ما قصة أل ( 18 ) ألف راتب تقاعد الأقل من ( 200 ) دينار..؟!


أنباء الوطن -

كتب خبير التامينات والحماية الإجتماعية الحقوقي موسى الصبيحي :

لتحسين صورة التعديلات المقترَحة على قانون الضمان الاجتماعي، يسوق مدير عام مؤسسة الضمان مثالاً على إيجابية هذه التعديلات ويُكرّره كثيراً بأنها تقدّم آلية جديدة للحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب الاعتلال، من خلال ربطه بما نسبته (35%) من متوسط الأجور، ويقول بأنه بمجرد إقرار القانون المعدّل سيستفيد من هذا الربط ( 18 ) ألف صاحب راتب تقاعد تقل رواتبهم حالياً عن (200) دينار..

فما قصة هذه الرواتب المتدنية..؟!

لا بد هنا أن نشير أن التعديل المقترَح أعلاه قد ألغى الفقرة (أ) من المادة (٨٩) من القانون التي تمنح مجلس الوزراء الصلاحية بتحديد الحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب الاعتلال وأن يعيد النظر في هذا الحد كل خمس سنوات. وهي مادة قانونية قديمة قِدَم قانون الضمان نفسه. ومع ذلك لم يتم إعادة النظر بالحد الأدنى لراتب التقاعد منذ عام 1993 إلا مرة واحدة فقط (خلال عام 2019 و 2020) حيث أصبح على النحو التالي:

– الحد الأدنى الأساسي لرواتب تقاعد الوفاة(الطبيعية والإصابية) ورواتب اعتلال العجز الكلي(الطبيعي والإصابي): 160 دينار.

– الحد الأدنى الأساسي لرواتب تقاعد الشيخوخة والشيخوخة الوجوبي ورواتب اعتلال العجز الجزئي(الطبيعي والإصابي): 125 دينار.

– الحد الأدنى الأساسي لراتب التقاعد المبكر إذا أكمل صاحبه سن الخامسة والخمسين للذكر وسن الخمسين للأنثى: 125 ديناراً، أما من لم يكمل هذه السن من متقاعدي المبكر فالحد الأدنى الأساسي لراتبه هو (100) دينار.

ومن الجدير بالذكر أن هناك زيادة عامة بقيمة بقيمة (40) ديناراً تُضاف إلى جميع أنواع الرواتب التقاعدية عند احتسابها مباشرةً، ويستفيد منها أيضاً أصحاب الرواتب التقاعدية المبكرة على مرحلتين؛ المرحلة الأولى عند تخصيص راتب التقاعد المبكر حيث يُزاد بقيمة (20) ديناراً، والمرحلة الثانية عند إكمال صاحب الراتب المبكر لسن الستين للذكور وسن الخامسة والخمسين للاناث حيث يُزاد الراتب بالنصف الثاني من قيمة الزيادة العامة، أي (20) ديناراً.

علماً بأن مؤسسة الضمان تأخّرت كثيراً في التنسيب لمجلس الوزراء برفع الحد الأدنى الأساسي لرواتب التقاعد ورواتب الاعتلال ولمدة 26 سنة، حيث كانت المرة قبل الأخيرة لرفع الحد الأدنى سنة 1993 بالرغم من أنه استحقاق قانوني، ولو كُنّا قد فعّلنا النص القانوني المذكور لما شهدنا راتباً تقاعدياً أساسيّاً دون أل (200) دينار حالياً أبداً، مع الانتباه إلى أن الحد الأدنى لراتب التقاعد الذي ستربطه التعديلات المقترَحة بما نسبته (35%) من متوسط الأجور هو الحد الأدنى الإجمالي وليس الأساسي أي شاملاً للزيادة العامة البالغة (40) ديناراً وشاملاً لزيادة الإعالة وأي زيادات أخرى تلحقه، مما يُقلّل من أهمية هذا الربط وفائدته كثيراً، أما النص الذي يعطي لمجلس الوزراء صلاحية تحديد الحد الأدنى لراتب التقاعد وإعادة النظر فيه كل خمس سنوات فهو الحد الأدنى الأساسي للراتب والذي كلما ازداد ازدادت معه الزيادات الأخرى. لذلك فإن الآلية الجديدة لربط الحد الأدنى الإجمالي لراتب التقاعد ب (35%) من متوسط الأجور لن تكون مجدية ولا مجزية، وبالمقابل سنكون قد حَرَمنا الكثير من المتقاعدين من إعادة النظر بالحد الأدنى الأساسي لرواتبهم التقاعدية بإلغائنا الفقرة (أ) من المادة (٨٩) من القانون.

أما بالنسبه لهؤلاء الثمانية عشر ألف متقاعد الذين تقل رواتبهم عن (200) دينار فبإمكان المؤسسة أن تُنسّب لمجلس الوزراء غداً بتعديل قراره الصادر سنة 2019 برفع الحد الأدنى لراتب التقاعد وراتب الاعتلال بمقدار عشرين ديناراً مثلاً أو أكثر قليلاً

ولن يبقى أي راتب تقاعدي إجمالي في المؤسسة أقل من (200) دينار بعد اليوم.!

(سلسلة معلومات تأمينية توعوية بقانون الضمان نُقدّمها بصورة مُبسّطة ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل – يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر).