الصهيونية.. الطالبانية.. وماذا بعد؟
رجا طلب
يستطيع نتنياهو بعد هذه السنوات النوم ليله الطويل بلا أرق أو قلق بعدما أنقذ نفسه من أمكانية محاكمته بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة التي تطارده منذ عدة سنوات، ينام هانئا بعد نجاحه في تشكيل حكومته السادسة وبشكلها اليميني المتطرف غير المسبوق في تاريخ دولة الاحتلال والتي سيتغير شكلها وطبيعة الحكم فيها بعد هذه الحكومة.
حكومة «نجاة» نتنياهو من السجن أو كما في عنوان مقالي حكومة نتنياهو «الطالبانية» التي ستدشن نوعا جديدا من الحكومات تنهي من ناحية تاريخية علاقة الاحتلال بالفكرة الصهيونية الأولى، فكرة هرتزل وبن غوريون وحاييم وايزمان، وتؤسس لنوع جديد من العنصرية وتوظيف الدين باتجاه الخرافة التلمودية.
سعى نتنياهو لتولي رئاسة هذه الحكومة الهجينة جاء على هذه الخلفية التي أشرت إليها، فالرجل دخل العقد السابع من عمره وحصل على لقب «ملك إسرائيل» ولقب «الساحر» بعد أن أمضى أطول فترة حكم في تاريخ هذا الكيان وتمكن هذا الثعلب المراوغ الهروب من كل الأفخاخ التي نُصبت له منذ رئاسته الأولى عام 1996، وظل قادرا على إدارة أزماته في الداخل بطريقة ملفتة، كما نجح نجاحا باهرا في خلق شرخ وتباين بين الجمهوريين والديمقراطيين داخل واشنطن حياله وحيال حزبه «الليكود» وبالتالي حيال «إسرائيل»، حتى بات محسوبا على التيار الصهيوني اليمين? داخل أميركا وبخاصة بين صفوف الحزب الجمهوري وخلق بذلك تناقضا غير مسبوق حيال الموقف من السياسات الأميركية بشأن إسرائيل في فترات حكمه.
حكومة نتنياهو العتيدة تحظى بثقة 64 عضوا في الكنيست من أصل 120، 38 من هؤلاء هم من عتاة اليمين المتطرف، أما المفاجأة فان 14 عضوا من هؤلاء هم من سكان المستوطنات في الضفة الغربية، وحسب المتاح من المعلومات فإن قيادات الأحزاب اليمينية قد وضعوا برامجهم التي هدفها بالدرجة الأولى ليس التضييق على الوجود العربي في الأرض الفلسطينية سواء فيما يسمى دولة إسرائيل أو في الضفة الغربية، بل «كنس» هذا الوجود حسب تعبيير المتطرف بن غافير، وهو ما يعني السعي لإيجاد منظومة قانونية تشرع طرد العرب الى الخارج، وكان بن غافير قد صرح ومب?را أن «إسرائيل» لا تحكمها إلا قوانينها، وهو ما يعني أن هناك مشروعا لطرد العرب من داخل الكيان ومن الضفة الغربية، اي أن مشروع «الترانسفير» الذي كنا نعتقد أنه انتهى ها هو ما زال قائما وبالتالي المشاريع المتصلة به ما زالت قائمة ولها تسميات عدة ومن أبرزها الوطن البديل.
إن وجود حكومة أغلبها يمين من الليكود وهو يمين غير متدين، ويمين متدين وأصولي لا يؤمن بالآخر «تلمودي» يُكفر حتى دولة «إسرائيل» ذاتها ويريد زوالها لتعجيل عودة المسيح يعني ببساطة أننا أصبحنا نجاور دولة «طالبانية»، حريدية تشبه تماما مسلكيات وأخلاقيات دولة طالبان الأفغانية (وبخاصة تجاه المرأة ولباسها وعملها وانخراطها بالمجتمع)، وهو تحد كبير على الصعيد الأمني والسياسي، ويحتاج إلى آلية عملية لمواجهته والتصدي له وبكل الطرق المتاحة.