زياد‭ ‬دويري‭... ‬الاستشراق‭ ‬قبل‭ ‬التطبيع


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬أحمد‭ ‬دردير

‭- ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬العجرفة‭ ‬التي‭ ‬أطل‭ ‬بها‭ ‬زياد‭ ‬دويري‭ ‬في‭ ‬مؤتمره‭ ‬الصحافي‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬مشروعه‭ ‬السياسي‭ ‬وعن‭ ‬تطبيعه‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فدويري‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض،‭ ‬ويحتقر‭ ‬العربي‭ ‬كما‭ ‬يحتقره‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭.‬

يقول‭ ‬فرانتز‭ ‬فانون‭ ‬‮«‬المفكر‭ ‬الكاريبي‭ ‬المارتنيكي‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬مجال‭ ‬دراسات‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وأصبح‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬المقاومة‭ ‬الجزائرية‭ ‬حين‭ ‬وجد‭ ‬العربي‭ ‬الثائر‭ ‬أقرب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬الفرنسي‭ ‬المستعمِر‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬المثقف‭ ‬المارتنيكي‭ ‬حين‭ ‬يذهب‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬يعود‭ ‬وفي‭ ‬عينيه‭ ‬نظرة‭ ‬استعلاء‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬قومه‭ ‬بعدما‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬يراهم‭ ‬من‭ ‬منظار‭ ‬مستعمرهم‭ ‬الفرنسي‭ ‬الأبيض،‭ ‬فلا‭ ‬غرو‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬دويري‭ ‬المتماهي‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ ‬الدروس‭ ‬المتعالية‭ ‬على‭ ‬شعبه‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يزجر‭ ‬أمه‭. ‬والمفارقة‭ ‬أنه‭ ‬نسب‭ ‬إلى‭ ‬أمه‭ ‬هذه‭ ‬مراراً‭ ‬أنها‭ ‬أرضعته‭ ‬حليب‭ ‬فلسطين‭ ‬بعدما‭ ‬زجرها‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور،‭ ‬فكأنه‭ ‬يوضح‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يدري‭ ‬أنّ‭ ‬احتقاره‭ ‬لأمه‭ ‬هو‭ ‬احتقار‭ ‬لعروبته‭ ‬التي‭ ‬تمثلها‭ ‬أمه،‭ ‬ولقضاياها‭ ‬التي‭ ‬أرضعته‭ ‬أمه‭ ‬إياها‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬عجرفة‭ ‬دويري‭ ‬وتعاليه‭ ‬وقلة‭ ‬أدبه‭ ‬مع‭ ‬أمه‭ ‬ومع‭ ‬جمهوره‭ ‬تشي‭ ‬بكره‭ ‬للذات،‭ ‬فدويري‭ ‬الأبيض‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬فنياً‭ ‬وثقافياً‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬يزدري‭ ‬زياد‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬ولدته‭ ‬أمه‭ ‬التي‭ ‬زجرها،‭ ‬وقد‭ ‬ينتمي‭ ‬رغماً‭ ‬عنه‭ ‬لشعبه‭ ‬الذي‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭.‬

بدا‭ ‬تماهي‭ ‬زياد‭ ‬دويري‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ ‬وازدراؤه‭ ‬للعرب‭ ‬مبكراً‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬الفنية،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬حين‭ ‬أخرج‭ ‬فيلمه‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬ليلا‭ ‬قالت‭ ‬كذا‮»‬‭ (‬Lila dit ça‭ ) ‬والمأخوذ‭ ‬عن‭ ‬رواية‭ ‬فرنسية‭ ‬مجهولة‭ ‬المؤلف‭ ‬تحمل‭ ‬العنوان‭ ‬ذاته‭. ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬الرواية‭ ‬فرنسياً‭ ‬عنصرياً‭ ‬ضد‭ ‬العرب‭ ‬أم‭ ‬عربياً‭ ‬كارهاً‭ ‬لقومه‭ ‬مثل‭ ‬دويري‭.‬

