نقل رئاسة مجلس إدارة الضمان من وزير العمل إلى وزير الصناعة.. تقهقر لا تطوّر..
تقترح خطة تحديث القطاع العام إلغاء وزارة العمل وتوزيع مهامها ومسؤولياتها على عدد من الوزارات والمؤسسات، وتبعاً لذلك وحيث ينص قانون الضمان الاجتماعي على أن وزير العمل بحكم منصبه يرأس مجلس إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، فإن التحديث المقرّر في الخطة يقترح أن تُنقَل رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الضمان إلى وزير الصناعة والتجارة والتموين..!
أصحاب الاقتراح وقعوا في خطأين كبيرين الأول التوصية بإلغاء أهم وزارة تمثل مظلة الحماية القانونية الوحيدة للعمال، وبإلغائها يصبح العمال وحقوقهم في مهب ريح الكثير من أصحاب العمل ما يعزز نهجاً ليبرالياً متسلّطاً سيؤدي حتماً للإضرار بقوى الإنتاج، والخطأ الثاني هو تعزيز للخطأ القائم حالياً بل بما هو أكبر منه وذلك بإسناد رئاسة مجلس إدارة مؤسسة الضمان لوزير الصناعة والتجارة والتموين.. بل لأي وزير أساساً..!
أما إذا كان ولا بد فإن الأقرب هو وزير العمل كما هو الوضع الحالي كونه يمثل معادلة الانتاج ما بين العامل وصاحب العمل، والضمان هو جزء من هذه المعادلة، لا بل هو الحماية المشتركة للجانبين في إطار منظومة التأمينات الاجتماعية التي يقوم على تطبيقها..!
على أية حال، إن استقلالية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مالياً وإدارياً وفقاً لما نص عليه قانون الضمان وكونها ليست مؤسسة حكومية تفرض نوعاً من الحاكمية الرشيدة في بنية تنظيمها وهيكلها الإداري، بعيداً عن الهيمنة الحكومية والتدخل الحكومي أنّى كان، ولكن مع ضمان الضبط التنظيمي والرقابي المُحكَم لها، وبما يحدد المسؤوليات والمهام تحديداً دقيقاً واضحاً، ولهذا كان من بين المقترحات التي قُدّمت في مراحل سابقة لإعادة هيكلة المؤسسة وتصويب حاكميتها أن يرأس مجلس إدارتها شخص برتبة "مُحافظ" على شاكلة محافظ البنك المركزي، يطلق عليه محافظ المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يكون هو المسؤول الأول عن كافة أعمالها ومهامها وشؤونها الإدارية والمالية والتأمينية والاستثمارية وعن إنفاذها للقانون أمام كافة المراجع العليا في الدولة ولا سيما أمام مجلس الأمة، ويكون لهذا المحافظ نائبان اثنان فقط؛ أحدهما لشؤون التأمينات، والثاني لشؤون الاستثمارات..!
كنت أتمنى لو أن المكلفين بوضع خطة تحديث القطاع العام وتطويرة فكّروا بهذه المسألة، لكانوا قدّموا خدمة عظيمة للعمال ولأصحاب العمل وللاقتصاد الوطني، ولكنّا وصلنا إلى درجة أفضل من الحاكمية الرشيدة لهذه المؤسسة التي تكبر شيئاً فشيئاً ويتعاظم دورها ومسؤولياتها كل يوم، وتتعلق بها وبمستقبلها عيون الأردنيين كحاضنة اجتماعية كبرى تُحافظ على حقوقهم وتضمن مستقبلهم وكرامة عيشهم وطُمَانينتهم..!
أما كان هذا أفضل من أن تُدار المؤسسة بخمسة رؤوس كما هو الوضع الحالي:
١) رئيس مجلس إدارة المؤسسة.
٢) مدير عام المؤسسة.
٣) رئيس صندوق استثمار أموال الضمان.
٤) رئيس مجلس استثمار أموال الضمان.
٥) رئيس مجلس تأمينات الضمان.