أوكرانيا تضع العالم على حافة الحرب*د. منذر الحوارات
الدكتور منذر الحوارات
حينما انهار الاتحاد السوفيتي وانتهت الحرب الباردة تشظت المكونات السابقة للاتحاد الى دول عديدة وأصبحت الدولة العظيمة أشلاءً ممزقة في دويلات متفرقة بعلاقات مميزة مع روسيا لكن هواها تحول نحو الغرب والولايات المتحدة حيث الوعد بحلم الرخاء والتخلص من سنوات الجفاء والفقر الشيوعي، وهذا الأخير لم يفوت الفرصة وبدأ بالانقضاض على تركة الامبراطورية المنهارة وضم أجزائها بالتدريج اليه، ومن بين أهم تلك الدول أوكرانيا وهي من كسر ظهر الامبراطورية وتحولت الى جرحها العميق وألمها المزمن، فقد كانت خزان خيراتها وأمنها وعازلتها ع? السهول الأوروبية وبها تستطيع القول حسب بريجنسكي انها امة أوروبية، لذلك كانت دوماً محط قلق الروس وعنواناً لهشاشة أمنهم لخوفهم من تحولها للحلف الغربي تحول إلى هاجس وجودي لذلك فروسيا مستعدة للذهاب بعيداً كي تٌخضع أوكرانيا لنفوذها وتكسر تمردها عليها حتى لو وصل ذلك حد الغزو لكن ما هي عواقب ذلك؟ لم تبدأ خطوات بوتين من أوكرانيا فهو فعل كل شيء قبل ان يقله فمنذ غزو جورجيا أدرك أن الغرب في رحلته الى التراجع وأكد ذلك حينما ضم شبه جزيرة القرم ومن ثم تدخله في ساحات عديدة منها سوريا وليبيا وغير مكان من العالم توصل على ما يبدو الى قناعة راسخة أن الغرب والولايات المتحدة سيقفان دوماً على حافة الخيارات مع تفضيل للخيار السلمي الدبلوماسي دون وجود فرصة حقيقية لردع موسكو عسكرياً لأنها بإختصار ستقود العالم إلى مواجهة أبعد بكثير من حدود أوكرانيا لذلك أصبح الغرب أسير مخاوفه الاستراتيجية وهذا ما أعطى موسكو الفرصة اله?ئلة لاستغلال ذلك التردد والذهاب بعيداً في استعادة حدائق روسيا الخلفية الواحدة تلو الاخرى دون ان يتحرك الغرب قيد أنملة، فهذه بالنسبة له اللحظة التاريخية فأوروبا تفقد أهميتها الاستراتيجية وتغرق في هاجس البقاء العرقي لذلك هو استبق خطوته تجاه اوكرانيا بدفع حليفته المقربة بيلاروسيا بالتلويح بفتح حنفية الهجرة نحو أوروبا مما عزز تلك المخاوف، بالإضافة الى تراجع اهمية اوروبا بالنسبة للولايات المتحدة، وغرق الأخيرة بجائحة كورونا ومخاوفها الوجودية من الصين، فهذه اذاً فرصته التاريخية فهل يتنازل بوتين عنها؟ على الورق تنحصر خيارات موسكو بغزو الجزء الشرقي من أوكرانيا ذات الأغلبية الروسية بحجة تحريرهم، او القيام بانقلاب عسكري يأتي بحليف لروسيا، أو الغزو الشامل أو الحل الدبلوماسي والذي سيكون بمثابة استسلام للخيارات الروسية، والذي يضمن كسر شوكة أوكرانيا ويضمن عدم انضمامها للحلف الغربي وحسب لقاء بوتين بايدن الأخير هذا يجب أن يكون مكتوباً وطبعا بالنسبة لبايدن هذا الامر مرفوض، بالتالي الخيارات العسكرية والتي تعززها الحشود الروسية على الحدود تبقى خياراً قائماً وبقوة في تلك الحالة يبرز السؤال هل ستسمح الولايات المتحدة ?روسيا بالمضي قدماً في ذلك؟ صحيح انهم اكدوا ان دعمهم لأوكرانيا لن يتضمن الدخول في الحرب بل سيقتصر على الدعم بالمعدات لكن ألا يسمح ذلك لروسيا بالتمادي أكثر وضم دول اخرى؟ وربما يفتح الباب أمام الصين لضم تايون ويشكل ذلك بداية الطريق لنهاية القوة الامريكية على الصعيد الكوني، ألا يقود ذلك الولايات المتحدة للدفاع عن مكانتها تلك؟ اذاً من المبكر حسم الخيارات بهذه السهولة فالحروب بدأت دوماً صدفة أشعلها خطأ صغير ومن احمق كبير، لذلك فكرة المواجهة الواسعة لا تزال واحدة من الخيارات وإن كانت فرصتها ضئيلة.