمات على المسؤولين، ساعة بسبب الإغلاقات، وأخرى بسبب التقصير في إجراءات الوقاية والعلاج، وكأن الناس لديهم الانطباعات نفسها في كل مكان.

قبل أيام قليلة انتقدت منظمة الصحة العالمية ” البطء غير المقبول ” لحملة التلقيح ضد كوفيد-19 في أوروبا التي تواجه وضعاً وبائياً يثير أشد القلق حسب وصفها، وبالطبع لا تبدو أوروبا وحدة واحدة بإمكانها التعامل مع بعضها كما لو أنها دولة واحدة، وها هي تضطر بعض دولها لإغلاق حدودها مع البعض الآخر، أما حالات الانهيار الاقتصادي، وتعطل قطاعات حيوية بأكملها فحدث ولا حرج!

تلك هي أجواء كورونا التي نعيشها  نحن والعالم، والحكومات كلها تتلفت من حولها، تبحث عن معادلات جديدة غير تلك التي لم تنجح حتى الآن، أي معادلة السلامة الاجتماعية، والحفاظ على ديمومة العملية الاقتصادية، فالوباء آخذ في الانتشار، والاقتصاديات المحلية في تراجع مستمر، وما ذلك الدعم الذي تقدمه الحكومات للقطاعات المتعثرة والعاطلين عن العمل إلا جرعة ماء تبلل فم الظمآن ولا ترويه!

الدول التي تواجه أزمات اقتصادية منذ عدة سنوات ما قبل الكورونا – ونحن منها – ليس باستطاعتها تقديم الكثير من التعويضات، ولا توفير كل العناصر الضرورية لمجابهة الوباء خاصة وأن كثيرا من الشكوك ما زالت تدور حول طبيعة وجدوى اللقاحات، ولكن بالنسبة لنا  نحن في وضع يحتاج منا إلى مراجعة لملف الأزمة وأساليب التعامل معها، على أمل أن تتحول من إجراءات حكومية، إلى استجابة وطنية شاملة، وتلك غاية ممكنة حين تكون المراجعة المنشودة  جدية وشاملة وحاسمة، ومن دون ذلك سنبقى ندور في دائرة الحيرة والشك والخوف، بينما الوباء يواصل شن هجماته الواحدة تلو الأخرى!