المستشفيات الميدانية والتفكير خارج الصندوق


أنباء الوطن -

هاشم ابو طريه

منذ بدء جائحة الكورونا و تزايد أعداد الحالات عالميا بنسب غير مسبوقة أدت الى حدوث انهيار في الانظمة الاصحية في العديد من دول العالم المتقدم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية بحيث أصبح عدد الأسرة المتوفرة في المستشفيات لا يستوعب الأعداد الكبيرة اليومية من المرضى المصابين بفايروس كورونا و ما تبعه من ازدياد في حالات الوفيات نتيجة لذلك، حافظ الأردن على أعداد إصابات قليلة جدا مقارنة بالدول المجاورة الى أن بدأت أعداد الاصابات بالإزدياد منذ شهر اب حيث وصلت الى أرقام غير مسبوقة تقدر بالاف يوميا.     تجاوب الدولة الاردنية كان على قدر عال من الديناميكية بحيث إستطاع و خلال فترة وجيزة بزيادة أعداد الاسرة المتوفرة للعزل و في وحدات العناية المركزة و أجهزة التنفس و عملت على مراحل عدة على توفير أعداد أكبر من الأسرة مستعينة بمستشفيات القطاع الخاص كما قامت بتخصيص مستشفيات قائمة مثل مستشفى الأمير حمزة وهو مستشفى تابع لوزارة الصحة ومستشفى الملكة علياء العسكري التابع للخدمات الطبية  لتلك الحالات.  إلا أن المواطن الاردني لم يستطع تحمل الأعباء المالية للمستشفيات الخاصة التي أرهقت كاهل المواطن وشكلت العبء الأكبر بالنسبة له بالرغم من محاولات الحكومة بوضع سقوف لتلك المعالجات في القطاع الخاص، فكان خيار المستشفيات الخاصة خيار متاح ولكن لا يخدم الشريحة الاكبر من المرضى التي لا تستطيع دفع فواتير العلاج المرتفعة.مؤخرا وبتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبدالله الثاني  قامت الدولة من خلال الحكومة والمؤسسة العسكرية بالتعاقد مع شركة عربية بسواعد أردنية  لإنشاء 6 مستشفيات ميدانية حكومية وعسكرية  ذات سعة تصل الى 2200 سرير و 400 سرير عناية مركزة بالرغم من أن معدل الاشغال الان لأجهزة التنفس يبلغ 12% و الاشغال لأسرة العزل يبلغ 15% فقط من ما هو متوفر لدينا.    أعتقد بأن انشاء المستشفيات الميدانية في هذه المرحلة هو حل مبتكر ولا يخدمنا على المدى قصير الامد فقط لأن تلك المستشفيات ذات تصميم عالي الدقة و على أعلى المعايير ومتوفر بها كل ما يلزم من أوكسجين مركزي و أنظمة تهوية سلبية و ايجابية ضرورية جدا للحد من انتشار المرض داخل تلك المستشفيات و غيرها من المقومات المتوفرة في أحدث المستشفيات.
 ما يميز تلك المستشفيات هو سرعة التنفيذ والتكلفة القليلة التي وصلت من 15-20% فقط من إنشاء المستشفيات التقليدية.      زيادة عدد الاسرة المخصصة للمرضى المصابين في وباء الكورونا و توفير مستشفيات ميدانية مجهزة بالامكان أن تخدم الى عدة عقود من الزمن و في فترة قصيرة جدا و توزيعها على مختلف مناطق المملكة من شمال و وسط و جنوب، يعتبر إنجاز كبير نفخر به و نستطيع القول بأن جائحة كورونا أثبتت للجميع بأن الاردن - بالرغم من قلة الامكانيات – الا انه استطاع خلق فرص من قلب الأزمة و عمل على تعظيم قدراته الصحية و أبقى هذا الوباء تحت السيطرة، فجزيل الشكر للدولة الاردنية على هذا النجاح في إدارة هذه الازمة. الدكتور هاشم ابو طريه
الجامعة الهاشمية