ليلا‭ ‬الشقراء‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬بحسب‭ ‬عنوان‭ ‬الفيلم‭ ‬هي‭ ‬فتاة‭ ‬فرنسية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ضاحية‭ ‬عربية‭ ‬في‭ ‬مارسيليا،‭ ‬فيقع‭ ‬المراهق‭ ‬العربي‭ ‬شيمو‭ ‬في‭ ‬غرامها‭ ‬ويقع‭ ‬معه‭ ‬صديقه‭ ‬العربي‭ ‬مولود‭. ‬فمَن‭ ‬مِن‭ ‬العرب‭ ‬يقاوم‭ ‬سحر‭ ‬الفتاة‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬بالأنوار‭ ‬الفرنسية‭ ‬إلى‭ ‬حارة‭ ‬العرب؟‭ ‬يعلمنا‭ ‬فرانتز‭ ‬فانون‭ ‬كيف‭ ‬يملي‭ ‬الاستعمار‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬المستعمَر‭ ‬أن‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬المرأة‭ ‬البيضاء‭ ‬وأن‭ ‬يطمح‭ ‬إليها‭ ‬وإلى‭ ‬نيل‭ ‬رضاها،‭ ‬فإن‭ ‬رضيت‭ ‬به‭ ‬فكأنها‭ ‬تمنحه‭ ‬البياض‭ ‬وحضارته،‭ ‬أو‭ ‬كأنها‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬إنساناً،‭ ‬فيصبح‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭. ‬وكما‭ ‬المارتينيكي‭ ‬المستعمَر‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬فانون،‭ ‬تطلَّع‭ ‬شيمو‭ ‬ومولود‭ (‬ومن‭ ‬ورائهما‭ ‬دويري‭ ‬وكاتب‭ ‬الرواية‭ ‬المجهول‭) ‬إلى‭ ‬جسد‭ ‬ليلا‭ ‬وحضارتها‭ ‬الأبيضين‭. ‬ولولا‭ ‬أن‭ ‬الفيلم‭ ‬أظهر‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الفتاة‭ ‬الفرنسية‭ ‬مكبوتاً‭ ‬ومريضاً‭ ‬وعنيفاً،‭ ‬لهنأناه‭ ‬على‭ ‬إظهاره‭ ‬للعقدة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬المستعمَر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬مستعمرِه‭ (‬أو‭ ‬مستعمِرَته‭)‬‭.‬

لا‭ ‬يخرج‭ ‬دويري‭ ‬ولا‭ ‬مؤلف‭ ‬الرواية‭ ‬المجهول‭ ‬عن‭ ‬جوقة‭ ‬العنصريين‭ ‬البيض‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬العربية‭ ‬سوى‭ ‬محاولة‭ ‬لاغتصاب‭ ‬نساء‭ ‬أوروبا

