تريدون حلا سريعا لأزمتنا الاقتصادية؟ تفضلوا..
حسين الرواشدة
يعاني بلدنا من ازمة اقتصادية خانقة. هل نقف مكتوفي الأيدي، أم نبحث عن حلول؟ بالتأكيد نريد حلا سريعا، لا أقصد إقامة مشروعات كبرى، أو استخراج موارد طبيعية، أو جلب استثمارات من الخارج، هذا يحتاج إلى حوار عميق ووقت طويل، ولا أقصد، بالطبع، فرض المزيد من الضرائب، ورفع الأسعار على المواطنين، إذا، كيف نتصرف ؟
تفضلوا، لدي وصفة سريعة و مجربة أيضا، خلال العامين المنصرفين، راكم عدد من الأردنيين (عددهم 55 شخصا ) ثروة تقدر بـ 14 مليار دولار، وهي تعادل أربعة أضعاف ونصف ما يملكه نصف الأردنيين، وفي التفاصيل - حسب منظمة أوكسفام الدولية - لدينا شخصان في الأردن يمتلكان ثروة تفوق ما يملكه أربعة ملايين أردني، ولدينا 53 أسرة اردنية، تقدر ثروة كل منها بأكثر من 50 مليون دينار، و 990 أردنيا يملك كل واحد منهم 5 ملايين دينار أو أكثر، بمجموع ثروة تقدر بـ 20.3 مليار دولار. فيما تتربع 50 عائلة على قائمة الأغنى في الأردن.
ببساطة، يمكن أن نسلك مسارين في التعامل مع أصحاب هذه المليارات : الأول تسوية عادلة، يقدمون من خلالها للخزينة ما يستحق عليهم من ضرائب وغيرها، دون الدخول في طوابق المحاسبة والمسألة، ودون أن يترتب عليهم أية مضايقات، نريد نصيب الدولة منهم بالقناعة والرضا، تماما كما فعل غيرنا في بلدان قريبة وأخرى بعيدة، الثاني أن تتحرك مؤسسات الرقابة والمتابعة لجرد حسابات هؤلاء، للتحقق من مصادر الأموال وحجمها، ثم استخدام القانون بشفافية لانتزاع حق الدولة من الذين تهربوا عن دفع ما عليهم، ومحاسبتهم على ذلك.
كنت، بالطبع، أتمنى أن يبادر أثرياؤها، بدافع وطني، لمساعدة بلدهم في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، أو أن ينهض «الواقفون» لبناء مستشفيات ومدارس، وتقديم ما يلزم من خدمات لإخوانهم الفقراء والمحتاجين، لكن يبدو أن كثيرا من هؤلاء الموسرين قعدوا عن القيام بهذا الواجب (لا تسأل لماذا؟) وبالتالي اصبح من حق الدولة، وواجبها، أن تأخذ منهم، بالقانون، ما لم يقدموه بطيب خاطر.
إذا افترضنا أن اصحاب المليارات الذين أشرت اليهم، سلفا، غير مدرجين على قوائم الفساد وشبهاته، بمعنى ان اموالهم مشروعة، وأنهم حصلوا عليها بجهدهم وتعبهم، فإن ثمة طبقة أخرى من الفاسدين الذين نهبوا، او أثروا على حساب المال العام، مال الناس، هؤلاء لا بد من استرداد ما سرقوه، بالعين الحمرا أو الصفرا، لا فرق، ويمكن ذلك بكبسة زر سياسية، علما انه ترتيب بلدنا على مؤشر الفساد العالمي 58 من 180 دولة (حصل على 49 درجة من 100 العام الماضي )، كما أن المبالغ التي تم تحصيلها من قضايا الفساد، في العشر سنوات الماضية، لا تتجاوز نصف مليار دينار.
تصور، بحسبة سريعة يمكن لضريبة قيمتها 2% فقط على اصحاب الملايين القليلة، و 3% على من يملكون اكثر من 50 مليون دولار، و5% على اصحاب المليارات، أن توفر للخزينة الأردنية 640 مليون دولار سنويا، هذه الضرائب -المفترضة - وفقا لمديرة مكتب أقسام في الأردن ( نيفديتا مونغا) ستزيد الانفاق على القطاع الصحي، مثلا، بما نسبته 42%، او ما يعادل ثلثي معدل الاقتطاعات من الميزانية (مليار دولار ).
باختصار، ضرائب على الثروة، وأخرى على الأرباح، واسترداد بعض ما نهبه الفاسدون، وكبح حقيقي لموارد الفساد بانواعه، واستنهاض ضمائر بعض من يملكون ولا يصرفون او يتبرعون، كفيلة بملء الخزينة الأردنية، وإعادة العافية اليها، ولا حاجة أبدًا بعدها لرفع أسعار، أو فرض ضرائب جديدة، أو انتظار مساعدات، لن تأتي، من أشقاء أو أصدقاء، لكن السؤال الأهم: من يتحرك لفعل ذلك، ومن يجرؤ على نبش «عش الدبابير «من جهة، أو إقناع الموسرين الأردنيين أن بلدهم يحتاج لحقه المعلوم من اموالهم التي كدسوها في البنوك ؟ الإجابة لا تحتاج لطلب مساعدة من صديق.