امجد العضايلة .. عندما تمتزج الدبلوماسية بالانتماء الوطني
في الرباحية كان لي شرف اللقاء الأول به رغم معرفتي الكبيرة له عن بعد، كان الوزير التَّقي النَّقي المكسو بالأخلاق الوطنية وإهاب الرزانة المستقاة من عظمة التضحيات في زحوم والكرك، حيث السبق في إتقان الجميد الكركي طهر زوّادة الأردنيين بخيره دون عزل أو غزل، في محيَّاه يمكن أن تلمح القلعة والروعة، والأخلاق الحميدة المنتقاة، الوزير الجديد الذي فرحنا بقدومه لأنه ملح الأرض ومعناها العميق، وزير نطمئن لخطابه الوطني وسجاياه دون قلق، وأردني تجاوز كثيراً مصالحه الشخصيه في أدائه الدبلوماسي في أنقرة، وموسكو، وقدم الوطن هناك بأنبل صفات رجل الدولة، وأعظم مظاهر الحرص، والانتماء النَّقي لهذا الثرى الطاهر. أمجد العضايلة فارس الرهان في قيادة وإعادة صياغة الخطاب الوطني المغموس بالهوية الوطنية الأردنية الجامعة دون الانتقاص من أداء سابقيه، وهو الرهان على إعادة انتاج أداء المؤسسات الإعلامية بحرفيَّة ومهنية، وتخليصها من رواسب الخلاف، والاختلاف، وهو ربما وحده المتمكن في هذه المرحلة على توظيف البوادر الإيجابية؛ لتحقيق الرضا العام، والسلم الأهلي، لما يتمتع به من سجايا، وصفات، وثقة عامة مترسّخة لدى النُّخب وغيرهم على حدٍ سواء، فالرجل يحظى بصدقيَّة ومصداقية عالية لدى كل من عرفه؛ مذ كان موظفاً شاباً في بيت الأردنيين الديوان الملكي الهاشمي العامر. قد لا يبدو جميلاً للبعض أن امتدح وزيراً على رأس عمله، او أصفه بما فيه، ولكن السَّجايا الوطنية تُذكر بأمانة وصدق، فالتعديل الأخير للحكومة في معظمه جاء بشخصيات وطنية لائقة، ومخلصة، ومشهود لها بالنزاهة والإخلاص والكفاءة وفي مقدمتهم العضايلة؛ ومحي الدين توق، والثاني رجل دولة بامتياز وهو الأردني الوحيد الذي حظي بتكريم دولي متميز من خلال اصدار طابعاً يحوي صورته اعترافاً بدوره، وفضله في صياغة وإعداد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي أضحت عنواناً للجهود الدولية في تعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد، وهذا الرجل الذي زاملته بشرف في لجنة الحوار الوطني، وسأفرد له مقالاً لاحقاً حول المأمول منه في قطاع التعليم العالي، ومحاربة الفساد الاكاديمي. الاشهر القادمة اختبار وطني دقيق للعضايلة في المصارحة، والمكاشفة، وتعزيز النهج الإعلامي في المؤسسات الإعلامية وفي مقدمتها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ووكالة الأنباء الأردنية واللتين على رأس قيادتيهما شخصيتين من خيرة الكفاءات الإعلامية الوطنية، ويستحقا الدعم المادي والإسناد المعنوي، والتشريعي، وتعزيز استقلالية هاتين المؤسستين ونفض غبار الإجراءات البيروقراطية عنهما، وتأهيل كوادرهما الجديدة، ودعم موظفيهما، وإعادة هيبتهما والاعتبار لكبار الإعلاميين فيهما، والإدراك بأن هاتين المؤسستين هما عنوان الهوية، وبوابة الوطنية ومرآة الوطن وتاريخه في الداخل والخارج. وأظن بصدق؛ أن الوزير يدرك التحديات الأخيرة التي عاشتها الدولة في الأشهر الثلاثة الماضية لا تحتمل سوى الخطاب الإعلامي القوي الذي يحفظ للدولة هيبتها، وللسلطات الدستورية احترامها، وللمؤسسات العامة قدرتها على القيام بمهامها دون تنمّر، أو استئساد إلكتروني يفترض أن لا يُلقى له بالاً عندما يتعلق الأمر بكبرياء الدولة، وصورتها في عيون شعبها ومواطنيها، والأخطر أن الخطاب الإعلامي الذي يخلو من الإشارة بوضوح لمنطلقات الهوية الوطنية، وتضحيات الشهداء والبناة الأوائل هو خطاب مجتزأ باهت مدان، والوطن الذي قاوم كل هذه التحديات قادر على العبور نحو دولة القانون والمؤسسات، والحداثة التي لا تقطع الصلة بالتأريخ والتضحيات. أحسب أن صورة الأردن جميلة في عيون أبنائها، وهذا الثرى الطاهر يستحق منا أن نقدمه على مصالحنا، ومواقفنا الجاهزة، فبالأمس توحد الخطاب الإعلامي في توصيف اختلاط النبل الهاشمي الأصيل، والدم المراق وفاءاً للوطن والتراب في دارة وصفي التل الشهيد الكبير، فنحن شعب نأكل بعيوننا، ونطرب بالحداء الأردني الخالد ولا غير، وحمى الله وطننا الحبيب من كل سوء