ما الذي فعلته شركة الفوسفات الأردنية؟


أنباء الوطن -

 فايز الفايز

في ظل التراجع الاقتصادي وانكماش الأسواق وعجز الميزانية تطل علينا بشائر مفرحة لعودة بعض القطاعات الإنتاجية التي سجلت خلال فترة قصيرة قفزات كبيرة بعد الانتكاسات التي أعاقتها الإدارات المتتالية جرّاء التفريط وعدم الاختصاص..

ولعل الخبر المفرح قد جاء من قبل مؤشر (مورغان ستانلي للأسواق الناشئة) في نيويورك والذي سجل دخول شركة الفوسفات الأردنية على مؤشرها لتكون رابع شركة أردنية تدخل السوق العالمي متجاوزة سابقاتها بفضل ارتفاع سعر سهمها في غضون أشهر قليلة، وتنافس بقوة مع كبرى الشركات العالمية لتقود شركات سابقة كمصفاة البترول والبنك العربي والبنك الاسلامي الأردني مع فارق أسعار الأسهم، حيث تمت صفقة شراء فوري لـ 16814 ألف سهم من أسهم شركة الفوسفات لحساب صندوق استثماري أميركي.

ما يدعو إلى السرور والاستبشار بتطور المنتج الأردني هو وجود شركات أردنية على قائمة مؤشر ستانلي للأسواق الناشئة بجهود أردنية خالصة، وهناك فرق بين شركات واضحة الخسائر وتدعم من الخزينة رغم ضخامة أعداد موظفيها وكبارهم ومبانيها واستمرار فشلها وتضخم رواتب الإدارات والموظفين وامتيازاتهم المرهقة والإصرار على إبقائها بطواقمها الأردنيين والأجانب وبين شركة تدعم الخزينة وتشغل الآلاف من أبناء الوطن.

مؤشر مورغان ستانلي عمره 53 عاما، ويضم أسواقاً من ثلاث وعشرين دولة تمثل عشرة بالمئة من القيمة السوقية للأسواق العالمية.

وتعتمد معايير الانضمام للمؤشر على السيولة وسهولة الاستثمار والشفافية، وتقود الصين 26% من أوزان المؤشر، تليها كوريا الجنوبية وتايوان وأربعة أسواق عربية هي السعودية ومصر والإمارات وقطر فضلا عن دخول الشركات الأردنية، وكم نتمنى أن تلحق شركات أردنية كبرى بذلك الركب بدل أن تخبئ عجزها بسلة التلميعات المدعومة.

إذاً كيف تحولت الفوسفات من حاضنة للبطالة المقنعة ومجلس ترفيهي للعديد من الشخصيات ومراكز القوى التمثيلية لفئات شعبية، فوق التسهيلات التي منحتها سابقا لأشخاص يتبادلون عقود البيع ويحققون أرباحا لا تحسب للشركة عن طريق وكلاء خارجيين، الى شركة قطعت يد المتسلطين وتوسعت في عمليات الانتاج والتعدين وفرض معايير فائقة المهنية للعزل ما بين تجار القطّاعي والمستثمرين الحقيقيين، وإدخال تكنولوجيا صناعية متطورة في عمليات الاستخراج والتنظيف وجلب استثمارات خارجية لشركات وازنة، بعدما كانت في السنوات السابقات مرتعا للكسل الوظيفي، والجواب هو الإدارة الحصيفة والوطنية التي كفت اليد عن السيطرة والتغول لصالح الوطن وأبناء الشركة التاريخية، وهذا ما حدث في غضون ثلاث سنوات إذ قلبت الإدارة العليا الخسائر الى أرباح هائلة، وهذا الفرق بين من يستطيع ومن لا يريد.

قد لا يعجب البعض أن نعود بالذاكرة الى المؤسسات الوطنية التي كانت روافع اقتصاد وبناء شكلت مظلة حماية لقواعد الدولة قبل دخولنا عهد السوق المفتوح ودخول الاستثمار الخارجي والداخلي الذي أنتج خروج مقدراتنا من حوزة الدولة الى جيوب كبار تجار الفرص العابرة للدول، فازدادوا ثراءً على حساب فقر الناس، ولم نحسب حساب عاديات الزمان، وللأسف لا تزال مؤسسات عامة تمارس ذات الخطيئة القديمة من خلال استجلاب مشغلين وشركاء باطنيين ليقوموا مقام الشركات الوطنية في قطاعات يستطيع أي مستثمر أردني أن ينافس بقوة كل أولئك المستوردين دون عمولات جانبية، ولكن العكس رأيناه في هروب رساميل اردنية وأصحابها الى دول قريبة منا وتوفرت لهم كل التسهيلات وكل ذلك على حساب غربتهم وعلى حساب الوطن المشغول بعدد إصابات كورونا.

قلنا سابقا، إن البقاء في سلة اللغو السياسي وإطعام الناس مرقة العظام المسلوقة ستكون آثاره مدمرة للصحة الاقتصادية، وتخلي الدولة عن منتجها في القطاعات الاقتصادية بانتظار ما يترتب عليها من عوائد ضريبية ستبقي الأردنيين في حالة العوز الدائم، والأصل أن تبقى هي الدافع والمدافع عن المؤسسات الإنتاجية لتقدم لها تسهيلات كي تنهض بقوة وترفد الخزينة أكثر وتشغل عدداً أكبر من المتعطلين وذوي الاختصاص، وهذا ما جرى للشركات الأردنية خارج حدود الوطن التي هاجرت برساميلها وتركت خلفها همَّ الأزمات المالية والتشغيلية.