حوادث المرور في الاردن: خبرة وواقع


أنباء الوطن -

كتب : د. يوسف العلوني 

حوادث المرور في الاردن: خبرة وواقع.
ثلاثة حوادث مرور على طريق اربد في سنة واحدة

عالميا"، يلقى نحو مليون وربع شخص حتفهم سنوياً نتيجة حوادث المرور.

يتعرض ما بين ٢٠ - ٥٠ مليون شخص اخر لإصابات غير مميتة ويصاب العديد منهم بالعجز.

حوادث المرور هي السبب الأول لوفاة البالغين بين عمر ١٥- ٢٩ سنة.

٧٣% من وفيات حوادث المرور تقع بين الذكور الذين تقل أعمارهم عن ٢٥ عاماً.

الذكور يتسببون بحوادث المرور اكثر من الإناث عند مختلف مراحل العمر.

يؤدي استخدام حزام الأمان إلى الحد من مخاطر وفاة الركّاب بنسبة ٤٠- ٥٠%.

تتسبّب إصابات حوادث المرور في خسائر اقتصادية كبيرة ، من تكلفة العلاج وفقدان إنتاجية الأشخاص الذين يتوفون أو يُصابون بالعجز.

نسبة حوادث المرور وسببها وخطورتها ونتائجها تختلف بين دول العالم الأول ودول العالم الثالث ، البلدان المنخفضة الدخل تشهد نسبة كببرة في اعداد وفيات الحوادث المرورية رغم قلة المركبات مقارنة مع الدول الغنية المتقدمة ، مما يعني فقر وتخلف وموت.

هنالك ثلاثة عناصر لحصول اي حادث سير:
١. العنصر الثابت وهو نوع الطرق وتعرجها ومدى الرؤية الافقية واتساعها وما يحيط بها من صخور وأشجار ، ووجود التقاطعات الغير مدروسة وعدم وجود اللوحات الإرشادية للسائقين او ضيق الارصفة او عدم استقامتها ، ووجود الحفر ، واخيرا" عدم وجود اماكن للمشاة.
٢. العنصر المتحرك: وهو المركبة ، فسلامة المركبة وصلاحيتها وتوفر جميع وسائل السلامة والتكنولوجيا فيها يساعد في تقليل الحوادث المرورية.
٣. العنصر البشري: المتمثل في السائق صاحب الدور الرئيس في وقوع الحوادث ، فمؤهلات السائق التربوية والثقافية والتعليمية والعمرية وحالته الاجتماعية والنفسيه تلعب دوراً بارزاً في وقوع الحوادث المرورية.

٨٠ الى ٩٥ % من الحوادث المرورية في الاردن سببها العنصر البشري ، لذلك من الضروري التركيز على التوعية والتثقيف والتعليم لتصبح السلامة المرورية ثقافة مجتمعية عامة.

كلنا في الاردن نعرف أن هناك فرق بين الحضرية والتحضر والشطارة والتشطر ، ومن هنا تكون النظرة لمن يقوم بالمخالفات المرورية ومن يبتعد عنها ، وكيف تشكل الثقافة الشخصية والمجتمعيه ضابطاً لسلوك الفرد دون الحاجة إلى وجود رقيب او حسيب.

المشكلة في الاردن ان لكل شخص من برجه نصيب ، حيث ان مواليد برج الكلب كثيرون ، والتشطر عندنا اصبح ثقافة تميز البعض ، وبدأت تظهر كممارسة طبيعية. وفي هذة الايام صارت إرثا" للاغبياء والحمقى حيث يتناقلونها من جيل إلى اخر ، لذلك يجب ان يضع القانون حدا" لاي تجاوزات من خلال تثقيف المجتمع وفرض عقوبات رادعة ، حيث نبدأ نحترم ونقدر من يلتزم بقانون واداب المرور ونستقبح الافعال التي تضر بالمال والارواح والوطن.