لا‭ ‬تلبث‭ ‬ليلا‭ ‬أن‭ ‬تحاول‭ ‬إغواء‭ ‬الفتى‭ ‬العربي‭ ‬المكبوت‭ ‬بسرد‭ ‬حكايات‭ ‬جنسية‭ ‬فاحشة‭ ‬عن‭ ‬ماضيها،‭ ‬وطوال‭ ‬الفيلم‭ ‬يتردد‭ ‬شيمو‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬غواية‭ ‬الفتاة‭. ‬من‭ ‬البداية،‭ ‬نجد‭ ‬المفارقة‭ ‬النمطية‭ ‬بين‭ ‬العربي‭ ‬المحافظ‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التعقيد‭ ‬والجهل‭ ‬والعجز‭ ‬النفسي،‭ ‬والفرنسية‭ ‬المتحررة،‭ ‬وهي‭ ‬صورة‭ ‬اجترها‭ ‬العنصريون‭ ‬البيض‭ ‬ومن‭ ‬لف‭ ‬لفهم‭ ‬من‭ ‬المثقفين‭ ‬العرب‭ ‬حتى‭ ‬احترنا‭ ‬كيف‭ ‬تكاثر‭ ‬العرب‭ ‬قبل‭ ‬الاستعمار‭. ‬أما‭ ‬ليلا،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تثير‭ ‬فقط‭ ‬خيالات‭ ‬المراهق‭ ‬العربي‭ ‬الجنسية‭ ‬ولكنها‭ ‬تدفعه‭ ‬أيضاً‭ ‬لأن‭ ‬يكتب‭ (‬أي‭ ‬إنها‭ ‬كما‭ ‬الفتاة‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬فانون،‭ ‬لا‭ ‬تغوي‭ ‬المستعمَر‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬تُؤنسنه‭). ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬الفرنسية‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬شيمو‭ ‬للكتابة،‭ ‬نرى‭ ‬رفاقه‭ ‬العرب‭ ‬طوال‭ ‬الفيلم‭ ‬وهم‭ ‬يثبطونه‭ ‬ويسخرون‭ ‬منه‭ ‬إن‭ ‬كتب،‭ ‬فالغرب‭ ‬ممثلاً‭ ‬في‭ ‬ليلا‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬الإلهام،‭ ‬هو‭ ‬التحرر‭ ‬الجنسي‭ ‬والفكري،‭ ‬بينما‭ ‬العروبة‭ ‬هي‭ ‬موطن‭ ‬الكبت‭ ‬والعُقَد‭ (‬وللأمانة‭ ‬لا‭ ‬يحصر‭ ‬الفيلم‭ ‬المحافظة‭ ‬والعقد‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬العربي،‭ ‬فعقد‭ ‬العربي‭ ‬توازيها‭ ‬عقد‭ ‬خالة‭ ‬ليلا‭ ‬الكاثوليكية،‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬العنصريين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬ممن‭ ‬تستروا‭ ‬بأثواب‭ ‬اليسار‭ ‬والذين‭ ‬يوجهون‭ ‬نقداً‭ ‬وسخرية‭ ‬طفيفين‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬الفرنسية‭ ‬وبالذات‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬هدفاً‭ ‬سهلاً‭ ‬للمزاج‭ ‬العلماني‭ ‬الفرنسي‭ ‬ثم‭ ‬يصبون‭ ‬جام‭ ‬عنصريتهم‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬وما‭ ‬شارلي‭ ‬إبدو‭ ‬منا‭ ‬ببعيد‭). ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬عقد‭ ‬العربي‭ ‬وكبته‭ ‬يتعديان‭ ‬المحافظة‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬والجرم،‭ ‬ففي‭ ‬نهاية‭ ‬الفيلم‭ ‬يقتحم‭ ‬أصدقاء‭ ‬شيمو‭ ‬بيت‭ ‬ليلا‭ ‬ويغتصبونها‭. ‬العربي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رغباته‭ ‬سلماً‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬شيمو،‭ ‬وإن‭ ‬عبر‭ ‬عنها،‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬عنفاً‭ ‬وغصباً‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬أصدقاء‭ ‬شيمو‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬دويري‭ ‬ولا‭ ‬مؤلف‭ ‬الرواية‭ ‬المجهول‭ ‬عن‭ ‬جوقة‭ ‬العنصريين‭ ‬البيض‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬العربية‭ ‬سوى‭ ‬محاولة‭ ‬لاغتصاب‭ ‬نساء‭ ‬أوروبا‭ (‬وقد‭ ‬تذرع‭ ‬الغرب‭ ‬لرفض‭ ‬احتواء‭ ‬المستعمَرين‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬رجالهم‭ ‬سيغتصبون‭ ‬بناته‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬ميراندا‭ ‬ابنة‭ ‬بروسبيرو‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬العاصفة‮»‬‭ ‬لشكسبير‭ ‬إلى‭ ‬فتيات‭ ‬كولونيا‭ ‬اللواتي‭ ‬تعرضن‭ ‬للاغتصاب‭ ‬العربي‭ ‬عشية‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬بحسب‭ ‬اختلاقات‭ ‬العنصريين‭ ‬الألمان‭).‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬المفارقة،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الصدمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الفيلم،‭ ‬هي‭ ‬اكتشاف‭ ‬أبطال‭ ‬الفيلم‭ ‬أن‭ ‬ليلا‭ ‬كانت‭ ‬طوال‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬عذراء‭. ‬كأنما‭ ‬احتاج‭ ‬كاتب‭ ‬الرواية‭ ‬وصانع‭ ‬الفيلم‭ ‬إلى‭ ‬عذرية‭ ‬الفتاة‭ ‬ليجعلا‭ ‬من‭ ‬الاغتصاب‭ ‬جريمة‭ ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬جريمة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أقل‭ ‬وقعاً‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬المغتصبة‭ ‬عذراء‭. ‬يفوت‭ ‬زياد‭ ‬أنّه‭ ‬بذلك‭ ‬يقدم‭ ‬للاغتصاب‭ ‬عذراً‭ ‬لا‭ ‬انتقاداً،‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬أمراً‭ ‬هامشياً‭ ‬عند‭ ‬زياد،‭ ‬فالمهم‭ ‬أن‭ ‬العربي‭ ‬لم‭ ‬يفهم،‭ ‬العربي‭ ‬يسقط‭ ‬تحيزاته‭ ‬وأحكامه‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المسبقة‭ ‬وعنفه‭ ‬الجنسي‭ ‬على‭ ‬جسد‭ ‬المرأة‭ ‬البيضاء،‭ ‬وعذرية‭ ‬الفتاة‭ ‬إذن‭ ‬مهمة‭ ‬لأنها‭ ‬توضح‭ ‬كم‭ ‬هذا‭ ‬العربي‭ ‬جاهل‭ ‬ومحمل‭ ‬بالأحكام‭ ‬الأخلاقية‭ ‬المسبقة‭.‬

