ترقب وحبس للأنفاس قبل الافتتاح .. إسرائيل تستنفر والفلسطينيون مصرون على المواجهة
يتزامن افتتاح السفارة الأميركية الجديدة بالقدس اليوم الاثنين 14 مايو/أيار مع الذكرى الـ70 للنكبة، فيما يستعد الفلسطينيون لتنظيم مسيرة مليونية في قطاع غزة في امتداد لمسيرات العودة التي دأب سكان القطاع على تنظيمها كل جمعة منذ 30 مارس/آذار الماضي.
كما تسود حالة ترقب في القدس الذي سيشهد خروج الفلسطينيين في مسيرات احتجاجية بسبب نقل السفارة اللأميركية، في وقت تعيش فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي حالة استنفار قصوى، وهو ما ينبئ بوقوع صدامات بينها وبين المقدسيين وأيضا على طول الجدار الفاصل بين غزة وإسرائيل.
وفي مكان هادئ نسبياً داخل حي "أرنونا" الراقي، المليء بالمباني الفاخرة، تزيَّنت الشوارع والأزقَّة بالأعلام الأميركية والإسرائيلية، لاستقبال زائر مرحَّبٍ به في إسرائيل، وثقيل الظِّل على الفلسطينيين.
على بُعد 6 كيلومترات من المسجد الأقصى، حيث السفارةُ الأميركيةُ التي ستقيم في الحي مؤقتاً لحين إقامة مبنى ضخم لها، تقام السفارة على أنقاض أرض تعود لعائلة "الفتياني" المقدسية، اختِير الموقع بعناية، لما فيه من رمزية دينية وجغرافية وثقافية وسياسية.
استَبَقَتْ السلطاتُ الإسرائيلية افتتاح السفارة، المقرر اليوم الإثنين 14 مايو/أيار 2018، بتحضيرات كبيرة، شملت تجهيز المبنى في شارع أرنونا، الواقع بمستوطنة "هرمون هنتسيف"، على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لافتات تَدل على موقع السفارة الأميركية بالقدس، وأعلام أميركية وإسرائيلية في الأماكن المحيطة، وحواجز عسكرية، منعاً لاقتراب الفلسطينيين الذين ينوون الاعتصام عند أقرب نقطة للسفارة الأميركية احتجاجاً على افتتاحها، فضلاً عن تعليق مئات الصور التي تحمل صور ترامب والأعلام الأميركية في الشوارع والباصات الإسرائيلية.
المقدسي أبو رموز، قال إن القدس تشهد حالةً من الاستنفار الإسرائيلي الكبير وغير المسبوق، حيث تنتشر قواتُ الاحتلال بجميع وحداتها في القدس الشرقية وعند بوابات الأقصى".
ووصف ما يجري في القدس بـ"الاحتلال الأميركي" قائلاً: "إن صور ترامب والأعلام الأميركية في كلِّ مكانٍ بالقدس، والمدينة المقدسة وأهلها يتعرَّضون لاحتلالين الآن؛ إسرائيلي وأميركي"، مشدداً على أن العائلات المقدسية بدأت تتجهَّز للخروج في شوارع القدس، تنديداً بالإجراءات الأميركية والإسرائيلية.
اقتحامات مستمرة
المسجد الأقصى شهد امس اقتحام 2000 مستوطن، وفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، لكن الأخطر من هذا أداء المستوطنين صلوات تلمودية ورقصات في باحات المسجد، بشكل علني لأول مرة، تحت حماية شرطة الاحتلال.
وعلَّق المنسِّق الإعلامي في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فراس الدبس، على اقتحام الأقصى بالقول: "إن القدس شهدت يوماً عصيباً، حيث ضربت الشرطة الإسرائيلية حرَّاس المسجد الأقصى، ومنعت المقدسيين من دخول المسجد، وأغلقت بواباته، بالتزامن مع اقتحام مئات المستوطنين".
