شكرا لتراب الدوحة ...
ضاقت كل مقابر الوطن العربي به ، إلا تراب الدوحة احتضنه .. وضمه وكان رطبا حنونا عليه ...
شكرا لتراب الدوحة ... وشكرا لحكومتها وإعلامها .. وشكرا للدشاديش التي صانت العروبة ، وللعقال .. الذي لم يكن ترفا ولا مشروع مال ... ولا نفطا للهو.. بل نطق عقالهم بالعربية الفصحى وقاتل بأكثر مما يجب ...
شكرا للبلابل التي ستزور قبره في الصباح .. وستغرد فوق القبر ، وشكرا للندى الذي سيتشكل على حواف الطوب ويبلل مرقده ،شكرا للصبية والشباب والنساء اللواتي .. سيخرجن غدا للمشاركة في التشييع ... هؤلاء يعلمون أن المال لديهم لم يوظف لأجل الترف ... هؤلاء يعلمون أن اموالهم كانت خلف كل يد وكل ساعد وكل قذيفة امتدت إلى أرض المنازلة ...
شكرا للدوحة ... وأنا لا أكتب في إطار التقرب لغازهم المسال ... لعن الله الغاز والنفط والدولار ، ولكني اكتب لبداوتهم التي خطت في الصحراء خطاها ... واستنهضت في مكامن النفس همم الغيارى .. وعلمت الأرض كيف أن دولة بحجم القبلة على الخارطة .. كانت عملاق الأمة والمؤتمنة على ماتبقى من عروبتها ...
شكرا أيتها الدوحة ...
كنت الحنونة عليه حين قست الدنيا على شيباته ، كنت الأم الرؤوم حين تنكرت العواصم ... كأن دجلة كان يصب في حواف سوق واقف ، أو كأن بردى كان ينبع من ( لوسيل ) ... لا أكذب أيتها الحنونة إن قلت لك : أن الغناء كله واللحن كله والبارود كله والشجن العربي كله ... قد طاف ببحرك واستحم ... ثم عاد يحمل شهادة عليها من رملك ما عليها وتكحل بملح بحرك ...
شكرا للدوحة ..
شكرا للحبيبة التي احتضنت الحبيب للعاشقة التي خضبت كفها بالشرف ... للنخلة التي حاولوا ثنيها... وما دروا أن النخل ينبت مستقيما.. وعجرفة على الريح.... شكرا للدوحة ...
عبدالهادي راجي المجالي