لماذا لا تتولى المرأة الأردنية رئاسة الحكومة؟


أنباء الوطن -

 

الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس

أعتقدُ جازماً انهُ لا يوجد أية خصائص سيكولوجية لدى المرأة الأردنية تمنع من أن تتولى منصب رئاسة الحكومة, فمنذُ عهد إمارة شرق الأردن عام 1921م وخلال المائة عام الماضية تشكل نحو 102 حكومة, تولى خلالها 43 رئيس وزراء آخذين بعين الاعتبار تكرار البعض منهم, ومع هذا الكم الكبير لم تشهد الساحة الأردنية أن تولت المرأة الأردنية رئاسة الحكومة على الاطلاق!

وهناك دعوة مجتمعية صامتة تسعى إلى اختيار أحدى النساء الأردنيات لتولي منصب رئاسة الحكومة, ولتكون أول أمرأه أردنية تتولى منصب رئاسة الحكومة, وذلك ليس لقلة الرجال إنما للتنويع ولمشاركة النصف الآخر في العمل السياسي العام, فالمرأة الأردنية مؤهلة فنيا وإداريا لتولي مناصب عليا في الدولة, وقد أثبتت نجاحاً كبيراً في ذلك, وهنا يمكن لنا أن نطرح السؤال الآتي: لماذا لا تتولى المرأة الأردنية رئاسة الحكومة؟

لا شك أنه لدينا نساء في الأردن تمتلك الكثير من الخبرات الجيدة تلك التي تمكنها القيام بمنصب رئاسة الحكومة, فالمرأة الأردنية على مر العقود الماضية قطعت شوطاً طويلاً في العمل الإداري وتميزت به, إضافة إلى حصول الكثير منهن على المؤهلات العلمية العليا كالماجستير والدكتوراه في كافة التخصصات.       

   أن تجارب العالم غنية جداً في تولي المرأة رئاسة الحكومة, فهناك نساء تولين رئاسة الوزراء ونجحن بذلك, ففي ألمانيا مثلاً انتخبت أنجيلا ميركل في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، مستشارة لألمانيا لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد, وفي كوريا الجنوبية عيّنت هان ميونغ سوك في مارس/آذار 2006 رئيسة للوزراء للمرة الأولى في تاريخ البلاد, وفي موزمبيق تولّت لويزا ديوغو رئاسة الوزراء منذ فبراير/شباط 2004, وفي نيوزيلندا خلفت هيلين كلارك في ديسمبر/كانون الأول 1999 على رأس الحكومة جيني شيبلي التي كانت أول رئيسة للوزراء في هذا البلد.

ومن الأسماء التي تولت فيها المرأة منصب رئاسة الحكومة في كثير من الدول: (ماغدالينا أندرسون) رئيسة الوزراء الأولى في تاريخ السويد, و(تيريزا ماي) رئيسة وزراء بريطانيا، و(إليزابيث بورن) رئيسة الوزراء الفرنسي, و(أنديرا غاندي) رئيسة وزراء الهند, و(مته فريدريكسن) رئيس وزراء الدنمارك, و(كوليندا غرابار) رئيسة كرواتيا، و(إرنا سولبيرغ)  رئيسة وزراء النرويج, ...والقائمة تطول وتطول في هذا المجال.

لاشك أن المجتمع الأردني اليوم مهيأ ثقافياً واجتماعياً لأن تتسلم المرأة الأردنية رئاسة الحكومة, وأن ثقافة الممانعة لدى المجتمع باتت منعدمة في هذا الإطار, وأن الطبقة المثقفة في المجتمع الأردني أصبحت تدرك تماماً أن قدرة المرأة على الإدارة عالية جداً, وأن هناك دراسات أظهرت تفوق المرأة على الرجل في جوانب معينة عديدة كان من أبرزها الإدارة وما يربط بها من عمل إداري.

دائرة دخول المرأة على هذا المنصب عالمياً آخذه بالتوسع, وأن سلالم التقدير لأداء المرأة في موقع رئاسة الحكومة أعطت نتائج عالية مقارنة بالرجال وبالذات في القدرة على التخطيط والتنفيذ المزمّن, وفي القدرة على اختيارهن لأعضاء الفريق الوزاري, ويبدو أن التدرج في تأهيل المرأة لهذا المنصب في كثير من دول العالم كان له الأثر الأكبر في ذلك, ومن القرارات الملفتة للنظر والتي اتخذتها المرأة في موقع رئاسة الحكومة ونجحن به هو تخفيض عدد الوزارات, واختصار الإجراءات الحكومية, وتفعيل جداول المتابعات الشهرية للمؤسسات, ومتابعة برامج التأهيل المهني لجميع قطاعات الدولة, وتشكيل لجان فاعلة في كل من (التغير المناخي) و(الامن الغذائي), و(تمهين الشباب) حسب سوق العمل.

وبعد..

إن ثقافة عدم قدرة المرأة الأردنية على أن تتولى منصب رئاسة الحكومة ثقافة أكل عليها الدهر وشرب, وأنه لا يوجد لدينا اليوم ما يمنع من أن تتولي المرأة الأردنية رئاسة الحكومة, وهناك أسماء كثيرة مؤهلة لذلك.