إنه الجيش يا وزير الاعلام
#كتب_اطراد_المجالي
كلما مرّ وزيرًا للإعلام في الحكومات الأردنية المتسارعة هذه الأيام، يؤكد لي اعتقادي بأن اختيار وزيرًا للإعلام وناطقًا رسميّا باسمها يجب أن يكون من أصعب الاختيارات، فوزير الإعلام من المفترض به معرفة بلدة كتم وعاداتها، كما عادات صبحا وصبحية والحوية ودير الكهف وكثربا وقريفلا - التي أودى لفظها بإحداهم - كما أنه من المفترض أن يعلم من نحن تاريخًا وإلى أين نحن سائرون وماذا نريد وطنيًا وإقليميًا ودوليا، فالحديث مع شعبٍ معظمه متعلّم مثقّف وسياسي بطبعه ومحلّل بغريزته ليس بالأمر السهل فكيف به مع ثورة الاتصالات التي استبدلت ما قال ماكلوهان: أن العالم قرية صغيرة ليصبح حجرة صغيرة، فالمسألة ليست كلمات وميكروفون وصور، بل هي مجموعة معقدة من صياغة الرسائل واختيار الوسيلة لإيصالها وتوقيت ذلك، فضلا عن مهارات ليست بالهيّنة بالتعامل مع الرأي العام ذو الطبيعة المتغيرة.
سُقتُ هذه المقدمة، لأجد أن رسالة وزير الإعلام الفاضل مع احترامي لشخصه لقناة ال(CNN) وبما يخص قدراتنا العسكرية قد دقّت في خواصرنا ألمًا من نوعٍ لم نشهده حتى في أقسى ظروف الحاجة والتعب والانهلاك من كورونا وأزمات أخرى مزعجة. ولا أعرف هل يُكّلف الأمر شيئًا من المشقة اطلاع الوزير على ميزان القوى العسكرية في المنطقة، على الأقل المعلومات المتاحة عن ذلك الجيش العظيم الذي بدون عدة وعتاد وبعقيدته القتالية الصلبة صدّ جيشًا كان يقال عنه أنه لا يُقهر، فكيف الآن مع فارق ليس ببسيط بحجم وعُدّة الدبابات والمدرعات والطائرات والأسلحة البرية والبحرية.
أما علم الوزير بأن الجيش الأردني بكل فخر هو أول جيش منظّم في الشرق الأوسط، ومنه وبفضل قياداته ومتقاعديه بُنيت ودُرّبت معظم الجيوش في المنطقة، وهل علم أن الشهداء سوف يغضبون وسينغصّ على حملة السلاح عاملين ومتقاعدين ويجعلهم يضربون الكفّ بالكفّ حسرة على أيامهم وعطائهم.
يا سيدي الوزير أنه الجيش، فقد عبث العابثون بكل مفرداتنا فما بقي لنا إلا الجيش وقائده "نتنومس فيهم" الجيش وحكايا الشهادة والبطولة وقائده الذي ما زال يؤمن بأن الجيش هو آخر المعاقل لهذا البلد الطيب أهله.
أدعو معاليك، الإعتذار من قلبك لنا جميعا وحتى أنا الذي لم أخدم بالجيش فهذا شرف لا أدّعيه، ولكني كنت أمسح أوسمة والدي فخرًا، و رُتَبُ أخي عنفوانا، اعتذر، فلعلّ أرواح الأبطال والشهداء وأفئدة منتسبي الجيش الأردني العربي المصطفوي العظيم تهدأ قليلا، فكفى فلقد سرقتم كل شيء فابقوا لنا على الجيش وقائده. وعاش جيشنا وعاش شهدائنا " الأحياء عند ربهم يرزقون" وعاش حملة الشعار في هذا البلد العظيم من تسويف المسوّفين وأقوال الجهلة غير العارفين.