كفاءات قطرية واعدة على طريق الإعداد لكأس العالم 2022
فاطمة النعيمي: إنجازات رحلة الإعداد للمونديال أبلغ ردّ على ما واجهناه من انتقادات
مديرة الاتصال والإعلام باللجنة العليا: تنظيم المونديال فرصة لتصحيح التصورات المغلوطة عن العالم العربي
الدوحة - قطر، 14 نوفمبر 2022| قالت السيدة فاطمة النعيمي، المدير التنفيذي لإدارة الاتصال والإعلام في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، إن الإنجازات التي تحققت على طريق الإعداد لاستضافة كأس العالم FIFA قطر 2022™، هي أبلغ ردّ على ما واجهته فرق العمل من انتقادات طوال رحلة متواصلة على مدى أكثر من 12 عاماً، لتنظيم النسخة الأولى من المونديال في العالم العربي، والتي تنطلق منافساتها الأحد المقبل.
وأضافت النعيمي: "تعرضنا للعديد من الهجمات الإعلامية، التي لم نتأثر بها ولم تؤثر على جديتنا في العمل، وكنا نرد على كل نقد بإنجاز جديد في رحلة التحضير للمونديال، مثل الإعلان عن جاهزية استادات ومرافق البطولة، أو استضافة البطولات للارتقاء بالعمليات التشغيلية، ومواصلة عملنا على الوجه الأكمل، في سبيل استضافة نسخة استثنائية من كأس العالم على أرض قطر."
وأكدت النعيمي أن استضافة كأس العالم فرصة مثالية لتغيير التصورات النمطية عن قطر والمنطقة، وقالت: "يُتوقع أن نستقبل أكثر من مليون مشجع خلال المونديال، والكثير منهم يزور دولة عربية لأول مرة، وهذه فرصة مثالية لتصحيح التصورات الخاطئة، والصور النمطية عن مجتمعنا وثقافتنا، ولا شك أن زيارتهم وتجربتهم بشكل شخصي، وتعرفهم على تقاليدنا وحسن الضيافة العربية، ستساعد في تبديد الأفكار المغلوطة عن العالم العربي، وهذا ما نسعى إلى تحقيقه من خلال استضافة البطولة."
صناعة التاريخ
وفي حوار لموقع (Qatar2022.qa)، ضمن سلسلة "صناعة التاريخ"، التي تلقي الضوء على عدد من الكفاءات القطرية المميزة، التي تلعب دوراً أساسياً في الإعداد للحدث العالمي؛ أكدت النعيمي أن رحلة الإعداد للبطولة امتدت لسنوات طويلة، ومن الطبيعي أن يواجه الفريق الكثير من التحديات، مشيرة إلى أن هذه أول بطولة بهذا الحجم في المنطقة، ومعظم التحديات كانت جديدة من نوعها، وأضافت: "نجحنا في تخطي كافة التحديات، حتى تلك التي فاجأتنا ولم تكن في الحسبان مثل جائحة كوفيد-19، فقد ساعدنا إعداد خطط بديلة على إكمال كافة مشاريعنا ضمن الجداول الزمنية المقررة."
شغف مبكر بقطاع الرياضة
نشأت فاطمة النعيمي في مدينة الدوحة، ودرست اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة قطر، ثم حصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من نفس الجامعة، كما تخرّجت من مركز قطر للقيادات، وبدأ شغفها بتنظيم الفعاليات الرياضية في وقت مبكر، فقد كانت دورة الألعاب الآسيوية - الدوحة 2006، من أكثر الفعاليات التي أثرت بها، وتمنت المشاركة في تنظيمها، خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققته استضافة قطر للآسياد، لأول مرة في العالم العربي.
وفي هذا السياق قالت النعيمي: "كنت لا أزال في مرحلة الدراسة، وقد حضرت الافتتاح في استاد خليفة الدولي، وتابعت أخبار الألعاب، وتمنيت لو أني كنت جزءًا من ذلك الحدث الرياضي الضخم، وشعرت حينها أنني لن أحظى أبداً بفرصة المشاركة في حدث بهذا الحجم، وحرصت بعدها على التطوعّ في فعاليات رياضية استضافتها قطر فيما بعد، ثم جاء فوزنا بحق تنظيم مونديال 2022، ليمثل حلماً لطالما انتظرته، وليمنحني فرصة ذهبية لأعوض ما فاتني في الآسياد، خاصة أن البطولة تقام لأول مرة في العالم العربي والشرق الأوسط."
البداية من المجلس الأعلى للاتصالات
شغلت النعيمي منصب مدير الأمن السيبراني في المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قبل التحاقها باللجنة العليا، في فترة شهدت تنامي جهود الدولة لتنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، وتوسيع توظيف التكنولوجيا في قطاعات مختلفة، مثل الصحة والتعليم.
