الرؤية من فوق !
بقلم / الدكتور يعقوب ناصر الدين
كان التحليق في مستوى ارتفاع طائرة الهليوكبتر التابعة لسلاح الجو الملكي حين انتقلنا من القاعدة الجوية العسكرية في ماركا إلى القاعدة الجوية في المفرق، كنا وفدا من جامعة الشرق الأوسط لزيارة كلية الملك الحسين الجوية، والاطلاع على برنامج ووسائل التدريس فيها، والبحث في مجالات التعاون بين الجامعة والكلية.
تأخد الطائرة خط سير يريك المنطقة الممتدة من عمان إلى المفرق بجميع تضاريسها وكأنها صفحة من كتاب يجمع العلوم كلها، لتعيد أنت صياغة فهمك لهذا البلد الذي يتعامل مع الطبيعة وكأنها فرس جامح يمتطيه بالحنكة والصبر وبالايمان أيضا، ليبدو المشهد امامك واضحا ، حين تدرك معنى تفتيت الصخر لكي تبنى المنازل والصروح، او حين ترى الماء على قلته يرسم بالأخضر علامة النصر على الأرض القاحلة!
كانت ذروة التحليق بمعنى الفخر والاعتزاز وانت تصافح صقور الجو على اختلاف مهامهم ورتبهم العسكرية، وتستمع الى الشرح والايجاز عن اقسام الكلية ، والدارسين فيها من ابناء وبنات الاردن، ولا تستطيع ان تتجاوز تلك النظرات الذكية من عيون الطلبة والطالبات ، وانت تعرف معنى تحليق الفتاة الاردنية في سماء بلدها ليضاف لقب(الشيهانة) تحلق مع الصقر فيحلق بك المكان ليريك الاردن على حقيقتة بلداً يستحق منا ان نصلي في رحابه الفسيح .
ذلك هو سلاح الجو الملكي يعرف التضاريس والأجواء جيدا، وإن كان حاله كحال قواتنا المسلحة يستعيض بالأفعال عن الأقوال، لكن إدراك القوة الحقيقية الكامنة في التفاصيل والنتائج في مسؤوليتنا نحن جميعا، وقد تناسى البعض منا كيف صمد بلدنا في وجه التهديدات الخطيرة التي تعرضت لها حدودنا، وأمننا الداخلي وكيف كف الجيش يد الإرهاب عنا، حين راح نسورنا البواسل يضربونه في عقر داره، ويوفرون الحماية لرفاق السلاح على الارض، ويعززون أمن البلد واستقراره ، ويثبتون موقفه ومكانته الإقليمية والدولية.
تظل النظرة من تحت قاصرة عن رؤية الصورة على حقيقتها ، وليس متاحا دائما ركوب طائرة هليوكبتر عسكرية كي نرى من فوق، يكفي أن نرتقي في التفكير كي نعرف طبيعة المعركة التي يخوضها جيشنا وبلدنا، لعلنا نخجل مما هو دون ذلك!