الحوادث المرورية الجسيمة تحدث عادة" بسبب السرعة الزائدة ،و عدم الالتزام بمسارات الطريق. والانحراف المفاجئ ، و تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء ، وعدم ترك مسافة كافية بين المركبات ، وقد تحدث ايضا" بسبب دخول طريق رئيسة دون التأكد من خلوها ،او انفجار الإطارات ،او إهمال أنظمة السلامة والأمان (مثل حزام الأمان ومقاعد الأطفال) ،او تشتت الانتباه (كتناول الطعام، والشراب، وتغيير قنوات المذياع او استخدام الهواتف المحمولة اثناء القيادة) ، او عدم توفُّر بُنيةٍ تحتيّةٍ آمنة (مثل الحواجز الموجودة على جوانب الطريق والإشارات الإرشادية والتحذيرية) ،و قد تحدث بسبب المركبات غير الآمنة والغير مُزوَّدة بأنظمة السلامة والأمان ، وقد يكون اهم الاسباب هو عدم وجود المخالفات المرورية الرادعة وغياب سلطة القانون او عدم القدرة على تنفيذه.

هناك أسباب لحوادث المرور التي تتكرر يوميا" ويجب الانتباه لها:
١. الخلافات مع الزوجة: احرص على عدم القيادة اذا كنت على خلاف مع زوجتك لانك ستكون بحالة مزاجية سيئة جداً الامر الذي يدفعك الى القيام بأمور متهورة أثناء القيادة.

٢. ركوب شخص بجانبك أثناء القيادة (وممكن ان تكون الزوجة) ويبدأ باعطاء النصائح والتنبيهات دون توقف مما يؤثر بشكل عكسي على نفسية السائق ويشعره بالتوتر وذلك يزيد من احتمالية حصول الحوادث المرورية والاجتماعية.

٣. العطس: أظهرت دراسة بريطانية صادرة في عام ٢٠١٥ أن ٢ مليون شخص لا يستطيعون التحكم بانفسهم عندما تباغتهم العطسة اثناء القيادة.

٤. الصوت المرتفع : معظم الشبان يقومون برفع صوت الموسيقى أثناء القيادة وهذا يفقد السائق الكثير من تركيزه اضافة الى عدم قدرته على سماع ما يحصل في الخارج. كما أن ارتفاع الصوت قد يجعل السائق متأثراً ومندمجا" مع الموسيقى التي يسمعها مما يشتت انتباهه وتركيزه.

يحب ان تاتي السلامة المرورية ضمن الأولويات الاستراتيجية في الاردن وعمل الخطط الهادفة للحفاظ على الإنسان ووقايته من الحوادث المرورية وما ينتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية وخسائر في الأرواح ، باعتبار أن الإنسان هو أغلى ما نملك.

يحب وضع سياسات تهدف إلى نشر وترسيخ مفاهيم السلامة المرورية، ترتكز في المقام الأول على طلبة المدارس والجامعات والشباب ، وإدراج مناهج تعليمية خاصة بالسلامة المرورية في جميع المراحل التعليمية دون استثناء ، بحيث ينشأ الطلبة في بيئة تحترم الثقافة المرورية وتؤمن بالوقاية من حوادث الطرق.

القيادة فن وذوق وأخلاق ، لذلك يجب تأهيل السائقين مهنيا" وادبيا" وسلوكيا" ، وتطوير المهارات لديهم ، ورفع مستوى الكفاءة بينهم ، وإكسابهم الخبرة الكافية ، والمهارة اللازمة لتحمُّل مسؤولية القيادة وسلامة مستخدمي الطريق.

يجب استخدام التكنولوجيا للوقاية من حوادث السير مثل إرسال رسائل نصية تحذيريّةٍ لما يحدث في الطرقات ومدى الازدحام او وجود تغيرات بالطريق او وجود انزلاقات وكذلك نشر كاميرات المراقبة والرادارات المتطورة على كافة الطرق الرئيسية مما يتيح متابعة حالة الحركة المرورية على مدار الساعة واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من ظاهرة الازدحام المروري ومخالفة السائقين غير الملتزمين بقواعد السير والمرور.

يجب تدريب افراد الشرطة للعمل على تنظيم المرور بشكل صحيح دون مزاجية او تسلط على مستخدمي الطرق، وعدم عرقلة سير المركبات بحجة تطبيق القانون وادامة الامن والتفتيش لاحتمال وجود مجرمين ، والنتيجة تكون ازدحام مروري واحتمال حوادث تودي بحياة الأبرياء ، وعدم القبض على المجرمين الموجودين في اماكن اخرى.

