الليرة التركية "تتهاوى" أمام الدولار
في ازقة البازار القديم المعروف (بغراند بازار - او السوق المغطى)، في قلب اسطنبول القديمة، لا يسمع هنا الا صراخ تجار العملة وهم يتبادلون الانباء ويبلغون سماسرة العملة عن آخر أسعار صرف عملتهم المحلية، التي تواصل تدهورها السريع امام الدولار الامريكي منذ اسابيع.
أجواء ترقب وحذر بل وشكوك بأن تستقر الامور قريبا، أصابت أسواق العملة وومحال بيع المعادن الثمينة في البلاد، بعد ان فقدت الليرة التركية أكثر من عشرين في المئة من قيمتها في الأشهر الخمسة الاخيرة فقط..
وسجلت الليرة انخفاضا جديدا صباح الأربعاء، لتتخطى حاجز 4.88 ليرة مقابل الدولار الواحد، بعد أن اقفلت الثلاثاء عند 4.65، وبدا أن أحوال البلاد التي تستعد لخوض انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة الشهر المقبل، قد ألقت بظلال ثقيلة على وضعها الاقتصادي، الذي لطالما تغنت به حكومتها التي يقودها حزب العدالة والتنمية المحافظ منذ ستة عشر عاما.
يوكسل أوموت، 55 عاما، تاجر ذهب في السوق القديم، يقول إن أحوال السوق تصيبنا بالشلل، فالجميع يريد أن يعرف إلى أين يمكن أن تصل الأمور؟، وكيف وعلى أي سعر سيستقر سعر صرف الليرة، مؤكدا أن حجم الإقبال على شراء الحلي والمصوغات الذهبية، شبه متوقف باستثناء عمليات البيع، فالجميع برأيهم ينتظر وصول العملة إلى حالة من الاستقرار.
حاولت الحكومة التركية التخفيف من الضغوط المفروضة عليها، لاسيما من قبل أحزاب المعارضة، التي ترى في الأمر فرصة مواتية لإيلام الحزب الحاكم، قبل موعد الانتخابات، بحسب الكاتب والمحلل السياسي التركي غوكتاي بيرم لكنه اردف قائلا إن الازمة هذه المرة يبدو انها الأصعب، وليس بمقدرو الحكومة أن تضبطها.
أرجع الدكتور عبد الرحمن الجاموس، خبير السياسات والاقتصاد في تركيا، تدهور العملة المحلية التركية لأسباب اقتصادية وسياسية.
ومن بين الأسباب الاقتصادية "مؤشرات التضخم العالية، وتصادم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع البنك المركزي والاختلاف على سعر الفائدة".
وكان أردوغان قال خلال لقاء مع وكالة "بلومبرغ" الألمانية، الشهر الماضي، إنه يخطط لفرض سيطرة أكبر على الاقتصاد في حال فوزه بالانتخابات المقررة الشهر المقبل ، وطلب أردوغان من البنك المركزي (المستقل في تركيا) أن يتنبه لما يقوله الرئيس ويعمل على أساسه.
ويطالب الرئيس التركي بخفض معدل الفائدة التي تبلغ في تركيا 13.5%، معتقدًا أن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم كما أرجع خبراء السبب إلى عدم اقتناع المستثمرين بالآلية التي يخطط الرئيس التركي اتباعها لخفض التضخم.
قال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، الأربعاء، إن "من يعتقد أنّ التلاعب بسعر صرف الليرة سيغير من نتائج الانتخابات المقبلة مخطئ؛ فالشعب كشف اللعبة ومن يقف وراءها، ولن يسمح لأحد بالنيل من تركيا"، جاء ذلك في تصريح للصحفيين بولاية يوزغات وسط تركيا.
وأضاف بوزداغ: "ندرك جيداً وجود إرادة تسعى للتأثير على الناخبين الأتراك عبر رفع سعر الدولار أمام الليرة التركية، قبيل انتخابات 24 يونيو/حزيران المقبل. نعرف قواعد الاقتصاد، ونؤكد أن اقتصادنا قوي".
وحذر بوزداغ من أن الجهات التي تقف وراء رفع سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية " ستدبر الكثير من المؤامرات" قبيل الانتخابات لكنه أكد على الثقة في تخطي البلاد كافة الصعوبات كما نجحت في السابق.
وأردف أن جميع المؤامرات التي تحاك ضد تركيا الهدف منها عرقلة فوز الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو على الأقل تقييد وتكبيل حركته عبر البرلمان.
يشار أن البرلمان التركي أقر، في 28 أبريل/نيسان الماضي، بأغلبية الأعضاء، مقترحًا لحزبي "العدالة والتنمية"، و"الحركة القومية"، بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 يونيو/حزيران المقبل، بدلًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2019.