مصر.. مقابر 5 نجوم والأسعار بالملايين
لم تنعكس الأزمة الاقتصادية العالمية منذ جائحة كورونا على أسعار مساكن ومعيشة الأحياء فقط، إذ امتدت إلى قبور الأموات وتكاليف نقلهم إلى مثواهم الأخير.
وفي جولة لفريق موقع "سكاي نيوز عربية" في عدد من المدن المصرية لمتابعة أسعار المقابر وما استجد فيها، لوحظ وجود قفزة في الأسعار، مع ظهور شركات متخصصة في تقديم "خدمات مميزة" لمراسم الجنازات و"تخليص الأوراق".
وبدت مشكلة الأسعار واضحة، خاصة في المدن الكبرى مثل القاهرة والجيزة.
ويقول سعيد (71 عاما)، الذي توفيت زوجته قبل شهرين، إن "أسعار المقابر الباهظة أجبرته على دفن زوجته في مقابر الصدقة بمحافظه الشرقية"، على بعد 70 كلم من مكان معيشته بالقاهرة.
ويتابع: "ذهبت إلى سمسار مقابر في القاهرة لدفنها، فطلب 150 ألف جنيه (9 آلاف دولار) ثمنا للمدفن الخلفي، و200 ألف جنيه للمدفن الأمامي بالنسبة للمقابر الجماعية".
وحين توفيت والدة آية، أخبرها سمسار مقابر بمدينة 6 أكتوبر في محافظة الجيزة غربي القاهرة، أن ثمن المقبرة 500 ألف جنيه، لأنها "ممتلئة بالنجيلة وأبوابها تتحكم فيها بالريموت كونترول"، فاضطرت لبيع مصوغاتها الذهبية وسيارتها الخاصة للحصول عليها.
أرض الواقع
وفي جولة في مدن وقرى مصر، كانت المحطة الأولى مقابر الوزير في القاهرة التي تعود إلى مئة عام، وأدخل عليها السماسرة تطويرات لرفع أسعارها، كما يظهر من إعلاناتهم على جدران المقابر.
وتراوح سعر المتر الواحد فيها إلى ما بين 4 إلى 8 آلاف جنيه، حسب إن كانت المقبرة تطل على شارع رئيسي أو داخلي، في حين تتراوح الأسعار بين 127 ألفا وصولا إلى 760 ألفا للمقبرة في الجيزة، إضافة إلى 5 آلاف جنيه تكاليف "حراسة وصيانة".
أما مقابر طريق الواحات في مدينة 6 أكتوبر، فتصل تكلفة الواحدة منها "بالجهة البحرية" وليست على شارع رئيسي بمساحة 40 مترا، إلى 800 ألف جنيه، بينما التي تقع في شارع رئيسي وعلى أكثر من زاوية ولها وجه بحري فتبلغ مليون جنيها، والتي تحتوي على "صالة كبيرة" وبنفس المواصفات تصل إلى مليونين أو 3 ملايين جنيه.
مقابر الحكومة
تخصيص المقابر من الجهات الحكومية حل لجأت إليه الدولة منذ سنوات طويلة لتخفيف عبء الأسعار.
وتقول المحامية بالاستئناف العالي سارة صبري لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هذه المقابر "يحصل عليها الشخص بنظام حق الانتفاع لا الملكية الخالصة، مما يترتب عليه حق الدولة في نقلها أو استردادها، وتصل مساحة المقبرة إلى 20 مترا".
ودفعت الأرباح الطائلة وراء لبيع المقابر تجارا لتأسيس شركات وتخصيص موظفين يرتدون زيا خاصا، يتولون مهمة تغسيل المتوفى ومراسم التأبين والجنازة واستخراج شهادة الوفاة وتصريح الدفن، وتنشر هذه الشركات إعلانات بها عبارات مواساة مثل: "نحن نقدر فقدان الأحبة".
ويصل فيها سعر السيارة التي تحمل الجثمان إلى ألف جنيه داخل القاهرة، و4500 جنيه لنقله إلى خارجها.
وهناك من يضيف خدمات مثل تحضير المشروبات والمياه وكراسي لإراحة المعزين، وتنظيم قاعة التأبين بسعر يصل إلى 9 آلاف جنيه.
أما بالنسبة لمدن مثل بورفؤاد في محافظة بورسعيد، شمال شرقي مصر، فقد زحفت إليها قفزة الأسعار أيضا، فالمقبرة التي لا تتعدى 12 مترا تكلف 80 ألف جنيها، بعد أن كان سعرها منذ سنوات قليلة 24 ألفا.
ودفع زيادة الطلب على المقابر وغلاء أسعارها لظهور المقابر "متعددة الطوابق"، وتدخلت جمعيات دينية لتوفير بدائل عن شراء المقابر بمبلغ كبير دفعة واحدة، بإتاحة دفن الشخص "بالتقسيط"، حيث يدفع 150 جنيها شهريا حتى وفاته.