إلى كل الأردنيين.. علامات على الطريق


أنباء الوطن -
نايف القاضي

لأسباب كثيرة آخرها المرض لم أشارك في أية نشاطات أو أعمال أو ما يسمى اليوم بالحراك بأشكاله المشروعة أو المرفوضة، وبعد تفكير عميق قررت اليوم أن أبوح ما في صدري وأبعثه إلى جريدة الرأي التي أعتقد أنها جريدة كل الأردنيين مع تقديري واحترامي لكل الصحف الأردنية الأخرى.لقد وصل إلى مسامعي منذ فترة أن هناك لوماً موجهاً للمسؤولين الأردنيين السابقين لأنهم يلتزمون الصمت إزاء ما يحدث هذه الأيام على ساحات الوطن الأردني الكريم. وأود هنا أن أذكر بأن المسؤول السابق هو مواطن أردني أولاً وآخراً ولا يجوز له أن يتخلى عن مسؤوليته تجاه قضايا وطنه مهما آل إليه وضعه في مجتمعه وبين أهله وذويه مع أن الواقع يثبت أنه وبعد تقاعده لم يعد ضمن الدائرة المؤثرة في مجتمعه أو حتى بين أهله وذويه، وأن تأثير المسؤول الباقي على رأس عمله يختلف كثيراً عن دوره وهو خارج منصبه الرسمي وهنا أود أن أبين ما يلي وبحكم تجربتي الطويلة في العمل العام ولمدة قاربت الخمسين عاماً.

1. الأردنيون شعب وفي وغيور على وطنه لا يقبل التمييز أو التفريق أو التهميش وعندما يشعر أي أحد من أبنائه من الذين خدموا وطنهم سنوات طويلة بتجاهله أو نسيانه ينعكس ذلك على سلوكه وعلاقاته مع مجتمعه ومع المسؤولين الجدد الذين حلّوا في مكانه ويراهم أنهم يتمتعون بمزايا وخصائص لم يحظ بها مثلهم وأنه من حقه على الجميع أن يتذكروا أفعاله وأن لا يركنوه في زوايا النسيان.

2. لا يمكن للمسؤولين الأردنيين المتقاعدين سواء في الجهاز المدني أو الأجهزة العسكرية والأمنية أن يصبحوا في صف المعارضة فهم وحسب ما تربوا ونشأوا عليه لا يقبلوا أن يكونوا بلحظة متناقضين مع أنفسهم يقفزون من خندق الولاء والانتماء إلى خندق المعارضة دون سبب عظيم. وأعتقد أن حب الوطن والولاء والانتماء لترابه هي شيمة أردنية لا يمكن محوها

.3. الأردنيون مسلمون ومسيحيون مؤمنون بالله وبكل الرسل ولا يستطيع أحد أن يفرق بينهم أو يكتشف الفروق في سلوكهم ومواقفهم. ويمتلك المسيحيون في الأردن الثقافة الإسلامية ويجيدون الإنتماء إليها مثلهم مثل اخوانهم المسلمين وهناك عائلات مسيحية متحالفة مع عائلات مسلمة في جنوب وشمال الأردن لا يستطيع أحد التشكيك بالتزاماتها الاجتماعية والوطنية المشتركة ومن العيب محاولة التفريق بينها

.4. الأردنيون بأصولهم المختلفة هم أردنيون أصلاً وفصلاً وأنتماءً والتأكيد على ذلك واضح وبيّن وخاصة بين الأردنيين والأردنيين من أصل فلسطيني فهم جميعاً نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات إلا من أراد غير ذلك. وعلى الجميع أن لا يغفل عن المطالبة والدفاع عن حق الفلسطيني بالعودة وإقامة الدولة على أرضه فلسطين

.5. الدستور العتيد والقوانين المتفرعة عنه هو المرجعية والضمانة الأساسية لحقوق المواطنين ولا يجوز لأحد الخروج على الأسس والمبادىء التي نظمها الدستور والتي تكفل الحرية والكرامة والمساواة بينهم وحدد الدستور الأردني أن الأمة مصدر السلطات التشريعية وهي المناطة بمجلس الأمة والملك والتنفيذية وهي مناطة بالملك يتولاها من خلال الوزراء والسلطة القضائية وتتولاها المحاكم وتصدر أحكامها وفق القانون باسم الملك

