إجازة العيد الطويلة .. هل كانت شحنة للعمل والعطاء؟
من الصعب أن تكون فكرة العودة إلى العمل بعد أخذ فترة من الاستراحة طويلة، أمراً محفزاً، فأحياناً ما يتسلل شعور بالخوف من العودة إلى العمل إلى المرء أثناء قضاء عطلته، فيما يشعر الإنسان بشيء من الكسل عند عودته إلى العمل بعد فترة إجازة ممتعة ومسلية قضاها مع الأصدقاء والعائلة، هذا الكسل الذي قد ينعكس سلباً على نفسيته وقدرته على استكمال أعماله بشكلٍ دقيق وناجح، وبغض النظر عن مدى الراحة التي يحظى بها المرء خلال وقت إجازته، في كثير من الأحيان، يبدو أن جميع التأثيرات الإيجابية تختفي في غضون أسبوع أو أقل، حيث يصاب الموظفون بمتلازمة ما بعد قضاء العطلات عندما يشعرون بتقلب في حالتهم المزاجية بعد أن يعودوا إلى العمل مباشرة، كما يتراجع أداؤهم أيضاً، ويتعين على المرء اختيار مهامه بعناية حتى لا يجد نفسه غارقاً في حالة من التوتر فجأة.
ويعود الكثير منا من الإجازات سواء إجازات أعياد أو إجازات عمل أو إجازات ترفيه وسياحة بروح ضجرة، ومزاج معكر، وكأنه لم يعد من فترة راحة، ومن المنتظر أن تكون الإجازة قامت بالمهمة المطلوبة لها من ترفيه الموظف واستعادة نشاطه في العمل عند عودته، ويقول علماء النفس إن هذا ناتج عن وجود شعور نفسي بامتداد زمن الإجازة إلى ما بعد انتهائها، مما يجعل النفس والفكر والروح في حالة إجازة، واستطعام لما سبق من أيام، بينما العقل والجسد والواقع في حالة عمل، وهذا الاضطراب، يؤدي إلى الحالة المضطربة وغير المستقرة التي يشعر بها المسافر الذي عاد توا من إجازته، ويقول الخبراء أيضا إن هذه الفترة صعبة، وقد تؤدي إلى كراهية للعمل، لأن الموظف يكون في فترة غير منتجة في أيامه الأولى من العودة من الإجازة، وهذا يؤثر عليه، ويزيد في أعبائه العملية والنفسية أيضا، فيما كثرة تفكير الشخص فى العودة إلى العمل بعد الإجازة قد يكون أصعب من العودة إلى العمل نفسه، وقد يمنعه ذلك من الاستمتاع بفترة إجازته وقضائها بالشكل الأمثل؛ حيث إن الشخص عندما يتذكر طبيعة العمل التي تتصف بالروتين والمشكلات يصاب بحالة من الإحباط وتصبح حالته المزاجية سيئة، وعليه يجب الابتعاد عن أصحاب الطاقة السلبية يجب تجنب التواجد مع الأشخاص الذين يتصفون بالطاقة السلبية والإحباط بصفة عامة، ومحاولة الابتعاد عنهم قدر الإمكان لتجنب الإصابة بالاكتئاب من خلال أحاديثهم أو الجلوس معهم.
العودة للعمل
بدوره يقول الخبير الاجتماعي مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان: يعود صباح اليوم الموظفون والعاملون إلى أماكن عملهم كما يعود طلبة المدارس والجامعات إلى مقاعد الدراسة بعد عطلة العيد التي استمرت لتسعة أيام عند الغالبية من الموظفين والعاملين، وهي إجازة جاءت بعد شهر رمضان المبارك واحتفاء بعيد الفطر السعيد وسبقها يوم عطلة بمناسبة الأول من أيار «عيد العمال»، واستئناف العمل يعني العودة إلى الانتاج والإنجاز وفي ذلك مصلحة للجميع، فقيمة الحياة تكون بمقدار الإنجاز وتحقيق الأهداف وهو ما يحقق تقدم الأمم والشعوب.
ونوه سرحان: بأن كثيرا من الأشخاص عندهم العطلة تعني توقف الدخل لديهم، وهم الذين يعتمدون على العمل اليومي أو إن طبيعة عملهم تتوقف على عمل القطاعات الأخرى، وهؤلاء في الأغلب لا يفضلون أن تكون أيام العطل المتتالية طويلة خصوصاً إنه خلال هذه الأيام لا تتوقف النفقات لديهم بل ربما تزيد كما في مناسبة العيد.
