ندوة في "شومان" بعنوان "العرب ومشكلة العقل
عمان 19 تشرين الثاني- بدأت في مؤسسة عبد الحميد شومان، اليوم، فعاليات ندوة "العرب ومشكلة العقل"، والتي تنظمها المؤسسة بالتعاون مع مؤسسة بيت الفلسفة بإمارة الفجيرة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمفكرين من الأردن والدول العربية.
وقالت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية، في كلمتها التي افتتحت بها أعمال الندوة، "يبدو أننا في العالم العربي، لم نستطع إعادة العلاقة مع الفلسفة، فالقطيعة تواصلت على مدار قرون، وترسخت بفعل سياسيات رسمية أسهمت في أن يظل الطرفان على غير وفاق، سوى من مشاريع فردية ظلت تحرك المياه الراكدة بين فترة وأخرى، لكنها لم تنجح في أن تجعل التفكير الفلسفي أساسيا في حياتنا، ولا في مؤسساتنا العلمية والأكاديمية، وبذلك فالجهود الفردية، على أهميتها، لم تجبر الكسر الذي خلفته النظرة المتشككة تجاه الفلسفة، واتهامها بأنها يمكن أن تكون حصان طروادة الذي يعبث بإيماننا، أو كعب أخيل الذي يقتل المعتقدات، وربما الأخلاق، محكومة بإرث طويل من المواجهة بين الطرفين".
وأضافت أن الندوة تأتي لمناقشة التحديات الثقافية أمام إعمال العقل في العالم العربي، فعبارة "العرب ومشكلة العقل"، تشير بهامش قليل من الشك، إلى أن هناك آليات وتحديات خاصة بالعقل العربي، ألزمته بمحددات تفكير وعوامل ثقافية معينة، فرضت عليه نمطية ما نزال خاضعين لها حتى اليوم، مثلما نوهت إلى أن الندوة ستعاين العوامل المؤثرة بطرائق تفكير الإنسان العربي، والمعيقات المحددة للتفكير النقدي والإبداعي، والخصائص الثقافية المميزة لنمط تفكير العقل العربي عن غيره.
وبينت قسيسية، أن الندوة ستعرج على المحددات التاريخية، بما تشمله من تأثير التراث الفقهي والكلامي والفلسفي، ودور الصراعات التاريخية؛ الدينية والمذهبية، والبحث عن اليقين والتسليم للمطلقات، فضلا عن المحددات الثقافية والاجتماعية، ومفرداتها من السلطة الأبوية والهرمية، والمقدس وحدود النقد، وحال الحريات وتأثيرها على حرية التفكير، والمحددات التعليمية والمعرفية كنمط التعليم التلقيني السائد، وغياب فلسفة الحوار، موضحة أن هذه المحددات الكثيرة، هي ما يجعل الفلسفة عصية على عبور جدران عالمنا العربي، وهي ما يعيق كثيرا من مشاريع النهضة والتنمية التي نتغنى بها جميعنا، ولكن من دون أن نعمل شيئا لتحقيقها على أرض الواقع.
وأكدت أن مؤسسة عبد الحميد شومان، تعتز بشراكتها مع "بيت الفلسفة" في إمارة الفجيرة، وترنو إلى أن يتواصل مثل هذا التعاون مع جميع المؤسسات الثقافية والفكرية التي تحاول بناء الإنسان العربي ضمن سياقات الألفية الثالثة، ومتطلباتها الضرورية، مشيرة إلى أن فعالية اليوم، تأتي ضمن الأولويات التي تعمل مؤسسة عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، على التنوير بها.
وناقشت الندوة في اليوم الأول، محورين رئيسيين، وذلك من خلال جلستي عمل، حيث كان عنوان المحور الأول: "العقل العربي"، وأدارت الجلسة الإعلامية سماح بيبرس، حيث قدم كل من عميد بيت الفلسفة الدكتور أحمد برقاوي ورقة عمل بعنوان "ما العقل؟"، والدكتور محمد المصباحي ورقة بعنوان "العقل في الفلسفة العربية الوسيطة"، والدكتور أحمد ماضي ورقة بعنوان "العقل في الفلسفة العربية المعاصرة".
أما المحور الثاني فتمثل في: "عوامل التأثير في طرائق التفكير"، وأدار الجلسة المدرب في علم الفراسة الحديثة عصام أبو سنينة، إذ قدم كل من الدكتورة دعاء علي ورقة عمل بعنوان "الوعي العربي الراهن والعقل"، كما قدم الدكتور جورج الفار ورقة بعنوان "اللاهوت الديني والعقل"، مثلما قدم الدكتور حسين حماد ورقة بعنوان "التفكير العقلي والبنى الموضوعية"، والدكتور أنور مغيث ورقة عمل بعنوان "العائق الأيدولوجي العربي للتفكير العقلي".
وستتناول الندوة يوم غد الخميس، محور: "العقل والوعي والنقد والعقلانية"، ويدير الجلسة الأولى الدكتور أحمد الكركي، حيث سيتم تقديم أوراق عمل بعنوان "العقل والنقد العقلي"، للدكتورة لينا جزراوي، وورقة عمل بعنوان "النقد العقلي والوعي التاريخي العربي"، للدكتور زهير توفيق، وورقة عمل بعنوان "مشكلة الحقيقة والعقل"، للدكتورة ناريمان عامر. كما سيتم تناول محور: " تحديات في السياق العربي"، ويدير الجلسة الباحث عبد الله الهويدي، حيث ستقدم أوراق عمل بعنوان "التربية والتعليم في الوطن العربي وأثره على تكوين العقل"، للدكتور باسل الزين، و"الواقع والحرية والتفكير"، للدكتور محمد محجوب، و"إشكاليات تدشين خطاب فلسفي معاصر"، للدكتور مجدي ممدوح.
والجدير بالذكر أن "بيت الفلسفة" بإمارة الفجيرة، هي مؤسسة ثقافية انطلقت من إمارة الفجيرة في دولة الإمارات العربية لصياغة الوعي العقلاني ونشره وتعليمه. وتهدف إلى نشر القيم الأخلاقية، والجمالية، والتنوير، والتسامح، وتعزيز الفكر النقدي لدى الأطفال (تقنية p4c)، والشباب (موسوعة الفلسفة للناشئة والاسئلة الفلسفية للشباب)، والمجتمع الفلسفي (بخاصة معجم الفجيرة الفلسفي)، بالإضافة إلى المؤتمرات والحلقات الفلسفية وغيرها. كما تسعى المؤسسة إلى خلق نخبة فكرية إماراتية تفكّر في واقعها تفكيراً منهجياً سليماً.






