عاد نتنياهو وعادت الكراهية
فاز اليمين الإسرائيلي. صوت جمهور الناخبين هناك لخطاب الإقصاء والتطرف والتحريض. يعود نتنياهو محملا بضغائن سياسية وشخصية وروح انتقامية. أحجم جل الفلسطينيين من مواطني إسرائيل عن التصويت معتبرين الانتخابات شأنا لا يهمهم. فتحوا الباب لعودة من يستهدفونهم ويريدون إقصاءهم. إنها نتائج مخيبة للآمال فمعها ستنحصر فرص التعاون، وستعود أجواء التحريض والتنكيل والتصيد. نتنياهو أتى بأجندة يمينية لا تريد دولة فلسطينية ولا تسوية مع الفلسطينيين. هو ويمينه يرون أن الأرض هي هبة الله لهم، ولهم وحدهم لا يشاركون فيها أحد. هم أبعد ما يكونون أو حتى يفهمون أسباب قيام دولتهم، التي دعت لأن يكون لليهود بالعالم دولة تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم بعد التنكيل الذي تعرضوا له في أوروبا. اليمين ونتنياهو يحولان هذه الأجندة والدوافع الأمنية والسياسية التي قبلتها مبادرة السلام العربية لأجندة دينية إقصائية مقيتة.
من قال إن الديمقراطية بلا عيوب. هي أفضل نظام سياسي اخترعه العقل البشري، ولكنها أحيانا تأتي بمن هم على شاكلة نتنياهو، الذي امتهن الشعبوية حتى لو كانت تعني استعداء الآخر وإقصاءه. الشعبوية هي سرطان الديمقراطية وداؤها الطاعن، تأتي بشعبويين لا يرون إلا مصالحهم، يطيحون بالقيم والمبادئ جانبا إذا ما وقفت في طريق طموحهم السياسي. قالت الصحافة الإسرائيلية الليبرالية والوسطية إن اليمين ونتنياهو ربحا وخسرت إسرائيل، في إشارة لحجم خسارة إسرائيل من صورتها أمام العالم عندما انحازت للتشدد والتطرف. نتنياهو بذاته عبء على إسرائيل. هو سياسي لا يحترمه العالم يصفه القادة بالكاذب والمراوغ. اختاره ويمينه غالبية الناخبين لأنه أشبعهم أوهاما وكذبا وشعبوية. بات مصدرا أساسيا للكراهية بين شعوب المنطقة لأن خطابه يقوم على أن الآخر يكرهنا، فلا بد إذا أن نبادله الكره. هذا غير صحيح، فهو الذي أدخل المنطقة في هذه اللعبة بعد أن سادت أجواء انفتاح وسلام وتعاون في التسعينيات.
هل ستنهار علاقة الأردن مع إسرائيل بسبب عودة نتنياهو؟ الجواب لا. الدول لا تحب وتكره، والكيمياء مهمة ولكن مصالح الدول تعلو عليها. ما سنراه أن إبطاء لكل أوجه التعاون بين الأردن وإسرائيل هو ما سيحدث، وسوف يمعن نتنياهو ويتأكد أن التعاون يتوقف أو ينهار أو يخضع لأهوائه السياسية. هل تذكرون ماذا فعل باتفاق شراء الماء بين الأردن وإسرائيل؟ لدينا في الأردن ثأر خاص مع نتنياهو، فهو مستمر وممعن بالنيل من مصالح الدولة الأردنية التي يعد قيام دولة فلسطينية أسها الأصيل. بفعله هذا، نتنياهو يشكل خطرا على الأمن الوطني الأردني، تهدد مشاريعه مصالحنا وتحاول النيل من مصالحنا الاستراتيجية. هو يريد حلولا على حساب الأردن وهذا شر الشرور بالنسبة لنا، يمس هويتنا التي هي روحنا الخالصة، سنواجه لآخر قطرة دفاعا عنها، والأردنيون من شتى أصولهم موحدون كالصوان في وجه ذلك. سيحاول الأميركيون أصدقاء الطرفين التأكد من أن السياسة وتقلباتها الانتخابية لا تؤثر على التعاون الثنائي.
سينجحون تارة ويخفقون في أخرى، لكن في داخلهم يعلمون أن أجواء التعاون سوف تنحصر، وأن كثيرا من خطاب الكراهية سوف يتمدد.
ذهب لابيد وأتى نتنياهو، ومع ذلك ستأتي كل أنواع الشرور، ألا لعنة الله على نتنياهو.