ويضيف سرحان: إجازة العيد كانت فرصة جيدة للاستراحة عند الكثيرين والخروج عن روتين العمل وربما استثمرها كثيرون أيضاً في التواصل الاجتماعي وصلة الرحم والخروج مع الأسرة والعائلة إلى أماكن التنزه والترفيه وهي حاجة ضرورية للإنسان، فيما العودة للعمل بعد هذه الإجازة تعطي البعض دافعية أكثر للعمل والانتاج خصوصاً أصحاب المصالح الخاصة الذي لديهم حاجة أكبر لتعويض ما فاتهم خلال الأيام الماضية.
ويقول سرحان: خلال أيام الإجازة اعتاد الغالبية على السهر لساعات متأخرة من الليل والاستيقاظ متأخراً مما يعني أنهم بحاجة إلى إعادة ترتيب جزء من أوقاتهم لتتناسب مع ظرف العمل وهي مهمة ليست بالسهلة عند البعض، ومما قد يدفعه إلى التأخر عن العمل في الصباح لعدة أيام أو العمل متكاسلاً مما سيؤثر على نفسيته وانتاجه.
ويؤكد سرحان قائلا: قد يشعر زملاؤه بذلك بل حتى من يتعامل معهم من المراجعين أو متلقي الخدمة وقد يسبب تأخيراً في مصالحهم، أو ان يتم التعامل معهم بطريقة ليست مناسبة، مع ان الأصل هو أن لهؤلاء حقوقا وعلى الموظف واجبات وإن الأمانة تقتضي أن يقوم اشخاص بمسؤولياته كاملة دون تأجيل أو تسويق وبأسلوب مناسب، وللأسف هناك من اعتاد ان اليوم الأول من العمل يعني أنه يوم للقاء زملاء العمل والحديث حول أيام العيد والاجازة وتبادل الحكايات وسرد تفاصيل ما قام به كل واحد منهم في تلك الأيام وانه يوم «مكمل» لأيام العطلة أو الإجازة وليس من حق احد أن يناقشه في ذلك أو أن يطلب منه انجاز عمل ما في ذلك اليوم.
ويوضح سرحان قائلا: هذا العام لاول مرة منذ أعوام يواصل الطلبة دراستهم بعد إجازة العيد وتقديم غالبيتهم للامتحانات مما يعني أنهم استعدوا لذلك خلال الأيام الماضية، وهذه ربما كانت مهمة صعبة عند الكثير من الطلبة والأهالي باعتبار أن أجواء العيد والزيارات وعدم القدرة على تنظيم الوقت لا تساعد على ذلك بالنسبة لهم، وهنا تبرز الحاجة الدائمة إلى ضرورة اتقان الجميع للتخطيط وإدارة الوقت وتنظيمه وأن يتفهم الجميع ان للآخرين حاجات وظروفا قد تختلف عن حاجاته وظروفه وأن يدرك أولياء الأمور أهمية تدريب الأبناء على مهارات إدارة الوقت والتخطيط منذ الصغر.
ويشرح سرحان: في اليوم الأول من العمل يتبادل زملاء العمل التهاني بالعيد ويمكن للمسؤول الأول في المؤسسة ان يخصص وقتاً محدداً يجتمع فيه الجميع لتبادل التهاني بالعيد أو على شكل مجموعات بما يتناسب وطبيعة العمل ودون أن يؤثر ذلك على حقوق المراجعين او متلقي الخدمة.
ويقترح سرحان: لتبادل التهاني بالعيد يمكن أن تنظم المؤسسة احتفالًا لتبادل التهاني يشارك فيه الجميع؛ لما لذلك من آثار إيجابية كبيرة لتمتين العلاقات بين الزملاء «مجتمع العمل» جزء من المجتمع الأردني وقوة علاقاته الاجتماعية سينعكس إيجابياً على المؤسسة وعلى المجتمع عموماً، وكلما زادت العلاقات قوة وتعامل الجميع مع بعضهم البعض «كأسرة» واحدة، زادت المحبة والألفة والتعاون والعمل بروح الفريق، وهو مصلحة للموظف والمسؤول وصاحب العمل والمجتمع عموماً.