بلال حسن التل يكتب… احذروا الاختراق الأمني
تعمدت التريث قبل المساهمة بالجدل الدائر حول واقعة انتهاك حرمة دارة الشهيد وصفي التل ومتحفه، حتى لايقال أن أقرباء الرجل هم الذين يتصدون للدفاع عن تراثه، فأنا من المؤمنين بأن وصفي ليس ملكا لأشقائه ولا لعشيرته ،فقد صار رمزاً وطنياً عليه إجماع ليس له مثيل،وهو قبل ذلك جزء لا يتجزأ من تاريخ الأردن وفلسطين ،ولذلك فإن الدفاع عن تراثه مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع،وهو ما ثبتت صحته من خلال كم ما كتب من بيانات ومقالات نشرت في الصحف، بالإضافة إلى المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي استنكارا لواقعة انتهاك حرمة دارته ومتحفه، واستغلاله لتصوير مسلسلات تلفزيونيه لا علاقة لها بالشهيد وتاريخه.
ماجرى في متحف وصفي التل يشكل واقعة ذات دلالات خطيرة، أول هذه الدلالات أنها وقعت لدوافع مالية، فالتحقيقات الأولية والشواهد تشير إلى أن مجموعة من موظفي أمانةعمان ممن لهم علاقة وظيفية بشكل أو آخر بمتحف الشهيد هم من أساؤوا استعماله سواء بتأجيره، أو من خلال الفيام داخله بتصرفات غير أخلاقية إلى الدرجة التي سمحت بإدخال المشروبات الكحولية ومعاقرتها داخل المتحف، وهو سلوك يؤشر إلى مدى تغلغل ثقافة كسب المال بأي وسيلة في مجتمعنا وسيطرة هذه الثقافة عليه، وبالتالي بروز آثارها السلبية في مجتمعنا، وأول هذه الآثار انتشار الرشوة في مجتمعنا مرورا بالبلطجة، وصولا إلى أخطر نتائج انتشارا هذهِ الثقافة وهي تسهيل عمليات الاختراق الأمني للأردن التي بدأت تبرز الكثير من مؤشراته في أكثر من وسط أردني، مما يستوجب الانتباه لهذا الخطر،ومعالجته واجتثاث أسبابه قبل اتساع الرتق على الراتق.
ثاني الدلائل من واقعة انتهاك حرمة متحف الشهيد ،هي الحجم الذي وصل إليه الاستهتار بمشاعر الأردنيين وتحدي هذه المشاعر،وأخطر من هذا التحدي هو إدارة الظهر للرأي العام الأردني،لتأتي واقعة انتهاك حرمة متحف الشهيد وصفي التل عنوانا لهذا الاستهتار بالراي العام الأردني ومشاعره، نظرا للمكانة الكبيرة التي يشغلها وصفي في وجدان الأردنيين وحسهم الوطني.
الدلالة الثالثة الخطيرة لهذه الواقعة، أنها تقدم دليلا صارخا على حجم سيطرة اللامبالاة على سلوك شرائح متناميه من أبناء مجتمعنا ،الذين صاروا لايبالون بمشاعر أو رموز أوقيم أو تقاليد،وهي لامبالاة امتدت إلى سائر دوائر الدولة ومؤسساتها نتج عنها الترهل الإداري وغياب الإنتاجية،اللذين يسببان معاناة يومية للمواطنين تصل إلى درجة الإذلال في الكثير من الدوائر والمؤسسات الحكومية.
دلالة أخرى لهذه الواقعة هي أنها تؤشر إلى غياب الثقافة والتربية الوطنية عن كل مؤسسات التنشئة في بلدنا،مما يعني أننا سنشهد المزيد من التطاول على رموزنا مالم نأخذ أمورنا على محمل الجد