ربما‭ ‬أراد‭ ‬دويري،‭ ‬بعدما‭ ‬صور‭ ‬العربي‭ ‬مُزدرى،‭ ‬أن‭ ‬يصور‭ ‬نفسه‭ ‬وهو‭ ‬يزدري‭ ‬العربي‭ ‬عَلَّ‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ ‬يقبله،‭ ‬فساقه‭ ‬القدر‭ ‬ــــ‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬ساقه‭ ‬منتج‭ ‬أميركي‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬دويري‭ ‬لجريدة‭ ‬‮«‬لو‭ ‬فيغارو‮»‬‭ - ‬إلى‭ ‬رواية‭ ‬كتبها‭ ‬جزائري‭ ‬فرانكوفوني‭ ‬عن‭ ‬فلسطيني‭ ‬متماه‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يدعى‭ ‬أمين‭ ‬يعمل‭ ‬جراحاً‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬إسرائيلي‭ ‬ويتقبله‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ويمنحه‭ ‬الجوائز‭. ‬ثم‭ ‬يكتشف‭ ‬فجأة‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬سهام‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قامت‭ ‬بعملية‭ ‬استشهادية،‭ ‬فيمضي‭ ‬بقية‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬استكشاف‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬غسل‭ ‬مخها‭ ‬لتفعل‭ ‬ما‭ ‬فعلت‮»‬‭ (‬وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬بحسب‭ ‬تعليق‭ ‬زياد‭ ‬دويري‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬تايمز‭ ‬أوف‭ ‬إسرايل‮»‬‭: ‬‮«‬يفهم‭ ‬لماذا‭ ‬فعلت‭ ‬ما‭ ‬فعلت‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يوافقها‭ ‬عليه‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬متعال‭ ‬خليق‭ ‬بالليبراليين‭ ‬البيض‭).‬

