نتنياهو يطيح بهيبة أمريكا ويضعف ردعها!
د. بسام روبين
لا شك أن أمريكا وقبل طوفان الأقصى كانت تتمتع بهيبة غير محدودة وقوة ردع فريدة كيف لا وهي تنفرد بقيادة العالم وتصدر أوامرها لبعض الزعماء كما يحرك لاعب الشطرنج حجارته ،ولكن ردة فعل البيت الأبيض وإنجرار أمريكا خلف نتنياهو ومشاركتها في غرفة الحرب الإسرائيلية ودعمها المفتوح لإسرائيل لقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهدم المستشفيات والمساجد كل ذلك أثر سلبا على صورة أمريكا أمام العالم وأظهرها على حقيقتها كدولة ظالمة لا تحترم القانون الدولي وتعتبره مجرد حبر على ورق ،فهي تكيل بمكيالين ولا تحرك ساكنا حيال قتل الأطفال وقتل أفراد المنظمة الدولية واغتيال الصحفيين وذويهم بل نراها تهرول خلف نتنياهو الذي يرى في إستمرار الحرب على غزة وقتل أطفالها وشيوخها مخرجا وحيدا لمواجهة الجرائم التي تلاحقه، والغريب في الموضوع أن يهرول الرئيس الأمريكي خلف نتنياهو ويتخلى عن القيم الأمريكية الأصيلة، فنراه يقف عاجزا امام سوء سلوك نتنياهو فيرفع الفيتو بوجه أي مشروع قرار يطالب بوقف الحرب في إجراء مستهجن ومبالغ به لرئيس وصل إلى البيت الأبيض برافعة استندت على حقوق الإنسان وإرساء الديموقراطيات ولكن الثلج قد ذاب وبان المرج وظهر الرئيس بايدن على حقيقته ربما لأنه شعر بأنه غير قادر على هزيمة السيد ترامب الذي بدأ رحلة الوصول إلى البيت الأبيض، في حين تشير إستطلاعات الرأي الموثوقه بأن السيد بايدن فقد رصيدا هائلا من مخزونه الإنتخابي الإستراتيجي بسبب انصياعه لإملاءات حكومة التطرف الإسرائيلي التي دأبت على إنتهاك القانون الدولي فهي حكومة لا تؤمن بالسلم ولا بالسلام بقدر تمسكها بالقتل والإرهاب كخيار إستراتيجي مما تسبب في إسقاط البيت الأبيض في الماء العكر ،فلم تعد أمريكا
شرطي مرور يمتلك خيوط اللعبة، ولم تعد قادرة على فرض هيبتها وقوة ردعها إلا على حلفائها المسالمين ،فقد خسرت جزءا كبيرا من ردعها في البحر الأحمر ودخلت في صراع خاسر مع القوات المسلحة اليمنية دفاعا عن اسرائيل حيث إنحصرت مطالب اليمنيين الإنسانية والقومية بوقف الحرب على غزة، وهذا مطلب كل العرب والمسلمين ،بينما يرى البيت الأبيض ما تراه إسرائيل من ضرورة إستمرار هذه الحرب مما دفع بالقوات اليمنية الباسلة لكسر قوة الردع الأمريكية ونتيجة لقصف المواقع اليمنية أصبحت الأهداف الأمريكية والبريطانية أهدافا مشروعة لدى القوات اليمنية بينما كان من الواجب على أمريكا وبريطانيا أن ينحازوا للقانون الدولي وللقانون الإنساني ويأمروا نتنياهو بوقف حربه على غزة، ولكنهم ما زالو يصرون على تحدي الإنسانية والقانون الدولي فنراهم يستسلمون لكذب نتنياهو ويقطعون المعونات عن منظمة إنسانية تخدم الأطفال والمستضعفين لا بل يأمرون حلفائهم بوقف دعم هذه المنظمة الإنسانية في سلوك قد يزيد من إنحطاط هيبة هذه الدول ،وإنهاء ما بقي لديهم من ردع ،فالبوارج التي تعتمد على الأسلحة الليزرية في إعتراض الصواريخ والمسيرات لم تعد قادرة على القيام بهذه المهمة بشكل فاعل فالصواريخ اليمنية تصل إلى أهدافها خلال خمسة وثلاثون ثانية بينما تحتاج أسلحة الإعتراض لخمسة وسبعون ثانية من تحليق هذه الأجسام حتى يتم رصدها واعتراضها ،وهذا يدل على تطور ملموس في هذه الصواريخ وما كان للقوات اليمنية ولا لحركات المقاومة الفلسطينية أن يصنعوا هذه الأسلحة ويطوروها لو كانت أمريكا عادلة وملتزمة بالقانون الدولي وتضع حدا لجرائم الإبادة الإسرائيلية، ولكن الظلم هو من يولد العنف وهو من يدفع بالمستضعفين للبحث عن طرق تكفل لهم حياة كريمة.
لذلك نرى المقاومين يرفعون راية النصر أو الإستشهاد ،فهل تستفيد أمريكا دروسا إستراتيجية مما حصل معها بسبب كيلها بمكيالين ،وظلمها للعرب وانحيازها لإسرائيل علها تستيقظ من نومها وتستدرك ذلك الإنزلاق والإنحطاط وتستعيد عافيتها بتحقيق العدالة وإخضاع إسرائيل للقانون الدولي والإستثمار في العرب الذين قدموا لها حتى الآن الغالي والرخيص ،ولكنهم قد يرفعون الفيتو في وجه السياسة الأمريكية الظالمة في أي لحظة إذا إستمرت أمريكا على هذا الحال وإذا إقترن ذلك بشجاعة روسية وصينية لتعبئة الفراغ ،فالشعوب العربية والإسلامية تبحث عن الحياة الكريمة والقدر سيستجيب لها وقيود الظلم ستنكسر كما نجح طوفان الأقصى في تدمير الردع الإسرائيلي وإظهار صورة الجيش الذي لا يقهر على حقيقته أمام العالم في هزيمة تاريخية للصهاينة.
وها هي تباشير النصر تتعاظم يوما بعد آخر فالشهداء من المدنيين نحتسبهم عند الله ،فالأقصى غالي ويحتاج من جميع العرب والمسلمين إلى تضحيات تليق به
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية وأعاد أمريكا إلى رشدها وصوابها.
عميد اردني متقاعد