أنباء الوطن - الدكتور يعقوب ناصر الدين
ما تزال المسافة بعيدة بين ما تواجهه الحكومة من تحديات كبيرة ، وبين ما يعرفه الناس عن تلك التحديات وحجم المسؤوليات التي يتوجب حملها سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي ، وكلها قضايا صعبة ومعقدة ، تضع بلدنا أمام خيارات محدودة بسبب تشعبها وتشابكها في آن معا .
أزمتنا الاقتصادية مرتبطة ارتباطا وثيقا بعلاقتنا مع صندوق النقد الدولي ، والدول المانحة ، أي أن الخيارات محدودة جدا ، والمعادلة بين الالتزامات والقدرات هي عملية شاقة تحتاج إلى جهود كبيرة لكي يأخذ الصندوق في الاعتبار صعوبة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن صراعات وأزمات المنطقة التي نحن جزء منها ، الأمر الذي يضع الحكومة في وضع حرج للغاية ، خاصة وأن الصندوق قادر على وقف المبالغ المتفق عليها سابقا إذا أصر على موقفه ، خاصة ما يتعلق بقانون ضريبة الدخل .
لا توجد مؤشرات لأي انفراج اقتصادي حتى الآن ، فالحال في دول الجوار التي كانت تربطنا بها علاقات تجارية ما زال على ما هو ، وعمليات تزويد الأردن بالنفط والغاز ليست مستقرة بعد ، وجهود تحفيز الاقتصاد المحلي ما تزال متواضعة ، وغير ذلك كثير مما يستوجب فهمه والتعامل معه بواقعية من جميع الأطراف .
يعيش الأردن في وسط صراعات إقليمية دولية ، في غياب موقف عربي يعتد به ، وقد فعل كل ما في وسعه من أجل المساهمة في حل تلك الصراعات ، ولكن أولويته الأولى كانت وما تزال هي حماية نفسه ، والمحافظة على أمنه واستقراره ، والتخفيف قدر المستطاع من انعكاسات تلك الأزمات على مصالحه الوطنية العليا ، ومن المحتمل في ضوء تطورات الأوضاع أن يكون بحاجة لمجهود وطني كبير ، ليحافظ على تلك المصالح ، وهو يرى أطراف النزاعات تعيد صياغة الوضع الإقليمي ، وسط ضبابية المعلومات والنتائج !
كما أن تفاعلات القضية الفلسطينية في ضوء سياسات الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية القائمة على تصفية القضية وليس حلها ، تفرض قدرا كافيا لتنسيق متين بين الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية ، وقدرا أعلى من حشد موقف عربي ودولي مساند، يعطي دفعة قوية لإبقاء القضية في نطاق الشرعية الدولية .
تلك أعباء كبيرة تحملها الحكومة معظمها ، وهي بحاجة لدعم شعبي وطني ، لا يمكن أن يتحقق من دون أن تشرح للأردنيين حقيقة ما يجري ، كي تعرف الأوساط الشعبية حجم التحديات التي يتعرض لها بلدهم ، وتعرف كذلك مسؤولياتها في تحمل أعباء هذه المرحلة التي يمر بها بلدنا ، وبعض الشرح لا يكفي ، أما المزيد من الشرح فإنه يخلق حالة من التوافق الوطني الذي نحن في أشد الحاجة إليه .