لم‭ ‬يخف‭ ‬دويري‭ ‬أن‭ ‬فيلمه‭ ‬كان‭ ‬يرمي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬إعجاب‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض،‭ ‬فيصف‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬المقابلة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ذاتها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬لنظهر‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نصدر‭ ‬الحمص‭ ‬والفلافل‭ ‬فقط‮»‬‭ (‬وهي‭ ‬نفس‭ ‬المقابلة‭ ‬التي‭ ‬صرح‭ ‬فيها‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬يمقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولكنه‭ ‬تغير‭ ‬بفضل‭ ‬تجربة‭ ‬تصوير‭ ‬الفيلم‭ ‬فيها‭). ‬وقد‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬فرصة‭ ‬ليقدم‭ ‬نفسه‭ ‬منفصلاً‭ ‬عن‭ ‬بني‭ ‬قومه،‭ ‬مُديناً‭ ‬لهم‭ ‬ولتعصبهم،‭ ‬متفتحاً‭ ‬ومتحضراً‭ ‬مثل‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض،‭ ‬فيقول‭ ‬لجريدة‭ ‬‮«‬لو‭ ‬فيغارو‮»‬‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬اكتفيت‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الإرهاب‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أصور‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬دارث‭ ‬فيدر‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬دببة‭ ‬كارتونية‭ ‬أليفة‭. ‬ليس‭ ‬هنالك‭ ‬شرير‭ ‬في‭ ‬ناحية‭ ‬وضحية‭ ‬في‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬يشيد‭ ‬بالإسرائيليين‭ ‬ويتمنى‭ ‬أن‭ ‬يحذو‭ ‬العرب‭ ‬حذوهم‭: ‬‮«‬يحتاج‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬نقد‭ ‬ذاته‭ [‬وقد‭ ‬احتفى‭ ‬كاتب‭ ‬‮«‬لو‭ ‬فيغارو‮»‬‭ ‬بهذه‭ ‬الجملة‭ ‬وجعلها‭ ‬عنواناً‭ ‬للمقال‭]. ‬أما‭ ‬النقد‭ ‬الأشرس‭ ‬للسياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فنسمعه‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذاتها‮»‬‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬الإدانة،‭ ‬ينظر‭ ‬نظرة‭ ‬تقزز‭ ‬لقومه‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬لو‭ ‬فيغارو‮»‬‭ ‬البيضاء،‭ ‬فيقول‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يعدد‭ ‬الجوائز‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬حصل‭ ‬عليها‭ ‬فيلمه‭ ‬‮«‬وكيف‭ ‬رد‭ ‬العرب؟‭ ‬بمقاطعتي‭!‬‮»‬

لم‭ ‬يخف‭ ‬أن‭ ‬فيلمه‭ ‬يرمي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬إعجاب‭ ‬الرجل

الأبيض،‭ ‬فيصفه‭ ‬في‭ ‬المقابلة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بـ«فرصة‭ ‬لنظهر‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نصدر‭ ‬الحمص‭ ‬والفلافل‭ ‬فقط‮»‬

