الجهل وكورونا والموت اختناقاً


أنباء الوطن -

الدكتور منذر الحوارات

لم تستطع البشرية على مدى عمرها أن تخمن أي أشكال الموت أكثر قسوةً من الآخر، وللهروب من الإجابة لخصوا كل الموضوع بجملة واحدة «تعددت الأسباب والموت واحد». ذلك صحيح، لكنه أبداً لم يجٌب على التساؤل الرئيسي المتعلق بلحظة النهاية وماهية المعاناة فيها، لكن الكثير من المهتمين بهذا الأمر يجمعون بأن الاختناق هو أكثرها سوءا ومعاناةً، ففيه تستمر المعاناة مع الوعي بها حتى اللحظة الأخيرة، فماذا لو استمرت حالة الاختناق مع حالة من الوعي لمدة أسابيع؟ فأي شكل من الوجع والقهر يمكن أن يقاسيه الإنسان؟ هذا بالضبط ما يفعله فيروس كورونا، فالإصابة به تلقي داخل الرئتين بعشرات الآلاف من التكثفات تغلق التفرعات داخل الرئة على أشكالها وتجعلها غير قادرة على التقاط جرعة من الهواء، فيصاب الشخص المُبتلى بعطش شديد للأكسجين ويلهث خلفه لكن بدون جدوى، وفي النهاية تصاب الرئتان وعضلاتهما بالإجهاد والتعب فتصبحان غير قادرتين على الاستمرار، فيأتي دور الأجهزة فيختبئ وجه المريض وراء قناع يشد أزر رأسه، يحاول المسكين مقاومته لكن بلا جدوى، بعدها يسقط ضحية لحسابات الأجهزة، تالياً لذلك إما أن ينجو ويصبح رفيقاً للمعاناة لشهور لاحقة، أو يتوفاه الله وحيداً معزولاً حتى العزاء لا يستطيع الحصول عليه.