المسار الأيسر في الشوارع مخصص للسيارات التي تسير بالحد الأعلى للسرعات ويستخدم للتجاوز ومركبات الطوارئ ، ومن الطبيعي قيادة المركبة في المسرب الاوسط والمسرب الايمن من الطريق، ولكن هناك فئة من السائقين يصر على استخدام هذا المسار حتى لو كان يسير ببطئ ، مما يؤدي إلى عرقلة حركة السير وحدوث اختناقات مرورية ، واحيانا يسبب ذلك سباقاً" وتهوراً" وتنافساً" بين السائقين على أولوية السير فيه ، مما يدفع بعضهم إلى التجاوز عن يمين المركبات التي تسير بسرعات بطيئة على المسرب الايسر ، أو السير خلفها مباشرة دون ترك مسافة امان كافية. وهذه من أكثر المخالفات التي تسبب حوادث مرورية مما يعرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر.

سائقو التاكسي الاصفر في الاردن يتواجدون بكثرة في الطرقات ، ولا يلتزمون بمواقف خاصة لهم ، وليس هنالك قانون مطبق في الاردن ينظم حركتهم كما هو الحال في كل دول العالم ، مما يزيد من الازدحام في الطريق ، وكل سائق تكسي له مزاجه وثقافته وسلوكياته وسماته الشخصية ، والكثير منهم لا يحترم أصول القيادة ولا يتقيد بقواعد السير وأخلاقيات واداب المرور ، ولذلك تزايدت في الفترة الأخيرة تجاوزات ومخالفات سائقي سيارات التاكسي ، والتي تشمل التجاوزعن اليمين ، والسرعة الجنونية ، والوقوف المفاجئ دون إنذار ، وعمل المشاجرات واساءة الادب مع مستخدمي الطريق من السيارات الاخرى والركاب والمشاة ، لذلك يجب تشديد الرقابة عليهم من قبل دوريات المرور حيث إن الكثير من الحوادث اصبحت تقع بسبب هذه السيارات التي يقودها بعض السائقين المتهورين دون اكتراث للاخرين او للقانون متجاوزين السرعات المقررة على الطرق والتهور في القيادة التي باتت سمة لهم وكأنهم يسيرون وحدهم على الطريق خصوصا" في غياب العقوبات الرادعة وفي غياب تطبيق القانون والإجراءات المرورية اللازمة.

سائقو حافلات المدارس الذين لا يلتزمون باصول القيادة واحترام حقوق الاخرين بحجة انهم يسوقون باصات مدرسية ويطالبون الاخرين بالالتزام بما لا يلتزمون هم فيه من اداب الطريق ، ففي الآونة الأخيرة شهدنا العديد من الحوادث كانت حافلات نقل طلاب مدارس طرفا" فيها من دهس او اصطدام او تدهور او اصابة للطلاب خلال النزول من الباص او حتى وهم داخل الباص.
لذلك يجب على الجهات المعنية التشديد على شروط ومواصفات من يعمل سائق لحافلات نقل الطلبة في المدارس لضمان عدم تهديد حياة الاطفال الأبرياء والمستخدمين الاخرين للطريق ، لانه ومن الملاحظة اليومية تبين ان هناك سائقين لا يتقيدون بأولويات المرور ، ولا بالسرعات المقررة ولا يلتزمون بالمسرب ، ويلجأون الى التوقف بعرض الشارع لتنزيل الطلبة دون مراعاة اولويات المرور.