ضالة‭ ‬زياد‭ ‬دويري‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬يعزل‭ ‬نفسه‭ ‬عن‭ ‬العرب،‭ ‬يتحدث‭ ‬عنهم‭ ‬بضمير‭ ‬الغائب‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬واحداً‭ ‬منهم،‭ ‬وكلما‭ ‬ابتعد‭ ‬عنهم‭ ‬كلما‭ ‬تماهى‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض،‭ ‬وقد‭ ‬وجد‭ ‬ضالته‭ ‬تلك‭ ‬في‭ ‬‮«‬الصدمة‮»‬‭. ‬طوال‭ ‬الفيلم،‭ ‬نرى‭ ‬معاناة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬رأي‭ ‬العين‭ (‬فنرى‭ ‬مثلاً‭ ‬صور‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ونرى‭ ‬ضحكة‭ ‬الطفلة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنسفها‭ ‬الإرهابية‭ ‬الفلسطينية‭). ‬أما‭ ‬مأساة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فلا‭ ‬نراها‭ (‬باستثناء‭ ‬مشهد‭ ‬وحيد‭ ‬يتعامل‭ ‬فيه‭ ‬جندي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الخشونة‭ ‬على‭ ‬حاجز‭ ‬عسكري‭) ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطب‭ ‬رنانة‭ ‬وتعميمات‭ ‬فارغة‭ ‬يسمعها‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬نابلس‭ ‬–‭ ‬أولها‭ ‬خطبة‭ ‬مسجلة‭ ‬لأحد‭ ‬الشيوخ‭ ‬الإسلاميين‭ (‬تثير‭ ‬امتعاض‭ ‬بطلنا‭ ‬العلماني‭ ‬المتحضر،‭ ‬طبعاً‭) ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬أحقية‭ ‬غير‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬حجر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬كأن‭ ‬الأمر‭ ‬نزاع‭ ‬طائفي‭ ‬على‭ ‬حجارة‭ ‬مسجد‭. ‬وحتى‭ ‬مجزرة‭ ‬جنين‭ ‬لا‭ ‬يقدمها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعميمات‭ ‬لا‭ ‬تحصي‭ ‬حتى‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ (‬بينما‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬تذكيرنا‭ ‬مراراً‭ ‬بعدد‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬وتلك‭ ‬حيلة‭ ‬استعمارية‭ ‬قديمة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬البيض‭ ‬أناساً‭ ‬نتعاطف‭ ‬معهم‭ ‬ونحزن‭ ‬عليهم،‭ ‬أما‭ ‬غيرهم‭ ‬فتحولهم‭ ‬إلى‭ ‬كتل‭ ‬بشرية‭ ‬لا‭ ‬عد‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬تعاطف‭ ‬معها‭ ‬ولا‭ ‬حزن‭ ‬عليها‭). ‬وطوال‭ ‬الفيلم،‭ ‬نرى‭ ‬حاجزاً‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬تعامل‭ ‬أمين‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬الآخرين،‭ ‬ينظر‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬علو‭ ‬بتعاطف‭ ‬أو‭ ‬بازدراء،‭ ‬يخشاهم‭ ‬أو‭ ‬يخشونه،‭ ‬يعاملهم‭ ‬بفظاظة‭ ‬ويعاملونه‭ ‬بعنف‭ (‬بل‭ ‬إن‭ ‬مواجهة‭ ‬بين‭ ‬أمين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يدينون‭ ‬تماهيه‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬تذكرنا‭ ‬بالضبط‭ ‬بمؤتمر‭ ‬زياد‭ ‬دويري‭ ‬الصحافي‭ ‬ويخاطب‭ ‬أمين‭ ‬فيها‭ ‬مواطنيه‭ ‬بنفس‭ ‬عجرفة‭ ‬زياد‭ ‬كأن‭ ‬الأخير‭ ‬تماهى‭ ‬مع‭ ‬بطل‭ ‬فيلمه‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬للتماهي‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭). ‬ويبدون‭ ‬أمامه‭ ‬دائماً‭ ‬كلغز‭ ‬مستغلق‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يفهمه‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬متناقض‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الإضحاك،‭ ‬فالمفترض‭ ‬أن‭ ‬أمين‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬نابلس،‭ ‬فلماذا‭ ‬يحتاج‭ ‬لأن‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬أهل‭ ‬نابلس؟

وتلك‭ ‬هي‭ ‬النكتة‭ ‬الأكثر‭ ‬عبثية‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭: ‬أن‭ ‬أمين‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬جواز‭ ‬سفر‭ ‬إسرائيلياً‭ ‬ليس‭ ‬ممن‭ ‬يعرفون‭ ‬بفلسطينيي‭ ‬الـ‭ ‬48‭ ‬الذين‭ ‬فشلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ترحيلهم،‭ ‬فمنحتهم‭ ‬جنسيتها‭ ‬اضطراراً‭ ‬ورفعاً‭ ‬للعتب،‭ ‬وإنما‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬الضفة‭ ‬ولد‭ ‬وعاش‭ ‬في‭ ‬نابلس‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬جواز‭ ‬سفرها‭ ‬كأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تمنح‭ ‬جواز‭ ‬سفرها‭ ‬هكذا‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬يريد‭ ‬دويري‭ ‬ومن‭ ‬ورائه‭ ‬كاتب‭ ‬الرواية‭ ‬أن‭ ‬يقنعانا‭ ‬أنّ‭ ‬أمين‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نتيجة‭ ‬كفاءته‭ ‬كجراح‭ (‬كأنه‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أن‭ ‬يجتهدوا‭ ‬ويصبحوا‭ ‬مهنيين‭ ‬بارعين‭ ‬فتقبلهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الكفاءات‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬العنصرية،‭ ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬الرازخين‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬يدفعون‭ ‬ثمن‭ ‬كسلهم‭ ‬وهي‭ ‬أكذوبة‭ ‬استعمارية‭ ‬قديمة‭ - ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لا‭ ‬يذهبون‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬والإقامة‭ ‬فيها‭ ‬وأخذ‭ ‬جنسيتها‭ ‬لحساسية‭ ‬في‭ ‬أنفسهم‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬وليس‭ ‬لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لديها‭ ‬ترسانة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬والممارسات‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬ذلك‭ ‬التنقل‭ ‬والاختلاط‭).‬

