المال السياسي ومُهددات النظام العام
كتب محمد قبيلات
لا بد لدورة رأس المال الفاسد أن تشمل مرحلة الانتخابات، ففي هذه المرحلة تستطيع طُغم الفساد أن تخترع سياسيين، وتزج بهم إلى مضمار السياسة، بعد أن تزركشهم وتقدمهم للرأي العام كمدافعين عن الشعب، فتزرعهم في غرف البرلمان محامين عن شياطين الفساد، متخلين عن دور النواب الحقيقيين في الرقابة والتشريع.
ليست المشكلة فقط بتزوير إرادة الناس، بل تضاف إليها قائمة طويلة من سلبيات تقود بالنهاية إلى تهالك بنى الدولة، وتأتي لحظة تعصف بكل ما أنجز، فإضافة إلى إفراغ الديمقراطية من محتواها، فإن حالة الاستقواء على مؤسسات الدولة ستتفشى، وليس أكثر من التعدي على الدستور والقانون يضعف هيبة الدولة.
في هذه الانتخابات البرلمانية، التي يجري الاعداد لها الآن، يكثر الحديث عن سطوة المال السياسي، فالطريقة التي صيغ بها القانون من حيث القوائم ونسبيتها؛ تجعل تشكيل القائمة لا تتم إلا من خلال المتنفذين، لا من خلال تلاقي المصالح العريضة على برامج سياسية واضحة، ما اتاح المجال لجعل الانتخابات مجرد غسّالة أموال أو ماكينة انتاج نواب مهجّنين.
ومهما حاولت الجهات المعنية الآن أن تكافح ظاهرة المال السياسي فإنها لن تفلح، فالقصة مجالها علاقات شائكة معقدة بين آلاف المرشحين وملايين الناخبين، فبأي طريقة جهنمية تسطيع الأجهزة الأمنية والقضائية أن تكافح ظاهرة أسس لها قانون الانتخاب وتموضعت في البيئة المناسبة؟.
مشكلة «ترزية القوانين» النظرة الواحدية المسكونة بهواجس أمن واستقرار الطبقة السياسية الحاكمة في التو واللحظة وليس أمن واستقرار المجتمع والدولة، لذلك تُصاغ قوانين الانتخاب غير مراعية الجوانب المختلفة والتأثيرات الأوسع أو غيره، فليست المشكلة فيما سرق الفاسد، بل بالاجراءات التي يتخذها للتغطية على فساده، التي تمأسس عملية الفساد لاحقا وتجعلها متمددة في «السيستم».
وأيضا المشكلة بما سيمرره الفاسد من قوانين، بعد أن يُصعَّدَ إلى مجلس النواب برغبة الكتلة الفاسدة، فإن «مجلس الشعب» المشكل على هذه الارادة، سيكون ممرا لقوانين لا تراعي المصالح الوطنية، بل فقط تراعي مصالح طبقة معينة، حيث لا رقيب ولا حسيب.
فقانون الانتخاب الحالي يقوي سطوة المال السياسي ويضعف تمثيل ارادة الناس الحقيقية.
..............
- عن «نيسان»