إغتيال وزيرة الثقافة هيفاء النجار!
حجم التنمّر في وسائل التواصل الاجتماعي كارثي، لا يمكن لعاقل يقرأ ويشاهد سيل الشتائم والقذف في المحرمات والاستقواء على شخصيات محترمة مؤدبة وأن يبقى صامتا.
وزيرة الثقافة، (أنشط وزراء الحكومة) الشخصية التعليمية المتنورة المثقفة، مديرة مدارس ثقيلة ونوعية لسنوات الدكتورة هيفاء النجار تنفتح عليها أصوات تهدر هدرا، تصل إلى المطالبة باستقالتها بعد حملات واسعة وتجييش غير مبرر، لأن زميل كاتب ساخر أحمد حسن الزعبي كان ضمن متحدثين في ندوة في معرض الكتاب يُمنع من الحديث.
طبعا؛ معظم المهاجمين ورؤوس الحِراب في الهجمة الشرسة يعلمون جيدا أن المنع والرفض لا يأت أبدا من قبل وزيرة الثقافة ولا وزير الأوقاف، ويعرفون جيدا الجهات التي تمنع وتسمح، فَلِمَ يتجرأون على مهاجمتها، ويستسهلون الهجوم على الوزيرة المهذبة.
كأنها حملة منظمة ممنهجة، فَلَمْ يكتفِ هؤلاء المتنمرون بهذا الموضوع، بل افتروا على لسان الوزيرة مصطلح ” أقليات“ خلال افتتاحها مهرجان التنوع الثقافي الذي أقيم الجمعة في مدينة ام قيس بمشاركة عدد من مؤسسات المجتمع المدني الأردني، كما لم ترد المفردة على أي من المنصات الاجتماعية أو البيانات أو الأخبار أو المراسلات الصادرة عن الوزارة، فبدأ الهجوم المنظم عليها من دون مراجعة وتدقيق.
عقلية النجار تقدمية ديمقراطية ليست مع المنع والحجب أبدا، وليست من جماعة الحديث عن الأقليات ومظلوميتهم، بل تتحدث دائما عن “حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي لإظهار جماليات النسيج الاجتماعي الذي يحمل ثقافات متنوعة في الأردن. وأن “ركائز صمودنا الوطني تتمثل في هذا التنوع الذي يعكس سرديتنا الوطنية الأردنية التي تتجلى في النسيج الوطني وشكل الهُوية الوطنية المبنية على قيم التعدد والتنوع.
جولة بسيطة في مواقع التواصل الاجتماعي تصيبك بالغثيان، بسبب تعليقات بعض المشتركين الهابطة، الذين يحملون سيوفهم الخشبية في وسائل الإعلام الحديثة، ويمارسون أبشع صنوف الحقد والكراهية واللغة البذيئة، لا بل وصل المستوى في اللغة إلى هبوط لا يمكن معالجته إلا بالبتر وكشط الأوساخ من عقول عفنة، مُلفّعة بالبؤس والعتمة والضلال والسوء.
تقرأ تعليقات وعبارات سوقية، تستغرب من أي مستوى بائس خرِب خرج أصحابها، ومن أية منظومة أخلاق ينضحون كل هذا العفن، وتحزن على حالنا نحن الذين نؤمن بحرية الرأي والتعبير وحق الآخر في إبداء رأيه مهما اختلفت معه، لتكتشف ألا علاقة بين حرية الرأي وما ينشر في هذه الوسائل، حتى يدفعك هؤلاء إلى التشكيك في أصل وجود هذه الوسائل، والهدف من فتحها للعامة من دون أية رقابة قانونية أو أخلاقية.
لم يعد الوضع يُحتمل، ولم تعد قوانين الجرائم الإلكترونية تفي بالغرض، ومهما حاول أو هدد المرء باللجوء للقضاء فإن تنمر وتجبر بعض الأشخاص تجاوز كل الحدود.
الحقيقة التي يغفلها كثيرون أن أعداد المتنمرين ليست كبيرة، لكن المشكلة الحقيقية في الأصوات العاقلة التي تقرأ حالات التنمر ولا ترد عليها، ولا حتى تلتفت إليها، والعُقّال هم الأقل مشاركة في الحضور على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومشكلة أخرى يعاني منها بعض العقال والمتعلمين وبتوع المدارس (على رأي المسرح المصري) إنهم قد ينشرون ما يصل إلى هواتفهم من الغوغاء والدهماء من دون تحقق، وإذا راجعتهم يعترفون فورا أنهم لم يتحققوا أبدا من مصداقيتها.
لنرعوي قليلا قبل أن تشتعل النار في ثنايا ثيابنا وعندها لا أحد يدرك كم كانت مشاركته في الحريق حمقاء…
الدايم الله…