القضاء‭ ‬المصري‭: ‬تيران‭ ‬وصنافير‭ ‬لنا،‭ ‬وهو‭ ‬أمرٌ‭ ‬‮«‬مقطوع‭ ‬به‮»‬


أنباء الوطن -

 

‭- ‬اصدرت‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬المصرية‭ ‬العليا‭ ‬اليوم‭ ‬الاثنين‭ ‬16‭ ‬كانون‭ ‬الثاني،‭ ‬‮«‬حكماً‭ ‬تاريخياً‮»‬‭ ‬أكدت‭ ‬فيه‭ ‬سيادة‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬جزيرتي‭ ‬تيران‭ ‬وصنافير‭ ‬ورفض‭ ‬نقل‭ ‬تبعيتهما‭ ‬للسعودية،‭ ‬رافضةً‭ ‬بذلك‭ ‬الطعن‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية،‭ ‬ومشددة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سيادة‭ ‬مصر‭ ‬علي‭ ‬الجزيرتين‭ ‬امرٌ‭ ‬‮«‬مقطوع‭ ‬به‮»‬‭.‬

وأعلن‭ ‬المستشار‭ ‬أحمد‭ ‬الشاذلي،‭ ‬رئيس‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬العليا‭ ‬بمجلس‭ ‬الدولة،‭ ‬أنه‭ ‬استقر‭ ‬في‭ ‬يقين‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬لمصر‭ ‬السيادة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬جزيرتي‭ ‬تيران‭ ‬وصنافير،‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬إلغاء‭ ‬لاتفاقية‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية‭.‬

واندلعت‭ ‬مشادات‭ ‬كلامية‭ ‬بين‭ ‬الشرطة‭ ‬والمحامين‭ ‬بمجلس‭ ‬الدولة‭ ‬قبل‭ ‬نطق‭ ‬حكم‭ ‬تيران‭ ‬وصنافير،‭ ‬ولكن‭ ‬المحكمة‭ ‬المصرية‭ ‬اعلنت‭ ‬عن‭ ‬قرارها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الجزيرتين‭ ‬مصريتين‭ ‬بالكامل‭.‬

وكانت‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية‭ ‬أتفقتا،‭ ‬في‭ ‬إبريل‭/‬نيسان‭ ‬الماضي،‭ ‬غداة‭ ‬زيارة‭ ‬الملك‭ ‬السعودي‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الى‭ ‬مصر،‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬الجزيرتين‭ ‬للسعودية،‭ ‬ضمن‭ ‬اتفاقية‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬والتي‭ ‬وقعها‭ ‬اللمك‭ ‬السعودي‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭.‬

ويؤكد‭ ‬حقوقيون‭ ‬مصريون‭ ‬امكانية‭ ‬إحالة‭ ‬الدعوى‭ ‬لدائرة‭ ‬قضائية‭ ‬أخرى‭ ‬ولكن‭ ‬الحكم‭ ‬فيها‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬عامين‭ ‬وأكثر‭ ‬ومن‭ ‬المستعبد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬قبول‭ ‬الطعن‭ ‬الحكومي‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬

وترى‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الجزيرتين‭ ‬تتبعان‭ ‬السعودية‭ ‬وخضعتا‭ ‬للإدارة‭ ‬المصرية‭ ‬العام‭ ‬1967‭ ‬بعد‭ ‬اتفاق‭ ‬ثنائي‮»‬‭ ‬بين‭ ‬القاهرة‭ ‬والرياض؛‭ ‬بغرض‭ ‬حمايتها‭ ‬لضعف‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬السعودية،‭ ‬آنذاك،‭ ‬وكذلك‭ ‬لتستخدمها‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ولكن‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬وعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الشعب‭ ‬يرفضون‭ ‬تلك‭ ‬المزاعم‭ ‬ويؤكدون‭ ‬أن‭ ‬الجزيرتين‭ ‬مصريتين‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬لأي‭ ‬أحد‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الأرض‭.‬

وشهدت‭ ‬مصر،‭ ‬في‭ ‬اعقاب‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بين‭ ‬القاهرة‭ ‬والرياض‭ ‬مظاهرات‭ ‬ضخمة،‭ ‬استمرت‭ ‬لأيام‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭/ ‬نيسان‭ ‬الماضي،‭ ‬احتجاجات‭ ‬على‭ ‬الإقرار‭ ‬بملكية‭ ‬السعودية‭ ‬للجزيرتين،‭ ‬واجهتها‭ ‬الداخلية‭ ‬المصرية‭ ‬بالقمع‭ ‬وألقت‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬فيها،‭ ‬ولكن‭ ‬رغم‭ ‬الاجراءات‭ ‬المشددة‭ ‬لم‭ ‬تفلح‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬نبض‭ ‬الشارع‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬القضية،‭ ‬واستمرت‭ ‬المظاهرات‭ ‬المتقطعة‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬الأخير‭.‬

