رشيد عباس يكتب: مشروع قانون الجرائم الالكترونية.. الحقيقة الغائبة
كتب الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس, بعد الربيع العربي مباشرة بدأت تنموا لدى المجتمع الأردني بعض مظاهر (النقد الخارج) عن النص وفي جميع الاتجاهات, وكانت الدولة وقتها تتبع سياسة التصالح مع المجتمع, واخذ هذا النوع من النقد المجتمعي يأخذ منحى آخر جديد طابعه (النقد الجارح) وأخذ يحتل مساحة واسعة من مواقع التواصل الاجتماعي, لم يبقى هذا الهيجان المجتمعي الناقد إلى هذا الحد حتى وصلنا للأسف الشديد إلى (النقد الشاتم).. نشتم بعضنا البعض, على مواقع التواصل الاجتماعي, ونشتم رموز الحكومة والدولة أيضاً دون أية تحفّظ.
واضاف عبّاس, بكل صراحة تجاوز (البعض) الخطوط الحمراء, وباتت مواقع التواصل الاجتماعي أماكن شعبوية جاذبة لتجريح وشتم وقذف محصنات بعضنا البعض, وتجريح وشتم رموز الحكومة والدولة ايضاً, الأمر الذي جعل من المناخ العام والاجواء العامة في الأردن صورة مشوّهة ليست خادمة لنا, وأساءت للوطن.
ونوّه الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس, أن الاستمرار والبقاء على هذه الحالة, حالة المناخ العام والاجواء العامة الجارحة والشاتمة لبعضنا البعض, لا يمكن الاستمرار معها.. من هنا جاء التفكير بمشروع قانون الجرائم الالكترونية بصورته الحالية لضبط وفلترة حالة المناخ العام والاجواء العامة الجارحة والشاتمة تلك التي اصبحت تعُجّ بها مواقع التواصل الاجتماعي ليل نهار, وهذا- كما عبّر عنه المنصفين- ليس بديمقراطية, وإنما هو انفلات أخلاقي ممنهج.
وأردف قائلاً: نُدرك جميعاً أن مشروع قانون الجرائم الالكترونية ليس نصوص قرآنية كريمة ثابتة, وليس تجمع لأحاديث نبوية شريفة صحيحة, إنما هو مشروع قانون للفضاء الالكتروني (إنساني) يحمل في ثناياه مواد قانونية, كان في بعض مواده مواد جدلية قاسية وصعبة جداً (توقيف وسجن وغرامات مالية عالية), وجاء على عجل وعلى صفة الاستعجال, ولم تتشاور أو تتحاور عليه الحكومة مع كل من النقابات والأحزاب والمؤسسات والعامة والخاصة في الدولة, وكان في ذلك العديد من المآخذ الكبيرة على الحكومة.
واعتقد الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس جازماً, اننا بحاجة إلى ضبط الحالة السوداوية الجارحة والشاتمة السائدة في المجتمع الأردني المحترم, تلك التي اصبحت تعُجّ بها مواقع التواصل الاجتماعي, وذلك من خلال تطبيق قانون ينبغي أن يتسم بالإصلاح وإعادة بناء ثقافة النقد الإيجابي والمباح, وليس قانون يتسم بتكميم الأفواه والتصيّد والتقاط الأخطاء واتباع سياسة التعشيب.
وختم عبّاس قوله, كيف لا.. والاصلاح الذي طالب فيه جلالة الملك وطالبت فيه النخب السياسية الأردنية المثقّفة المعتدلة, يتطلب التشاور والتحاور واحترام الرأي الاخر, وفهم (طبيعة) الإنسان الأردني وطريقة تفكيره وحاجاته اليومية من جهة, و(بعيداً) عن ثقافة التجريح والشتم وقذف المحصنات والنقد الجارح, والعمل على ضبط الألسن من جهة أخرى.