وأضاف الدبس في تصريح ، أن السلطات الإسرائيلية تؤسِّس لمرحلة جديدة لتهويد المسجد الأقصى وتقسيمه، في ظلِّ افتتاح السفارة الأميركية بالقدس، مُحذِّراً من مخطَّطات الاحتلال بالاستيلاء على مقبرة باب الرحمة، الملاصقة للمسجد، وتحويل باب الرحمة ممراً لاقتحام المستوطنين، إلى جانب باب المغاربة.
وشدَّد على أن هذه المخططات تشمل القطار الهوائي، الممتد من جبل الطور لجبل باب الرحمة، الأمر الذي سيسمح لاقتحام آلاف مؤلَّفة من المستوطنين للمسجد.
توافد المستوطنين
أغلقت قوات الاحتلال كلَّ الطرق المؤدية لباب الساهرة وباب العامود وأحباء باب الجوز والطور بالقدس الشرقية، مساء اليوم، تمهيداً لمسيرة كبيرة للمستوطنين لإحياء الذكرى الـ"50 لتحرير القدس"، وفق التقويم العبري، الذي يوافق ذكرى احتلال القدس بالنسبة للفلسطينيين.
وبدأ المستوطنون بالتوافد إلى المسجد الأقصى مروراً بأحياء القدس، رافعين الأعلام الإسرائيلية، ومردِّدين شعاراتٍ عنصرية، وستكون ذروة مسيرات المستوطنين الليلة بمسيرة ضخمة عند حائط البراق بالمسجد الأقصى.
ومنعت قوات الاحتلال المقدسيين من العبور في البلدة القديمة وعند أبواب الأقصى، كما اعتدت على مقدسيين نظَّموا وقفةً أمام باب العامود، تنديداً بمسيرة المستوطنين، في الوقت الذي منعت فيه الصحفيين من الاقتراب من المكان.
وقالت الصحفية المقدسية "رناد شرباتي": إن جنود الاحتلال منعوها من الاقتراب من باب العامود، وخلال تواصلنا معها هاتفياً استمعنا إلى حديث الجندي الإسرائيلي الذي منعها من الدخول للمسجد، حتى بعد كشفها عن هويتها الصحفية، وصاح فيها للخروج من المكان.
رفض مقدسي رسمي وشعبي
أهل القدس أعلنوا حالة الاستنفار من طرفهم، استعداداً لليوم الإثنين، حيث أعلنوا عن تنظيم مسيرة ستتوجه إلى أقرب نقطة من السفارة الأميركية بالقدس، وفق عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس.
وقال صبري، خطيب المسجد الأقصى، "إن أهل القدس رفضوا قرار ترمب منذ اللحظة الأولى، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الإجراءات الأميركية والإسرائيلية بحق القدس".
وأضاف: "سنعتصم أمام السفارة الأميركية، وسنُسمِع الوفد الأميركي والإسرائيلي صوتنا، بأننا لن نقبل بتهويد القدس"، داعياً في الوقت ذاته إلى إنقاذ المدينة المقدسة من الخطر المحدق بها "في ظل إجراءات عزلها عن محيطها وإضعافها سكانياً وتجارياً واقتصادياً، وتهويد معالمها المقدسة"، على حد قوله.
وشدَّد صبري على أن القدس هي فلسطينية، ونعتبر أي إجراء إسرائيلي باطلاً ولا يأخذ صفة الشرعنة، لافتاً إلى أن كل محاولات الاستفزاز الإسرائيلية بنشر الأعلام الأميركية وصور ترامب في القدس ستنعكس غماً على المؤسسة الإسرائيلية.
وشاركه في الرأي كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل عام 1948، الذي أكد أن 70 عاماً، وهو عُمر احتلال فلسطين لن يكون أقوى من 4500 عام من وجود الفلسطينيين على هذه الأرض.
ولفت الخطيب إلى أن لجنة المتابعة بالداخل الفلسطيني دعت لمظاهرة حاشدة، ستتوجّه لمقر السفارة الأميركية الجديد بالقدس، للتأكيد على رفض هذا القرار.
واستنكر الخطيب الموقف الرسمي العربي، الصامت إزاء ما يجري في القدس، ومُندداً بما اعتبره تقارباً من بعض الدول مع إسرائيل، معتبراً ذلك "تآمراً على الشعب الفلسطيني"، حسب تعبيره.