دبلوماسية ودبلوماسين
بلال حسن التل: ازدحمت رزنامة جماعة عمان لحوارات المستقبل في الأونة الأخيرة، بمواعيد مع عدد كبير من الدبلوماسين، وكانوا جميعهم من غير العرب للأسف الشديد، فالدبلوماسيون العرب يشتغلون بكل شيء إلا بالعمل الدبلوماسي، على خلاف غيرهم من الدبلوماسيين الأجانب، الذين يسخرون كل دقيقة من وقتهم في البحث عن معلومة تخدم أهدافهم، سواء من خلال بناء علاقات شخصية قوية مع الأشخاص أو مع المؤسسات في القطاعين العام أو الأهلي، ثم توظيف هذه العلاقات لإنجاح مهمة الدبلوماسي خدمة لأهداف بلده، سواء كان ذلك بتحسين العلاقة مع الدولة التي يعمل بها على الصعيدين الرسمي والشعبي،أو من خلال الحصول على معلومات يمكن توظيفها لخدمة بلده، بالإضافة إلى قراءة توجهات القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلد الذي يعمل به الدبلوماسي, ومن ثم الاستفادة من هذه التوجهات في خدمة أهداف هذا الدبلوماسي. معظم الدبلوماسيين الذين التقتهم جماعة عمان لحوارات المستقبل خلال الفترة القصيرة الماضية، كان مدخلهم للحديث معها هو الرغبة في الاطلاع على تجربة الجماعة في مجال العمل المدني، حيث قال بعضهم أنهم ومن خلال متابعتهم لمجمل الحراك المدني في الأردني، لاحظ أن جماعة عمان لحوارات المستقبل تسد الفراغ الناجم عن غياب العمل الحزبي الحقيقي في الأردن، خاصة وأن الجماعة تقدم برامج عمل وخطط إصلاح في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من المجالات، حيث قال بعضهم أنه من الملاحظ أن عمل الجماعة متكامل يشمل كل مجالات الحياة، بالإضافة إلى تميز البيانات التي تصدر عن الجماعة والتي تقدم الكثير من الرؤى والمواقف السياسية، مما لا تفعله الكثير من الأحزاب التي يقتصر حضورها على بيانات متفرقة بلغة وخطاب مكرر لا يحمل جديداً، مثلما لا يحمل موقفاً حاسماً ومحدداً، على خلاف ما تفعله جماعة عمان لحوارات المستقبل، التي تعمل كما يقول دبلوماسيون غربيون عملاً متكاملاً يشمل مختلف مجالات الحياة. بعض الدبلوماسيين قال في توصيفه لجماعة عمان لحوارات المستقبل أنها تجاوزت مرحلة العمل الحزبي التقليدي، ودخلت مرحلة ما بعد الحزبية على قاعدة الحداثة وماوراء الحداثة. كل التوصيفات التي سمعناها عن جماعة عمان لحوارات المستقبل لم تدر رؤوسنا ولم تفقدنا التركيز، خاصة عندما كان الحديث يذهب سريعاً من حديث عن جماعة عمان لحوارات المستقبل ودورها وخطط عملها، للحديث عن أحوال منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعدما عرف بصفقة القرن مما يرتب على مؤسسات المجتمع المدني مسؤولية وطنية مضاعفة بضرورة إظهار الصورة الحقيقية للموقف الأردني الملتحم شعبياً ورسمياً، المصطف خلف جلالة الملك، في واحدة من الصور التاريخية التي يحسن الأردنيين صناعتها في المواقف الصعبة، كما فعلنا في موقفنا الرافض لتحالف حفر الباطن، وكما فعلنا بالتفافنا خلف قائد الوطن في موقفه الرافض لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وفي موقفه التاريخي الرافض لتجديد ملحقي الباقورة والغمر وأخيراً في موقفه من صفقة القرن، فهذا هو دور الدبلوماسية الشعبية الرديفة للدبلوماسية الرسمية خاصة في هذا الأيام.