حافلات النقل المتوسطة (الكوستر) لنقل الركاب ، لا شك انك كل يوم تشاهد سائق حافلة نقل ركاب متوسطة وهذا في كل محافظات المملكة وخاصة " في عمان يقود الحافلة بسرعة وبطيش وإهمال ولا يلتزم بالمسرب ولا اي قانون سير ولا تهمه اداب الطريق ولا امان السيارات الاخرى معرضا" حياته وحياة الركاب وكل من يسير على الطريق للخطر ، ويكون التمادي بازدياد كلما غابت العقوبات الرادعة وضعفت الرقابة المرورية ولم تستمر المتابعة الكافية لتطبيق القانون ، وممكن وانت تسير بجانب هذا النوع من الباصات ان تتعرض لشتيمة لفظية او قد تتعرض لتهجم. وربما يعترض احدهم طريقك و قد تتعرض سيارتك للاصطدام ، والحل الامثل للتخلص من هذا الموقف هوالانسحاب اوالاتصال برجال الشرطة الذين لن يعملوا لك شيئا" ، ولكن انت بذلك تكون قد عملت شيئا" وخففت من الضغط النفسي الذي تعرضت له ، ولو كان ذلك دون جدوى كما هو الحال في معظم الاحيان.

في الاردن وفي بعض المجتمعات تحديدا"، هنالك تقليد واجحاف وتطرف اثناء الاحتفال بالمناسبات والافراح من قبل بعض العائلات. حيث يقومون احيانا" بإطلاق العيارات النارية او بالسير في الطريق بتهور واغلاق جميع المسارب وخروج بعض الأشخاص والاطفال من خلال فتحات السيارات وذلك فيه تجاوز للقانون وتعدي على حريات الاخرين ، وقد يؤدي ذلك الى الازدحام في الطريق ووقوع الحوادث وتهديد الارواح ، وممكن ان تحدث ازعاجات كبيرة ومشاجرات تنتهي بالقتل ومصائب وخيمة.

هنالك الكثير من سائقي المركبات الذين لا تزال ادمغتهم وافكارهم مرتبطة بقيادة الحمار ، حيث لم تكن تحدث حوادث مرورية عندما كان الحمار هو المركوبة ويشارك بالقيادة ، لاسيما وان الحمار يتميز بمواصفات عديدة من انتباه اكثر ، وعدم التهور عند القيادة ، ويمشي عادة" بطريق مستقيم ، ويتوقف عند اللزوم ، ويغيير المسرب فقط عند الحاجة ، ويساعد بالسيطرة في الأحوال الجوية الصعبة ، ويعارض من يقوده في حالة الخطر ، ويبتعد عن مسير الآخرين ، الان والسائق يسوق السيارة الصماء التي تعتمد على شخصية وذكاء السائق وتسير فقط كما هو يريد ، فقدنا حنكة وحكمة واستقامة وصدق وفن وذوق وادب الحمار ، مما ادى الى زيادة واضحة في الحوادث المرورية والمشاجرات بسبب التعدي من السائق البشري على حقوق الاخرين ، رحم الله ايام الحمير والتي اثبتت لنا صحة المثل الذي يقول "ما بتعرف خيري غير تاتجرب غيري"

يجب على السائقين ومستخدمي الطرق أخذ الحيطة والحذر ، خاصة خلال فترة التقلبات الجوية والالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة للسير والمرور ، وتنفيذ خطط استباقية خلال الأحوال الجوية المتغيرة.

يجب تطبيق العقوبات الرادعة في قانون السير حيث لم نسمع يوما" في الاردن أن أحد السائقين الذين يرتكبون المجازر على طرقنا قد دفع مخالفة مالية كبيرة او سحبت منه رخصة القيادة أو حكم عليه بالسجن لأن قانون السير عندنا ضعيف ومكسور ظهره ومن السهل تجاوزه وعدم تطبيقه.

يجب اعادة تفعيل قانون النقاط التراكمية لمجموعة المخالفات التي يرتكبها السائق ، حيث يتم احتساب عدد نقاط مخالفات السائق وإلزامه بحضور دورات تعليم السواقة وتأهيلة من جديد للقيادة على أسس سليمة ، وكذلك عرض السائق على طبيب نفسي واخضاعه لدورات وعلاج سلوكي ونفسي ، وبعدها يكون العقاب غرامات مالية كبيرة ، وسحب رخصة السائق ، وحجز المركبة ، واخيرا" ممكن وضع السائق بالسجن حفاظا على سلامته وسلامة الاخرين وايقاف ضياع الوقت وهدر المال وبذلك نطبق مبدأ،(لا ضرر ولا ضرار) .

د يوسف العجلوني