لنرفع أسم أوطاننا النامية ونصل بها للتقدم
الرقميات في هذا القرن تخطت الـ (0،1) وأصبحت جزء لا يتجزأ من بشريتنا السمحاء. حيث اختلط الحابل بالنابل، والبوكيمون بأسعد وأحمد، ودانا ولانا. وأصبحنا نسير برؤوس مطأطأة ليس ذلًا أو عارًا بل على العكس فخرًا واعزازًا بالصيد الوفير الذي سنجنيه خلف الكواليس الشبه حية، لنصل للقمة عن طريق البوكيمون.
الجميل أننا تخلصنا بشكل ملفت من ثقافة العار القديمة. وأصبحنا نادرًا ما نسمع عن قضايا الشرف التي لم تنقرض لكنّها قليلة. وهذا المؤشر الايجابي منح مجتمعنا ثقة لا بأس بها ليساير التقدم الحضاري في المجتمعات المتقدمة. ويلبسنا كل الفخر الرقمي، فنحن حصدنا مستويات مرتفعة من مراتب الشرف الرقمية سواء بالبوكمون أو غيره من ألعاب الصيد التي تعد نقطة تحول تحسب لصالحنا من مواكبة التقدم الغربي.
لكن اتباع الغرب امر قد لا يحمد في كافة المجالات. فمازال هناك جمع خفير من المعارضين للتقدم الحضاري هذا. والمستمسكين بالعروة الوثقى، اللافت في الأمر أن هنالك حديث لرسولنا الكريم يقول فيه: " لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ " وهذا الحديث مشابه جدًا لطأطأة الرؤوس التي أراها يوميا وأنا عائدة من عملي في الشوارع وفي عطلة نهاية الأسبوع وعندما أرتاد مقهاي المفضل لشرب كوب من القهوة وكمال عملي في تدقيق مجموعتي القصصية الجديدة، فالجميع يتبع البوكيمون شبرًا شبرًا، وذراعًا ذراعًا، ويلْتوّن ويلِجوّن أماكن غريبة عجيبة ليصطادوا بوكيمون، لا يسمن ولا يعني من جوع. منذ يومين وأثناء تجوالي في صفحات الأخبار، بطابع أني أعمل بالصحافة قرأت مادة منشورة عن أغرب الأماكن التي وجد فيها بوكيمونات لأتفاجأ أن أحدهم وجده في سلة قمامة المدينة. واخرون وجدوا البوكيمونات في نوادي التعري والمقابر. وهذا أمر لا نحسد عليه. وهذه الأماكن بمثابة حجر الضب، فالضب من أسوأ الحيوانات التي يضرب فيها المثل. خصوصا أن حجره شديد الضيق. ورديء جدا كهذه الأماكن.
فماذا عسانا أن نجني من هذه اللعبة الرقمية التي مازالت في طور التجريب والإشهار؟. وهل حقا سنصبح مع الايام كالطائر الحزين، متطأطئين رؤوسنا لغايات البحث عن الفضيلة، لرفعة اسم أوطاننا النامية والوصول بها للتقدم؟!.