وانطلقت‭ ‬دعوات‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬،‭ ‬للتواجد،‭ ‬أثناء‭ ‬النطق‭ ‬بالحكم،‭ ‬وسط‭ ‬إجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬حذرت‭ ‬من‭ ‬التواجد‭ ‬أمام‭ ‬المقار‭ ‬الحكومية‭ ‬والقضائية‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬800‭ ‬متر‭.‬

وكانت‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية،‭ ‬أحالت‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬اتفاقية‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬البحرية‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية،‭ ‬التي‭ ‬تقضي‭ ‬بتنازل‭ ‬مصر‭ ‬للسعودية‭ ‬عن‭ ‬سيادتها‭ ‬على‭ ‬جزيرتي‭ ‬تيران‭ ‬وصنافير‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬وذلك‭ ‬للتصويت‭ ‬عليها‭ ‬بالقبول‭ ‬أو‭ ‬بالرفض،‭ ‬ولكن‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬أرجأ‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬التصويت،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مقرراً‭ ‬له‭ ‬حسم‭ ‬مسألة‭ ‬الاتفاقية‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬يناير‭/ ‬كانون‭ ‬الثاني‭ ‬الجاري،‭ ‬ولم‭ ‬يحدد‭ ‬موعداً‭ ‬ثابتاً‭ ‬للحسم،‭ ‬لحين‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬المرفوعة‭ ‬أمام‭ ‬القضاء‭ ‬المصري،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬الحكم‭ ‬بها‭ ‬اليوم‭ ‬الاثنين‭.‬

وتحدثت‭ ‬وسائل‭ ‬اعلام‭ ‬مصرية‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬ملاحق‭ ‬سرية‭ ‬للاتفاقية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بجزيرتي‭ ‬تيران‭ ‬وصنافير‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬لرفض‭ ‬عرضها‭ ‬كاملة‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬للتوقيع‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يرفض‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬المصري‭ ‬الفريق‭ ‬صدقي‭ ‬صبحي‭ ‬وكذلك‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬سامح‭ ‬شكري‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬خشية‭ ‬محاكمتهما‭ ‬مستقبلا‭ ‬أو‭ ‬اتهامهما‭ ‬بالتفريط‭ ‬في‭ ‬أراضٍ‭ ‬مصرية‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬لتأييد‭ ‬كبير‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬لكن‭ ‬الأخير‭ ‬رفض‭ ‬تسويق‭ ‬اتفاقية‭ ‬ترسيم‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬وحتى‭ ‬ائتلاف‭ ‬دعم‭ ‬مصر‭ ‬الموالي‭ ‬للسيسي‭ ‬‮«‬أكبر‭ ‬الكتل‭ ‬البرلمانية‮»‬‭ ‬أعلن‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬معارضة‭ ‬تسليم‭ ‬الجزيرتين‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬حكم‭ ‬القضاء،‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البرلمانيين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تمرير‭ ‬الاتفاقية‭ ‬إلا‭ ‬باستفتاء‭ ‬عام‭ ‬مستندين‭ ‬في‭ ‬رأيهم‭ ‬الى‭ ‬المادة‭ ‬151‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬المصري‭ ‬باعتبار‭ ‬الاتفاقية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬ترسيم‭ ‬لحدود‭ ‬مقررة‭ ‬سلفًا‭ ‬وإنما‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬مصادر‭ ‬حكومية‭ ‬مصرية‭ ‬كشفت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬أن‭ ‬الوفد‭ ‬العسكري‭ ‬السعودي‭ ‬برئاسة‭ ‬المستشار‭ ‬الاول‭ ‬للمك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬وجه‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للقاهرة‭ ‬انذارا‭ ‬اخيرا‭ ‬شديد‭ ‬اللهجة‭ ‬للسيسي‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬فورا،‭ ‬وفي‭ ‬غضون‭ ‬اربعة‭ ‬اسابيع،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬مواجهة‭ ‬عواقب‭ ‬قاسية‭.‬

‭- ‬‮«‬وكالات‮»‬