لماذا تحتاج الدولة إلى عشرة من أمثال يوسف العيسوي .. ؟؟


أنباء الوطن -

شادي سمحان

 

في المشهد الإداري الأردني يبرز اسم معالي رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي بوصفه نموذجا مختلفا في المسؤولية العامة ليس لأنه يشغل موقعا رفيعا فحسب بل لأن حضوره في الميدان وتماهيه مع التفاصيل ومشفافيته في التعامل مع المواطنين جعله حالة فريدة تستحق التأمل والقراءة.

 

فالعمل العام في الأردن ليس بالألقاب بل بالفعل ومن يراقب مسيرة العيسوي اليومية يدرك أنه من القلائل الذين اختاروا أن تكون مسؤوليتهم التزاما لا وظيفة ورسالة لا بروتوكولا هذا الرجل الذي يجوب المحافظات من الشمال إلى الجنوب حاملا واجبات الدولة في العزاء والزيارات والمتابعات لا يفعل ذلك من باب الاستعراض بل من باب الإيمان بأن الدولة يجب أن تكون حاضرة في كل بيت وقريبة من كل مواطن.

 

وفي بيت الأردنيين يستقبل العيسوي أكثر من ألف مواطن يوميا يستمع ويدون ويتابع ويوجه وليست الأرقام هنا للتفاخر بل للدلالة على حجم الجهد المبذول وعلى قناعة راسخة بأن احتياجات الناس صغيرة كانت أم كبيرة تستحق أن تسمع وأن تناقش وأن تعالج.

 

هذا النموذج في الإدارة تعتمد عليه الدولة في تنفيذ المبادرات الملكية ومتابعة المشاريع وضمان وصول المكرمات إلى مستحقيها وهو نموذج يذكر بأن فعالية الإدارة لا تقاس بالضجيج بل بالقدرة على تحويل الجهد اليومي إلى أثر ملموس في حياة المواطنين..

 

والسؤال الذي يتداوله الناس بحق لماذا لا نملك عشرة مسؤولين بنفس هذا المستوى من الانخراط والجدية ليس لأن الأردن عاجز عن إنتاج الكفاءات بل لأن هذا النمط من العمل الميداني المكثف يحتاج إلى شخصية استثنائية تضع الواجب قبل الراحة والميدان قبل المكتب وصوت المواطن قبل أي اعتبار آخر.

 

ومع ذلك فإن وجود شخصية مثل يوسف العيسوي يثبت أن النموذج قائم وأن الإمكان موجود وأن الإدارة الأردنية قادرة على تقديم الأفضل حين يتوافر القائد الذي يؤمن بأن المسؤولية تكليف لا تشريف.

 

إن التجربة التي يقدمها العيسوي اليوم ليست مجرد أداء وظيفي بل درس في معنى القرب من الناس وفي قيمة المتابعة وفي قوة الحضور الفاعل للدولة ومن الطبيعي أن يسأل الأردنيون عن إمكانية تعميم هذا النموذج وعن الحاجة إلى قيادات تتبنى فلسفة العمل التي تقوم على الاجتهاد والإخلاص والالتزام بواجبات الدولة تجاه مواطنيها.

 

فالأردن كما كان دائما يستحق مسؤولين يعملون بصمت ويتقدمون نحو الناس ويمنحون الوظيفة العامة معناها الحقيقي والمسؤول الذي يجسد هذه المعاني يوميا يستحق أن يذكر ويقدر وأن يكون قدوة في الإدارة العامة.