.6. لقد أستقر فهم الأردنيين للدستور أنه العِقد الاجتماعي الثابت الذي ارتضوه لشكل العلاقة بين الحاكم والمحكوم وأنه بات من الصعب عليهم تقبل بعض الأفكار الجديدة التي تهدف إلى تغيير الدستور أو تلك التي تمس صلاحيات الملك أو تلك الأفكار التي تستبدله بعبارة العقد الاجتماعي الجديد وهم يعتقدون أن الدستور الأردني هو العقد الاجتماعي بمفهومه الذي وضعه الآباء والأجداد وأنه صالح للحاضر والمستقبل وأنه أساس صلب وقوي لبناء الديموقراطية الأردنية واستمرارها

.7. لقد توارث أحفاد وأبناء الجيش والأجهزة الأمنية مسؤولياتهم الوطنية في حماية الوطن والشعب الأردني والدفاع عن أرضه ومصالحه وحدوده منذ تأسيس الدولة وبذلوا دماءهم الطاهرة وقدموا الشهيد تلو الشهيد فداء... وكانت الدولة الأردنية وبفضل قيادتها الشجاعة الدولة الوحيدة التي قامت على سواعد الجيش العربي الأردني وأصبحت بقيادتها وشعبها وقواتها المسلحة النموذج الذي يُحتذى والمثل الذي إقتدت به معظم شعوب ودول المنطقة وأصبحت الأردن الداعية الرئيسية للوحدة العربية والمدافعة الأولى عن قضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية حتى هذه اللحظة، التي تلاشت فيها الدعوة إلى الوحدة العربية والالتزام بمبادىء النهضة العربية والقومية العربية

.8. يقتضي الواجب على كل أردني وأردنية وعلى الحكومات الأردنية وعلى الجامعات والمدارس ودور العلم والثقافة توجيه الشكر والاحترام لضباط وأفراد قواتنا المسلحة الأردنية العاملين منهم والمتقاعدين ومعهم أبناء الأجهزة الأمنية والمخابرات والاهتمام بمصالحهم وتلبية مطالبهم واحتياجاتهم وعدم تهميشهم أو التنكر لما قدموه لوطنهم وشعبهم ومنهم الأبطال والشهداء الذين حفظوا الأرض والعرض وجعلوا من ساحات الوطن ملاذات آمنة للطالبين للأمن والأمان وقوافل اللاجئين والمستجيرين

.9. أما ما يجري هذه الأيام في عمان أو غيرها من المدن والقرى الأردنية العامرة من حركات وتحرشات ورفع بعض الشعارات التي يجهل الأردنيون من يرفعها ومن هي الجهات التي تقف خلفها ومعظمها يأتي من خارج الحدود مع التقدير والاحترام لبعض المشاركين في هذا الحراك من المخلصين والأبرياء من أبناء الوطن والذين لا يعلمون تماماً من هم هؤلاء الذين يسهرون الليالي دون معنى ويزيدون من معاناة حراس الوطن من رجال الأمن والدرك والمخابرات والقوات المسلحة الأردنية الصابرين الساهرين من أجل أمن الوطن والمواطن.وأود أن أذكر هنا أنه وبقدر ما يتجه هذا العالم اليوم إلى أقصى اليمين أو إلى أقصى اليسار فإن الأردنيين ملتزمون بالوقوف باعتدال في صف وطنهم من أجل المحافظة على وحدة الأردنيين جيشاً وشعباً وقيادةً لا يقبلون بديلاً لقيادتهم أو وطنهم ولن تغريهم سياسات المغرّدين ودعواتهم المغرضة والمشكوفة. وبات من الواجب علينا أن نحذر من تعرض بعض أبناء أجهزتنا الأردنية للاعتداء من قبل بعض المدسوسين والمحرضين لأن أفراد الجيش والأجهزة الأمنية هم من أبناء كل أسرة أردنية وعلى الذين لا يعرفون هذه الحقيقة أن يبتعدوا عن طريقهم لأنهم نذروا أنفسهم للموت في سبيل الأردن ولن يرضوا بغير ذلك سبيلا.إن السكوت على الخروج عن الصف الوطني جريمة يقترفها من يقوم بالخروج أو من يسانده من الداخل أو الخارج وعلينا أن نقف لهم بالمرصاد. الأردن لأهله ولن نسمح بالعبث بأمنه ومصالح شعبه ولن نسمح بتكرار ما فعله الأشرار في بعض أقطار وطننا العربي تحت ما أسموه ظلماً وبهتاناً بـ الربيع العربي وكان في الحقيقة فعلاً ونتيجةً هو الخراب العربي الذي ندفع جميعاً ثمن هذا الفعل المدمر والخبيث.