سياحة “الدفى”
من يتابع الشأن الروسي وردود فعله على تفجير جسر القرم وعواقبه على الغرب وخاصة أوروبا يعلم أنها ستتركز أغلب ردوده على المستويات الاقتصادية على وجه التحديد فيما يتعلق بمسألة تصدير الغاز، خصوصاً أن روسيا ستعيد النظر في مسألة إمداد اوروبا بالغاز لإدراكها أن الغرب هو من يقف خلف أوكرانيا، وأن إمدادات الحرب التي تصل كييف من الحلف عن طريق الدعم المادي والعسكري الضخم سببها الغاز وهذا لا شك فيه على الاطلاق.
ولأن العالم أجمع يدرك جيداً أن الروس لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيردون رداً قوياً على الغرب في الفترة المقبلة، بقطع الغاز عنهم أو رفع فاتورته بشكل يفوق المحتمل على أقل تقدير، حيث يصعب على الأوروبيين شراءه لتنتج عن ذلك أزمة برد قارسة تضرب أوروبا كلها خلال الشتاء القادم وهذا ما يتوقعه المحللون.
التوقعات كلها تتحدث عن الظلام الحالك والبرد القارس الذي سيضرب الغرب جراء التكلفة الباهظة لفاتورة الغاز، وهنا علينا تحويل تلك الازمات والتحديات القادمة التي ستلحق بالعالم الغربي وبنا نتيجة هذه الحروب والنزاعات الى فرص اقتصادية استثمارية يتم استغلالها بشكل صحيح تساعد وتساهم في دعم ورفد الاقتصاد الوطني من خلال ما يسمى بسياحة الدفى.
والمعنى من سياحة الدفى التي أتحدث عنها هي محاولة جذب السياح الأجانب للإقامة بفنادق وشقق المناطق والمحافظات الأردنية السياحية التي تتميز بالأجواء الدافئة في الشتاء كالعقبة ووادي رم والبحر الميت بالتنسيق والترتيب والتكاتف مع جميع الجهات الحكومية والخاصة لاستقطابهم عن طريق عروض إقامة مغرية ولمدد طويلة كشهر أو شهرين تقريباً، لتشجيعهم على الهروب من البرد القارس الذي سيدفعون تكلفته العالية جراء أزمة الغاز الروسية القادمة اليهم، بحيث تشمل تلك العروض الإقامة في الفنادق والشقق الفندقية والثلاث وجبات الرئيسية وبأسعار تكون أقل من الفاتورة التي سيدفعونها حال وجودهم في بلادهم، وبهذا نكون قد حققنا هدفين، الأول استمتاع السائح بالتجربة مع إمكانية تكرارها، والثاني إنعاش اقتصادنا المتأثر دوماً بالأزمات العالمية.
وإذا أردنا التعمق وترتيب الأدوار يمكننا القول إن دور هيئة تنشيط السياحة وجمعية الفنادق سيكونان لهما الدور الأكبر في تحفيز السائح واستمتاعه بسياحة الدفى، حيث إن الهيئة يمكنها تقديم عروض خاصة لهذه السياحة الطارئة بمساعدة شركات الطيران المحلي وشركات طيران منخفضة التكاليف والتي لديها الخبرة في جذب السائح الأوروبي للأردن والاستمتاع بمعالمه من خلال الحصول على أسعار منافسة، أما جمعية الفنادق فيقع عليها دور تخفيض أسعار الغرف الفندقية، بحيث لا تزيد كمثال على 700 دولار لشهر الواحد شامل الوجبات الرئيسية في فندق الثلاث اوالأربع نجوم كل حسب قدرتها وعلى أن تكون أقل من فاتورة المحروقات التي سيدفعها السائح في منزله وهذا اقتراح شخصي، ولكن تعود الأسعار النهائية للعروض في جذب السائح وتحفيزه لزيارة الأردن الى الدراسة المحكمة التي ستقع على كاهل الجهات المختصة في القطاعين الحكومي والخاص، والتي بها سيسعيان الى إنجاح هذه الفرصة بشكل يعود على الجميع بالفائدة الحقيقية.
في النهاية هذه السياحة من الحلول والاقتراحات التي يمكن للحكومة استغلالها كفرصة ترويجية سياحية بحتة وفرصة اقتصادية جيدة يمكنها أن تساعدنا في الخروج من أزمة الشتاء التي تنتظرنا، في المقابل انني على علم بأن هنالك العديد من الأفكار والاقتراحات التي يمكنها ان تقدم لأصحاب القرار وفيها نستطيع تحويل أي أزمة تواجهنا الى فرصة استثمارية ناجحة.