خط الفقر
حسين الجغبير
يختلف الاردنيون حول الرقم الحقيقي الذي تحوم حوله الشكوك والشبهات بخصوص خط الفقر، فمنهم من يعتقد أنه 800 دينار شهريا، تؤكد دائرة ضريبة الدخل والمبيعات أن معدل "الخط" للفرد الأردني هو 70 دينارا شهريا، أو 800 سنويا، وأن الارقام المتداولة مغلوطة وغير دقيقة. وسارعت الدائرة للتأكيد أن خط الفقر هو 350 دينارا شهريا. وبين كلام الأردنيين ودفاع دائرة الضريبة لا ارى اختلافا بين الرقمين، وإن كان الفرق بينهما نحو 450 دينارا شهريا، لكن في حقيقة الأمر فإنه وفي ضوء الوضع القائم، وفي ضوء القادم من الايام، فإن من راتبه الشهري نحو 1000 دينار فقير وعاجز وتستحق عليه الصدقة وزكاة الأموال، أو اعتباره ممن تقطعت بهم السبل. سئم الأردنيون الجدل الدائر منذ مدة طويلة والمتعلق بارتفاع الضرائب يوما بعد يوم، حتى غدا كل همهم اليوم هو الطلب من الدولة أن تغرس كامل سكينها في قلب المواطن مرة واحدة لا مرات عدة، حيث يتذوق الألم مرارا وتكرارا. الأسواق بلا رواد، والتجار يمنون النفس بأن الامتحانات المدرسية هي من تؤجل تحرك قوافل المواطنين نحو محلاتهم، والعيد يقترب دون أن يتمكن رب أسرة أن يفعل لأولاده ما كان يقوم به قبل سنوات، والهدوء يعم عمان، وباقي المحافظات، ورمضان يغدو بلا أزمة مرورية خانقة، حيث المركبات تسير بانسيابية وهدوء. الحالة الاقتصادية التي يعيشها المواطن هي حالة عامة تأتي نتيجة لتراكم قرارات حكومية صعبة استهدفت جيوبهم وأرهقت ميزانياتهم، وأتت على كل صغيرة وكبيرة من ملذات حياتهم، فلم يعد هناك فرق بين أن يكون خط الفقر 100 دينار أو 10 الاف دينار، ما دام هذا المبلغ في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب بهذا الشكل الجنوني، لا يكفي لأن يسد المواطن احتياجاته، من مأكل وملبس ودفع اقساط أولادهم في المدارس، أو دفع بدل إيجار منازلهم. مهما كان خط الفقر يا حكومة، فقط كان وما يزال خطا حادا يترك أثرا على جلودنا، لا طاقة لنا به، فالقصة ليست به، بقدر ما هي في منظومة دولة اقتصادية يجب أن يعاد النظر في تركيبتها وإلا سيأتي اليوم الذي نترحم على أيام كان فيها "خط فقر".