“بدا وكأنه يتجشأ”.. ثقبٌ أسود يُحيّر العلماء بعد أن لفظ بقايا نجمٍ ابتلعه منذ سنواتhtm
رصد علماء الفلك واحداً من الثقوب السوداء وهو يلفظ كتلاً غامضة من بقايا نجم ابتلعه قبل عدة سنوات، حسبما نشر موقع Live Science الأمريكي السبت 15 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
بدأ الحدث الفلكي عام 2018 عندما شاهد علماء الفلك الثقب الأسود وهو يُوقع بالنجم سيئ الحظ في مجال جاذبيته القوي، قبل أن يمزقه إلى أجزاء.
بعدها بثلاث سنوات في عام 2021، رصد مقراب راديوي تابع لولاية نيومكسيكو إشارات على نشاطٍ غير معتاد. حيث بدأ الثقب الأسود عندها في لفظ بقايا النجم إلى الخارج بنصف سرعة الضوء.
وسبق رصد الثقوب السوداء وهي تبتلع النجوم، قبل أن تلفظها للخارج مرةً أخرى لاحقاً، لكن الحالات السابقة كانت تحدث في نفس وقت ابتلاع النجم فقط. بينما استخدم الباحثون أربعة مراصد أرضية حول العالم مع مرصدين فضائيين لتسجيل الحدث، ثم نشروا نتائجهم في دورية The Astrophysical Journal العلمية في 11 أكتوبر/تشرين الأول.
قالت إيفيت كينديس، عالمة الفيزياء الفلكية في مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية، خلال تصريحٍ لها: "لقد فاجأنا هذا الحدث تماماً- ولم يشاهد أحدنا أي شيء مثله من قبل".
ويُمكن وصف الثقوب السوداء بأنها فوضوية في تناول الطعام وتحب التلاعب بوجباتها. بينما يُطلق على واقعة التهام الثقب الأسود لأحد النجوم اسم "حدث اضطراب المد والجزر (TDE)"، نسبةً إلى قوى المد والجزر القوية التي تُؤثر على النجم بسبب جاذبية الثقب الأسود.
ومع اقتراب النجم من فجوة الثقب الأسود، تبدأ قوى المد والجزر الخاصة بالثقب في انتزاع وتمديد طبقات النجم واحدةً تلو الأخرى، حتى يتحول النجم إلى خيط طويل يُشبه النودلز ويلتف حول الثقب الأسود- كما تلتف المعكرونة السباغيتي حول الشوكة-، فتشكلان معاً كرةً من البلازما الساخنة. وتُعرف هذه العملية باسم حدث السباغيتي أو التأثيرات المعكرونية. وتتسارع حركة البلازما حول الثقب الأسود لتدور وكأنها محرك نفاث ضخم من الطاقة والمادة، مما يُنتج وميضاً ساطعاً مميزاً يُمكن للمقراب البصري أن يرصده بالأشعة السينية والموجات الراديوية.
سرعة مذهلة
لكن الحدث الأخير، الذي أطلق عليه العلماء اسم AT2018hyz، لم يكن عادياً. إذ استغرق الثقب الأسود ثلاث سنوات بعد ابتلاع النجم حتى يلفظ بقاياه، كما أن سرعة البلازما التي خرجت من الثقب كانت مذهلة. حيث تطير البلازما في أحداث اضطراب مد وجزر عادةً بـ10% من سرعة الضوء، لكن المادة النجمية التي قذفها الثقب الأسود في هذه الحالة وصلت سرعتها إلى نصف سرعة الضوء.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة إدو بيرغر، أستاذ علم الفلك في جامعة هارفارد: "ندرس أحداث اضطراب المد والجزر بالمقراب الراديوي منذ أكثر من عقدٍ كامل. ونرصدها تومض على الموجات الراديوية أحياناً أثناء لفظ المواد للخارج، وذلك بعد التهام الثقب الأسود للنجم. لكننا شهدنا حالة صمتٍ إذاعي لمدة ثلاث سنوات في حالة AT2018hyz، قبل أن يومض الثقب الأسود بقوة الآن. ووجدنا أنفسنا أمام وميضٍ يُعتبر من بين الأقوى على الإطلاق في جميع أحداث اضطراب المد والجزر التي رصدناها سابقاً".
وتعتقد إيفيت أن الثقب الأسود ربما تأخر في لفظ وجبته السابقة. وأضافت قائلة: "يبدو أن الثقب الأسود بدأ فجأةً في تجشُّؤ كتل مواد من النجم الذي التهمه قبل سنوات".
أول صورة للثقب الأسود/Social Media
ولم يتأكد الباحثون بعد من سبب تأخير الوميض، لكنهم يعتقدون أن مثل هذه الأحداث ربما تكون أكثر شيوعاً مما اعتقدوه في السابق. ويحتاج علماء الفلك للتأكد من صحة هذه الفرضية عن طريق مراجعة المصادر الخاصة بأحداث اضطراب المد والجزر الأخرى، التي كان يُفترض سابقاً أنها انتهت، وذلك لاكتشاف ما إذا كانوا سيرصدونها تومض مرةً أخرى.
فيما قال بيرغر: "إنها أول مرة نرصد فيها مثل هذا التأخير بين ابتلاع النجم للداخل ولفظه للخارج. ويجب في الخطوة التالية أن نستكشف ما إذا كان هذا الأمر يحدث بصفةٍ أكثر انتظاماً في الواقع، فربما كنا نرصد أحداث اضطراب المد والجزر في وقتٍ متأخر من تطورها ببساطة".