هل للمرأة في الجنة زوج من غير البشر؟
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين! وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟ قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط، قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة: فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقًا.
وفي الصحيحين أيضا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:لا يزال يلقى في النار وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رب العالمين قدمه فينزوي بعضها إلى بعض، ثم تقول: قد، قد، بعزتك وكرمك، ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة.
وليس في هذين الحديث ذكر لزواج هذا الخلق الذي ينشئه الله للجنة، وهل هم إناث أم ذكور أصلا!!! قال الشيخ الغنيمان في شرح كتاب التوحيد من صحيحالبخاري:قوله صلى الله عليه وسلم: ولا تزال الجنة تفضل، حتى ينشئ الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة ـ أي أن أهل الجنة الذين يدخلونها ينتهون، وفيها فضل مساكن لم يصبها أحد، لعظم سعتها.. وقد وعد الله تعالى الجنة والنار أن يملؤهما من الجنة والناس ومما يشاء، فأما النار: فإن الله تعالى لا يدخل فيها إلا من يستحقها، ولا يظلم أحداً، ولسعتها أيضاً يتنهي أهلها دخولاً فيها مع كثرتهم، وهي تطلب الزيادة، وتسأل الله وعده، فعند ذلك يضع عليها تعالى قدمه، فتتضايق على أهلها، فينزوي بعضها إلى بعض، أي تجتمع فتصبح ليس فيها موضع لأحد فيحصل بذلك ملؤها، وأما الجنة: فإن الله تعالى يخلق لها خلقاً جديداً فيسكنهم فضلها، أي المساكن التي فضلت عمن دخلها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لا راد لفضله، ولا مانع لعطائه. اهـ.
وإذا لم يثبت بدليل مقبول أن للمرأة في الجنة زوجا من غير البشر، فليس هناك مجال لبقية سؤال السائلة! وقد سبق لنا الجواب عن سؤال: لماذا لم يُخلق مثل الحور العين ذكور؟ فراجعي الفتويين رقم:237736، ورقم: 139447.
وهنا ننبه السائلة على أن الله تعالى لما ذكر فضيلة جنس الذكور على الإناث في قوله:الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ{ النساء:34}.
قال قبلها:وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا{النساء: 32}.
وفي ذلك إشارة لسبب الإشكال الحقيقي عند السائلة، والذي أشارت إليه بقولها: أغار مما للرجال، أحس بأنهم سعداء جنسياً في الدنيا وفي الآخرة!!! قال الراغبالأصفهاني في تفسيره:التمني: تشهي الإِنسان أن يُمنى له شيء، أي يُقدر وذلك مذموم، فإن تمنيّه إن كان لشيء قَدَرُهُ أن لا يُبلَغ إلا بالطلب فيجب أن يطلبه لا أن يتشهّاه، وإن كان لشيء يأتيه بغير طلب فتشهيه محال، وإن كان الشيء لم يُقدَّر ففي تشهيه معارضة حكمة ،ولكون ذلك غير مغن، قال الشاعر: ... إنَّ لَيْتًا وإنَّ لواً عناء ـ وقال:.. وما يغني عن الحدثان ليتُ ـ وهو مع ذلك ذريعة إلى التحاسد والبخل والظلم. اهـ.
وقالالسعدي في تفسيره:ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة، فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا، لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها، ولأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب، وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه.