محمد واصف ينثر ذُرى المجد على خشبة المسرح الشمالي ويخرج عن المالوف في افتتاح مهرجان جرش


أنباء الوطن -

 - إسلام العياصره

اشاد حضور حفل افتتاح مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته التاسعة والثلاثين بالمستوى التنظيمي لفعاليات الافتتاح الذي جاء برعاية ملكية سامية والتي اوقد شعلة المهرجان فيها رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان وسط مشاركة عربية واسعة لنخبة من وزراء الثقافة العرب والفنانين والمثقفين ورجالات الدولة والإعلاميين . الأوبريت الفني "على ذُرى المجد" الذي قدمه نخبة من الفنانين الأردنيين الشباب حمل انطباعاً غير مألوف في مستوى الاعداد والاخراج والتنسيق باشراف الفنان الدكتور محمد واصف كعمل فني درامي غنائي بصري قدم لوحة فنية احتفالية بالأردن على خشبة المسرح الشمالي الأثري في جرش ليجسد العلاقة الروحية بين اللغة، والقصيدة، والوطن في إطار درامي غنائي بصري ، حيث تخلل العرض وصلات غنائية وطنية فصيحة كتبها الشاعر حيدر محمود، أُعيدت صياغتها الموسيقية من حيث التوزيع الموسيقي قدمها فنانون أردنيون واعدون، بمرافقة فرقة استعراضية محترفة مصاحبة لعرض طائرات الدرون التي شكلت صوراً لجلالة الملك وولي العهد والمفاصل التاريخية الوطنية وشعار المهرجان ، بينما تُعرض المشاهد البصرية المبهرة على واجهة الحجر الأثري للمسرح الشمالي الروماني، ليُحوّل المكان إلى ذاكرة حية تنبض بالمجد. حيث انطلق العرض من صوت الراوي وهو يستحضر التاريخ، مُناديًا على بطلات الحكاية لتظهر اللغة العربية بصوت مهيب، مُجسَّدةً كشخصية درامية سامية، تخاطب الجمهور والقصيدة والوطن، وتقدم نفسها كروح الأمة ولسانها الخالد ، كما تجسدت القصيدة كشخصية حيّة نابضة بالحس، تخاطب اللغة كجدة وأم ورفيقة درب، وتعلن مسؤوليتها في تخليد الوطن بالكلمة ، لتنطلق بعدها الوصلات الغنائية التي تُنشد فيها أجمل القصائد الوطنية التي كتبها حيدر محمود. عبرت عنها لغة فصيحة تُقدَّم عبر أداء صوتي درامي مدروس، تُرافقه لوحات استعراضية راقصة تعبّر عن معاني القصيدة، من الفخر والانتماء. "على ذُرى المجد" لم يكن مجرد اوبريت فني افتتاحي ان جاز التعبير لابل كان انتقال فنياً بين الحوارات والقصائد بشكل سلس ومدروس اظهر التحول من التأمل إلى الغناء، ثم إلى الحركة والمشهد الدرامي الكامل. اما استخدم الحجر الأثري للمسرح الروماني كشاشة عرض بصرية وهي سابقة ابداعية وريادية عرضت من خلالها مشاهد رقمية 4D لتشمل:صور أرشيفية تاريخية وأعلام أردنية ولوحات رمزية ومشاهد شعرية متحركة ، ليتكامل هذا البُعد البصري مع الحدث الدرامي رابطاً بين روح القصيدة وذاكرة المكان، مما جعل العرض كله رسالة واحدة مكتوبة بالحركة والنور والصوت. ويُحسب للعمل أيضًا ما استطاع الدكتور محمد واصف، صاحب الرؤية في هذا الأوبريت ومنفذه والمشرف على كافة تفاصيله، أن يقدمه من توليفة فنية جديدة، جمعت بين الأغاني الوطنية الفصيحة وبين الحكاية الدرامية في توافقية عالية، عكست حرفيته كأكاديمي موسيقي وملحن متمرس في فهم البناء الدرامي للموسيقى وأثرها في تشكيل المعنى المسرحي. فقد أبدع الدكتور واصف في اختيار الأصوات التي أدت هذه الأغنيات، بما يخدم روح القصائد ويلائم حسّ الحكاية الدرامية التي كتبها وصاغها ببراعة. كما أحسن توظيف حضور الفنان عمر العبداللات كنجم لحفل الافتتاح بوصفه صوت الأردن في الوطن العربي، مشيرًا بذكاء درامي إلى فكرة الجيل الذي يسلم الجيل في مسيرة الأغنية الوطنية، ليأتي ظهور العبداللات في ختام العرض تتويجاً فنياً ومعنوياً له ولحضور الأغنية الأردنية في المهرجان. ومن اللافت أن الفنان عمر العبداللات قدم في حفل الافتتاح مغناة جديدة من كلمات الشاعر حيدر محمود، باللغة العربية الفصحى، في امتداد طبيعي لهذا الأوبريت، حيث ادت دور اللغة الفصيحة في هذا الأوبريت الفنانة الأردنية الكبيرة أمل الدباس، لتتجسد العلاقة بين الكلمة واللحن والأداء بأبهى صورها، شاركها التمثيل الفنانان هاني الخالدي، والفنانة نغم رشيد. اما الفنانون الذين سدحوا باغنياتهم وهم: مكادي نحاس، ونانسي بيترو، ونتالي سمعان، ونبيل سمور، وسعد حطيبات، وياسمين أحمد، وعبدالرحمن الخضور قدموا تنوعاً ابداعياً للكلمة والموسيقى الى جانب مشاركة فرقة مجدل للاستعراض الحركي التي قدمت لوحات راقصة وتعبيرية رافقت اللوحات الغنائية. أوبريت "على ذُرى المجد" ليس مجرد عرض فني، بل وثيقة فنية ثقافية وطنية تحمل رسائل عدة اهمها إبراز الأردن كوطنٍ يُروى بالفخر ويُغنّى بالحب وتُخلَّد ذكراه بالكلمة ، وتكريم الشاعر الأردني حيدر محمود الذي جعل من القصيدة الوطنية مرآة للمجد الى جانب تكريس اللغة العربية كبطلة لا تغيب عن مشهد الأمة ، اضافة الى المزج بين الأصالة والتكنولوجيا في توظيف المكان الأثري والتقنيات الحديثة لتجسيد الحكاية.