وفي‭ ‬مشهد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬مشاهد‭ ‬الفيلم‭ ‬عبثية‭ ‬تمن‭ ‬صديقة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أمين‭ ‬بأنهم‭ ‬أعطوه‭ ‬جنسيتهم،‭ ‬فيقول‭ ‬أعطيتموني‭ ‬إياها‭ ‬لأني‭ ‬أستحقها‭. ‬تلك‭ ‬أماني‭ ‬وهلاوس‭ ‬زياد‭ ‬دويري‭ (‬ومن‭ ‬ورائه‭ ‬كاتب‭ ‬الرواية‭ ‬وكل‭ ‬المتماهين‭ ‬مع‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ ‬وعملاء‭ ‬الاستعمار‭)‬،‭ ‬أن‭ ‬يجتهدوا‭ ‬ويتماهوا‭ ‬فيقبل‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ ‬بهم‭.‬

ينسى‭ ‬دويري‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تمنح‭ ‬جنسيتها‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬هكذا‭ ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يهودياً‭ (‬وحتى‭ ‬هؤلاء‭ ‬يلقون‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬التماهي‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬أشكيناز‭)‬،‭ ‬وينسى‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬الأسود‭ (‬ومثله‭ ‬العربي‭) ‬كما‭ ‬يعلمنا‭ ‬فانون،‭ ‬يظل‭ ‬آخراً‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأبيض‭ ‬مهما‭ ‬اجتهد‭ ‬أو‭ ‬تماهى‭ (‬وربما‭ ‬كان‭ ‬الغضب‭ ‬والعجرفة‭ ‬في‭ ‬نبرة‭ ‬زياد‭ ‬في‭ ‬مؤتمره‭ ‬الصحافي‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬غير‭ ‬واعية‭ ‬على‭ ‬أزمة‭ ‬عدم‭ ‬قبوله‭ ‬كأبيض‭ ‬بالرغم‭ ‬مما‭ ‬قدم‭)‬،‭ ‬وينسى‭ ‬أننا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬هزائمنا‭ ‬وخيباتنا،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬فينا‭ ‬نفس‭ ‬يأبى‭ ‬أن‭ ‬ينزجر‭ ‬إذا‭ ‬زجره‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‭ (‬سافراً‭ ‬أو‭ ‬متخفياً‭ ‬وراء‭ ‬المتماهين‭ ‬العرب‭)‬،‭ ‬ويأبى‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬بإسرائيل‭.‬

‭.................‬

‭* ‬أحمد‭ ‬دردير‭ : ‬كاتب‭ ‬وباحث‭ ‬مصري‭ ‬مرشح‭ ‬لنيل‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬في‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كولومبيا‮»‬

‭.................‬

‭- ‬عن‭ ‬‮«‬الأخبار‮»‬‭ ‬اللبنانية‭-‬صفحة‭ ‬أدب‭ ‬وفنون‭- ‬العدد‭ ‬‮٣٢٧٩‬‭ ‬الاربعاء‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬أيلول‭ ‬‮٢٠١٧‬