نتائج مركز الدراسات حول خدمة العلم ترفض إحصائياً
توجّه الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس بعد أن قام بتحليل نتائج الدراسة التي قام بها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حول أحكام القانون في برنامج خدمة العلم، توجّه بجزيل الشكر والتقدير والاحترام للجهود التي بذلها ويبذلها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية حول استطلاع بعض القضايا المفصلية والتي تهم الوطن والمواطن, وكان من بينها استطلاع الرأي حول أحكام القانون في برنامج خدمة العلم.
وأشار الدكتور عبّاس إلى مجموعة من الملاحظات والتي يعتقد أنها ضرورية وهامة, ويمكن لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الإفادة منها لاحقاً ومنها:
أولاً: العينة, وهنا لا أتحدث عن حجم العينة, وإنما أتحدث عن فئة العينة المستهدفة, فكان من الأولى أن تكون جميع أفراد العينة من فئة الشباب فقط والخاضعين لأحكام قانون برنامج خدمة العلم كي تكون نتائج الدراسة صادقة, حيثُ تقسيم الفئة المستهدفة إلى ثلاث مجموعات وعلى النحو الآتي: عاملين/غير عاملين, متعلم/ وغير متعلم, مهني/ وغير مهني, بمعنى أن تكون العينة قصديّة, حيث أن فئة الشباب هي الفئة المعنية بأحكام قانون برنامج خدمة العلم لمثل هذه الدراسة بالذات, وأن إجابة الآخرين مثل (أفراد العينة الوطنية, وأفراد عينة قادة الرأي) عن هؤلاء الشباب قد اضعف نتائج الدراسة بشكل مباشر لأننا اخذنا معظم الإجابات من فئات غير المستهدفة.
ثانياً: أن اختزال مؤشرات برنامج خدمة العلم في: تعزيز ثقافة الانضباط والالتزام لدى الشباب, وغرس مفاهيم المواطنة وتحمل المسؤولية والمشاركة المجتمعية, وصقل الهوية الوطنية للشباب, وترسيخ مفهوم الانتماء الوطني, وحل مشكلة البطالة, والتي أشارت إليها الدراسة لهو اختزال جائر وضيّق, فهناك مؤسسات وطنية أخرى تقوم بمثل هذه الادوار الهامة بالنسية للشباب, واعتقد هنا وفي هذا الإطار أن هذه الدراسة لم تجيب عن كثير من التساؤلات المطروحة ومن ابرزها: كيف يمكن لبرنامج خدمة العلم لوحده أن يحل مشكلة البطالة؟
ثالثاً: لم تبيّن الدراسة أثر برنامج خدمة العلم على أولئك الذين انخرطوا سابقاً في برامج خدمة العلم على كل من: تعزيز ثقافة الانضباط والالتزام لدى الشباب, وعلى غرس مفاهيم المواطنة وتحمل المسؤولية والمشاركة المجتمعية, وعلى صقل الهوية الوطنية للشباب, وترسيخ مفهوم الانتماء الوطني, وعلى حل مشكلة البطالة ايضاً.
رابعاً: لم تُبين أو تدللّ مشكلة الدراسة الحالية وأسئلتها عن وجود ضعف في ثقافة الانضباط والالتزام لدى الشباب, وعن ضعف في المواطنة لدى الشباب وتحمل المسؤولية والمشاركة المجتمعية, وعن ضعف في الهوية الوطنية, وعن ضعف في الانتماء الوطني لدى الشباب, وبالتالي كيف تم قياس مثل هذه المؤشرات النوعية؟ وما هي المقاييس المعتمدة في ذلك؟
خامسا: اعتقد جازماً أن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية لم يأخذ بعين الاعتبار, أن (أسئلة) تعزيز ثقافة الانضباط والالتزام لدى الشباب, وغرس مفاهيم المواطنة وتحمل المسؤولية والمشاركة المجتمعية, وصقل الهوية الوطنية للشباب, وترسيخ مفهوم الانتماء الوطني, وحل مشكلة البطالة, تختلف من ثقافة إلى أخرى, وتختلف من حقبة زمنية إلى أخرى, وتختلف أيضاً من جيل إلى أخر.
سادساً: لم تقدم الدراسة اي اقتراحات لبرنامج خدمة العلم, في ضوء حاجات الشباب الجديدة, والتي تختلف تماماً عن حاجاتهم قبل عشرين عاماً, مؤكداً أن برامج خدمة العلم وما شابهها في كثير من دول العالم يتم تجديدها وتطويرها وتحسينها كل عشرة سنوات, وذلك في ضوء متطلبات ومستجدات العصر, حيث يتم توظيف الشاب مؤقتاً وبراتب مقبول يسد حاجاتهم الشخصية, وفي نفس الوقت, تعمل على تطوير الشاب مهنياً حسب تخصصاتهم أو مهنهم, أو تعمل على تأهيلهم من جديد في مهنة جديدة لمن ليس لديهم تخصصات أو مهن معينة سابقة.
سابعاً: لم تتطرق الدراسة إلى أن المدة التي يجب ان يقضيها الشخص الذي تنطبق عليه احكام القانون في برنامج خدمة العلم سواء كانت سنة أو سنتين, تعتمد على جملة من المحددات منها: كون الشاب يعمل أو لا يعمل, كون الشاب متعلم أو غير متعلم, كون الشاب لديه مهنة أو ليس لديه.
ثامناً: لم توضّح الدراسة بكلف برنامج خدمة العلم المالية, في حالة أن تكون الخدمة لمدة سنة أو لسنتين, وكيف يمكن أن تندرج مثل هذه الكلف في الميزانية العامة للدولة.
تاسعاً: لم تحوّل الدراسة نتائج أرقامها إلى خطة عمل وبرامج إجرائية قابلة للتنفيذ, ومن ثم تقديمها للدولة كمشروع قرارات يمكن اتخاذها لاحقاً.
عاشراً: الدراسة أظهرت (المزاج العام) للمواطن الأردني فقط, ولم تظهر للأسف الشديد (الرأي العام) للمواطن الأردني, وهناك فرق كبير ما بين المزاج العام والرأي العام, فالمزاج العام يعكس انفعالات وانطباعات وعواطف المواطن المؤقتة, في حين أن الرأي العام يعكس الإطار الفكري العام والقناعات الراسخة العامة والثابتة لدى المواطن.
وختم الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس قوله: في ضوء ما سبق, أعتقد جازماً أن نتائج هذه الدراسة الرقمية, لا يمكن اعتمادها, وغير قادرة اطلاقاً على أن تشكل رأي عام وقناعات كاملة لدى الدولة, من أجل اتخاذ قرارات نهائية حول إعادة برنامج خدمة العلم، مؤكداً في الوقت نفسه أن مثل هذه الدراسة ربما تكون مفيدة فقط في فتح حوارات وطنية شاملة مستقبلية, تشارك فيها جميع مؤسسات وهيئات الدولة, وذلك للمضي قدماً في (تجويد) برنامج خدمة العلم لاحقاً, في ضوء متطلبات العصر, وحاجات وتطلعات فئة الشباب.
وبعد..
هناك عيوب واضحة في مدخلات الدراسة إحصائياً وأهمها الفئة المستهدفة (العينة), يترتب عليه عدم قبول نتائجها ومخرجاتها, مؤكداً مرة أخرى على توجّه جزيل الشكر والتقدير والاحترام للجهود التي بذلها ويبذلها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامع
ة الأردنية