الزوجة السامة: سمٌّ يفتك بالسعادة الزوجية
حنين البطوش
استشارية نفسية أسرية وتربوية
خلف الأبواب المغلقة، والابتسامات المزيفة والقناع الاجتماعي، وفي الظلال حيث لا ترى العيون، قد تخفي بعض العلاقات أسراراً مؤلمة ومروعة، وفي أعماق بعض القلوب، تتخفي سمومٌ خفية تدمر كل ما يحيط بها، نساء لا يدركن أن سحائبهن المظلمة تحجب ضوء سعادة من يحبونه، قد تكون السمية مرضاً خفياً، ينتشر دون أن يشعر به المريض نفسه، فوراء القناع الاجتماعي، قد تختبئ سموم نفسية تدمر كل ما يلمسها، ولكن الأمل موجود، فالتغيير ممكن، والعلاج متاح لمن يبحث عنه.
تخيلي أنكِ مرآة مشوهة، كلما نظرتِ إليها ترين نفسك أقل قيمة وأقل جاذبية، هذا هو ما تفعله الزوجة السامة بشريكها، عيونها تطلقهما برصاصات من الغيرة، شفتاها تلتوي في سخرية، وكلماتها تلسع كالسهام.
الزوجة السامة ليست مجرد قضية فردية، بل هي وباء اجتماعي ينخر في نسيج المجتمع، ويهدد استقرار الأسرة، وتتسم بصفات سلبية تؤثر بشكل مباشر على صحة العلاقة الزوجية، فهي كالسُم الذي يتسلل ببطء إلى العلاقة، يُدمرها من الداخل، ويترك آثارًا نفسية عميقة على الطرف الآخر.
تشن حربًا نفسية مستمرة عليه بوابل من الانتقادات اللاذعة، لا تكتفي بتشويه صورته في عينيه، بل تسعى جاهدة إلى التحكم بكل جوانب حياته، هي كالمطرقة التي تدق على أنفه، تذكره يومًا بعد يوم بأنه غير كافٍ، لا يجد ملاذًا آمنًا من سهامها المسمومة، حتى أفعاله البسيطة تتحول إلى أخطاء جسيمة في نظرها ،سمّ الشك يفتك بقلبها، وتُحكم قبضتها على روحه، تراقبه وتشك في كل حركة، تتهم وتتهم، ولا تجد راحة إلا في تعذيبه النفسي.
التهديدات بالانفصال أو إيذاء النفس سلاحها السري، تلوح به في وجهه ليثبت لها ولاءه المستمر، لا مكان للحب في قلبها، سوى الغيرة والحقد والكراهية، الزوجة السامة كالسُمّ الزاحف، يدمر الحياة الزوجية بهدوء، وتهديد حقيقي للسلم الأسري.
لماذا تتحول بعض النساء إلى سمٍّ في حياة أزواجهن؟
تخفي وراء هذا القناع أسبابًا نفسية عميقة، فربما تعاني من اضطرابات مثل النرجسية، حيث تشعر بأنها فوق الجميع وتستحق كل التقدير، أو الشخصية الحدية، التي تجعلها تعيش في تقلبات مزاجية حادة وتواجه صعوبة في التحكم في انفعالاتها، وقد تكون بيئة طفولتها القاسية هي من زرع بذور السمية فيها، فترى في العالم مكانًا عدائيًا وتسعى لحماية نفسها بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب سعادة الآخرين، وقد يكون الخوف من الرفض أو الخيانة هو المحرك وراء سلوكياتهن السامة، أو ربما يحملن ضغينة عميقة تسعون إلى الانتقام منها.
الزوج أسير في قفص من صنعها، الضغوط النفسية التي يتعرض لها تترك ندوبًا عميقة، تدفعه إلى العزلة والابتعاد عن كل من يحب، محولًا حياته إلى سجن مظلم، كل يوم يمر يزداد شعوره باليأس والإحباط، حتى يفقد الأمل في المستقبل، وهذه العلاقة السامة لا تؤثر فقط على الزوج، بل تمتد لتشمل الأسرة بأكملها، كالسحابة السوداء التي تحجب ضوء الشمس عن الجميع، وإن ضعف الوازع الديني لدى بعض النساء قد يساهم في بروز سلوكيات سامة، حيث يؤدي إلى إهمال القيم الأخلاقية كالإحسان والعدل والرحمة.
لا تيأس، فهناك نور في نهاية النفق، التعامل مع الزوجة السامة قد يكون تحديًا كبيرًا، وقد يبدو الأمر صعباً ، لكنك لست وحيدًا، لكنه ليس نهاية المطاف، يمكنك أن تتعافى وتبني حياة جديدة وسعيدة، ابدأ بخطوات صغيرة، وحاول تغيير نمط تفكيرك، لا تدع الماضي يحدد مستقبلك، وحاول أن تزرع بذور الحوار الهادئ، فقد تنبت شجرة تفاهم، ارسم خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها، فهي بمثابة درع يحميه.
لا تستسلم للإحباط، فالعالم مليء بأيدي تمتد لمساعدتك، طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل قوة، وهناك العديد من الأشخاص الذين مروا بتجارب مشابهة وتغلبوا عليها
ولا تتردد في طلب الدعم من من حولك، فالصديق الحقيقي والمعالج النفسي يمكنهما أن يكونا منارة في ليلك الدامس.
لا تخف من اتخاذ قرارات صعبة، حتى لو كانت مؤلمة، قد يكون الابتعاد عن هذه العلاقة فرصة لتغيير حياتك، والخطوة الأولى نحو الشفاء والتحرر، استثمر في نفسك، ابني ثقتك بنفسك، وحاول أن تحيط نفسك بأشخاص إيجابيين.
تذكر، سلامتك النفسية هي الأولوية، وابتعد عن أي علاقة تستنزف طاقتك.
حنين البطوش
استشارية نفسية أسرية وتربوية