رفقًا بنا لا تفتعلوا زلزالًا وهميًا
أسامة الرنتيسي –
على وقع زلزال المغرب العنيف الذي أودى بحياة نحو 632 قتيلا و330 جريحا، نسأل الله أن يحمي المغرب وشعبه العزيز، وأن يبعد عنه كل مكروه.
بعد سماع خبر زلزال المغرب في فجر السبت نتساءل هل فعلا نحتاج إلى التمرين الذي سينفذه المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات (درب الأمان 3) خلال النصف الثاني من شهر أيلول، للوقوف على مدى الاستعداد والجاهزية من قبل المؤسسات العامة والخاصة للتعامل مع الزلازل وتداعياتها، ترافقه عمليات إخلاء وإنقاذ وإغلاقات وإطلاق صافرات إنذار ووجود أمني كثيف في عدة مناطق.
منذ زلزال تركيا وسورية المدمر جدا ما زال الرعب من الزلازل يسكن قلوب وعقول معظم البشر من حول الدولتين، وكان السؤال الأبرز لدى الأردنيين صباح اليوم.. كم يبعد زلزال المغرب عن العاصمة عمّان.!
أتمنى على القائمين على تنفيذ التمرين الوهمي للزلزال في الأردن أن يعيدوا النظر في توقيت تنفيذه، بل والتفكير بإلغائه نهائيا، لأنه بصريح العبارة..”مش ناقصنا رعب..”
أتمنى على القائمين على تنفيذ التمرين الوهمي للزلزال في الأردن أن يعيدوا النظر في توقيت تنفيذه، بل والتفكير بإلغائه نهائيا، لأنه بصريح العبارة..”مش ناقصنا رعب..”.
نقيب الجيولوجـــــيين نفى نفيا علميا وقوع زلزال في الأردن، نتمنى أن يصدُق ولا يقع زلزال طبيـــــعي في بـــــلادنا.
عمارة وقعت في جبل اللويبدة في أيلول العام الماضي، احتجنا أسابيع لإنقاذ سكانها، وما زالت القضية منظورة في المحاكم.
لكننا؛ نحتاج فعلًا إلى زلزال سياسي تغييري يصيب معظم بنيان حياتنا ومرافق عمل الحكومة ومؤسسات الدولة ورجالاتها، كما يصيب مجمل الحياة السياسية الرسمية والشعبية، والأهم الاقتصادية قبل أن يصطدم الناس بالحيط أكثر من ذلك.
حالة من القلق الشديدة ترسم ملامحها على وجوه العامة، وحالة من الاضطراب على وجوه الرسميين، وقلق وجودي عند الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات الخاصة.
في الشارع قلق وترقب من خطط ومشروعات سياسية مريبة، إن وقعت مثلما يتسرب، فإنها تمس مستقبل وشكل الأردن، وإن تطورت فإنها تنهي القضية الفلسطينية، وتنهي أحلام شعبها.
في الشارع أيضا، فوضى سياسية، وتحليلات عقيمة ومخيفة، وتصورات دموية، واختلاق مشكلات من لا شيء، وتقسيمات على أساس “الأبوين العثمانيين”، واستسهال اتهام بعضهم بالخيانة والعمالة، وتناحر بعيدا عن العدو الأول والوحيد.
في البلاد حالة اقتصادية مرعبة ومستعصية، لا تصدقوا الأرقام الرسمية التي تخرج من أفواه المسؤولين، ما عليكم سوى متابعة عدد الشركات المتعثرة، والمؤسسات التي لا تدفع رواتب موظفيها، والتسريحات بالجملة من المصانع والشركات، والديون وفوائدها التي تثقل كواهل أصحاب مؤسسات رسمية وشبه رسمية (فوائد ديون أمانة عمان 70 مليون في السنة) وفوائد ديون الدولة بالكامل مرعبة أكثر.
في البلاد أيضا فساد عام في منظومة الأخلاق، فهناك من يحمل السلاح ويدافع عن سارقي المياه، وهناك من يقطع الشوارع للدفاع عن طلبة توجيهي غشاشين، وهناك أشخاص يعملون في عدة وظائف في الوقت نفسه، ويتقاضون رواتب وتنفيعات من أكثر من جهة، ويتحدثون عن الأخلاق.
هناك مسؤولون مؤبدون في مناصبهم، يحتاجون إلى وقوع زلزال حتى تسقط الكراسي من تحتهم، فهم لن يغادروها إلا إلى مقبرة سحاب، ولا يؤمنون بتجديد الدماء، ودورة الأعوام وسُنّة الحياة.
بالله عليكم؛ “بلاش من الزلزال الوهمي”، ولنترك الأمور مثلما هي في البلاد عموما، “سارحة والرب راعيها”.
الدايم الله…