حكي السرايا مش مثل حكي القرايا..


أنباء الوطن -

كتب / محمود الدباس..

كم سمعت هذا المثل من والدي عليه رحمة الله حينما كنت اخبره بأن هناك حديثا او تحركا بين بعض الفئات ومطالبتهم بموضوع يختلف بعض الشيء عن توجهات الدول والانظمة..
فكان يقول لي.. “خلي مجالس القرايا تحكي اللي بدها اياه.. في الاخير السرايا بتعمل اللي بتريده”..
فهذا القول او المثل يقال عندما يكون هناك فرق بين امنيات ورغبات وآراء العوام من الناس.. وما بين الواقع والحقيقة والرأي الرسمي والقانوني..
وحين بدأت التفكير فيما يدور حولي من احداث سياسية او اقتصادية او اجتماعية.. وجدت ان هذه المقولة تنطبق في معظمها..

فحين يجلس مجموعة من المستثمرين او اصحاب فكرة “القرايا” يتناقشون حول مشروع ما.. ويظنون ان الامر بات في حكم النافذ.. لا بل قد يعيشون الحالة ويضعون انفسهم ومن حولهم في اجواء انهم قد حققوا المكاسب والارباح واصبحت في حساباتهم.. ومن ثم يتفاجؤن بأن “السرايا” ترفضه لعدم انسجامه مع السياسة العامة للبلد مثلا..

وحين يطلب اهل مصاب او مقتول “القرايا” بألا يوكل أهل المجرم محاميا عنه.. يقرر القضاء “السرايا” توكيل محام بحكم القانون.. وهكذا..

وعندما انظر الى ما يتداوله نشطاء غيورون حول ايجابيات حدث ما.. والكم الهائل من المنافع والمكاسب التي تحققت.. وحجم نشوة الفوز والانتصار الكبير..

ومن ثم أبحث في القوانين الناظمة والتعليمات المتعلقة بذات الحدث والهيئات الخاصة به.. اجد ان الناس تتحدث وتعيش اللحظة في واد.. والحقائق والواقع في واد آخر..

فعلى سبيل المثال لا الحصر.. يطل علينا من يتغنى بالنصر المؤزر الذي حققه وزراء الخارجية للعديد من الدول من خلال كلماتهم الرنانة ومداخلاتهم القوية والجريئة في جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة حول حق الفلسطينيين في العيش الكريم والحرية وحق تقرير المصير والجرائم البشعة التي اقترفتها عصابات الاحتلال..

ولكنهم نسوا او تناسوا او لم ينتبهوا ان لا ذِكر لاي نقطة حول رحيل المحتل الغاصب واعادة الحق المسلوب لأهله.. وأن كل ما تم هو توصيات وتمنيات.. وان الحل والعقد هو في يد مجلس الامن..

لذلك يغضب ويبتعد عني الكثير من الاصدقاء حينما اقول.. ان الفرق بيننا وبين اعدائنا هو انهم يعلمون تمام العلم من أين تؤكل الكتف.. ويطبقون قانون الجهود المبذولة باحترافية ودهاء وذكاء.. ويقطفون الثمرة التي غرسوها في ذات الموعد الذي خططوا له..

تاركين لنا التغني بانتصارات.. هم من صوروها لنا.. وصاغوا سيناريوهاتها باحترافية.. وهم من افتعل احداثها.. وهم من اوقد شرارتها.. واقنعونا بأننا حققنا ما نصبوا إليه.. وسهلوا لنا استيراد وصنع آلات موسيقية ومعدات صوت فائقة الجودة حتى نغني لذلك النصر..

فإلى متى سنبقى أبطال ردات الافعال.. ولسنا صانعيها.. والسائرين حسب الطرق المرسومة.. فنثور حينما يريدونا ان نثور.. ونتوقف حينما يؤشرون لنا بالتوقف.. ونحتفل بالنصر حينما يصورون لنا الدمار واستهداف وتصفية رموز وقيادات بانه الهدف المنشود وهو ما نصبوا اليه.. وان التضحيات والاستنزاف بهذه الطريقة كل فترة هي التي ستحقق النصر..

حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا..

أبو الليث..