وعن هذه المرحلة تقول النعيمي: "أكثر من تأثرت به في رحلة عملي هي سعادة المهندسة حصة الجابر، أول وزيرة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في قطر، والتي كانت حريصة على إشراكنا كخريجين جدد، فكنا نحضر الاجتماعات والنقاشات، لنشهد كيف تُصنع القرارات، فقد أرادت لنا أن نفهم كل مرحلة من مراحل العمل، حتى نتمكن من الاطلاع على الصورة كاملة."
الانضمام إلى فريق المونديال
وعن انضمامها لفريق اللجنة العليا في العام 2012، لتكون جزءًا من الفريق المنظم للمونديال كما حلمت منذ البداية، قالت النعيمي: "أذكر أن قطر كانت قد تقدمت في 2011 بملفها لاستضافة أولمبياد 2020، فنظمت اللجنة المشرفة على الملف مسابقة لتصميم موقع الكتروني لأولمبياد الدوحة 2020، وكانت مهمتنا جمع الأفكار ووضع المخططات الإبداعية. تشاركت مع صديقتي وتمكنّا من الفوز في مسابقة شهدت مشاركة أكثر من 2000 متنافس، وضمت لجنة التحكيم حينها سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني. لقد كانت تجربة رائعة بالنسبة لي، وبعد إعلان فوزنا تواصل معي زميل من اللجنة العليا، لإجراء مقابلة للانضمام إلى فريق الإعداد لتنظيم كأس العالم قطر 2022."
العمل في برامج الإرث
بدأت النعيمي مشوارها مع اللجنة العليا في منصب مدير أول الإرث، حيث أشرفت على الجهود الرامية إلى بناء إرث مستدام لكأس العالم 2022، وضمان أن تترك البطولة أثراً إيجابياً في قطر والمنطقة، يدوم حتى بعد انتهاء منافساتها، وحول تلك المرحلة تقول النعيمي: "تركز العمل في ذلك الوقت على التخطيط والدراسة لاختيار مواقع الاستادات، ووضع التصاميم، وإعداد الخطط الاستراتيجية حول كيفية الاستفادة من الاستادات بعد البطولة."
وأضافت: "عملت في البداية على مشاريع الإرث الإنساني والاجتماعي، وكان تأسيس وتشغيل معهد جسور، الذارع التعليمي للجنة العليا، أحد تلك المشاريع، إضافة إلى إطلاق مسابقة تحدي 22 التي كانت مماثلة لمسابقة ملف الأولمبياد التي فزت بجائزتها مع صديقتي، ولكن هذه المرة كنت في الجانب الآخر، ولدي فكرة كافية عن كيفية التعامل مع مختلف القطاعات لبناء مشاريع ناجحة."
تسلّم مهام إدارة الاتصال
وشهد العام 2017 نقلة هامة في المسيرة المهنية لفاطمة النعيمي؛ عندما تولت إدارة الاتصال في اللجنة العليا، وكان لعملها في مشاريع الإرث والخطط الاستراتيجية أثر كبير على أداء مهام دورها الحالي، وفي هذا السياق تقول النعيمي: "عندما عملت في مشاريع الإرث كانت الأفكار لاتزال مجرد سطور على ورق، وجاء دوري الجديد ليساعدني في سرد تفاصيل قصة استضافة قطر للمونديال منذ البدايات الأولى، وإطلاع العالم عليها، وقد توسع نطاق عملي ليشمل الإعلام الرقمي والمحتوى والعلاقات الإعلامية والتواصل المجتمعي وبرنامج السفراء وغيرها."
وتتولى إدارة الاتصال والإعلام، التي ترأسها فاطمة النعيمي، مسؤولية مشاركة مستجدات البطولة وتحضيراتها مع الشركاء ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، وكذلك اتحادات كرة القدم والمنظمات الدولية، من خلال إدارة العلاقات الدولية. كما تعمل على مشاركة أحدث المستجدات مع المشجعين عبر برنامج التفاعل مع المشجعين، لسماع آرائهم والتعرف على مخاوفهم واهتماماتهم والاستفادة منها في التحضير للبطولة.
ذكريات على طريق المونديال
وعن أهم ذكرياتها خلال رحلة عملها باللجنة العليا، التي تتواصل منذ أكثر من عقد من الزمن؛ قالت النعيمي: " أحمل الكثير من الذكريات، ومن الصعب اختيار واحدة منها، فقبل أيام مثلاً، اجتمعت مع فريقي، وكان من الرائع رؤية الجميع مستعدين للبطولة، وعندما أتطلع إلى السنوات العشرة الماضية، أجد أن الأمر لا يتعلق بمدى روعة استادات البطولة ومرافقها فحسب؛ فالأهم هو من يقف وراء كل هذه الإنجازات، فرؤية الجميع هنا، بروح واحدة، يعزز ثقتي في أننا نسير في الاتجاه الصحيح. كانت لحظة انطوت على الكثير من الفخر والمشاعر المختلطة، فقد وصلنا إلى الفصل الأخير من قصتنا، فجميع من يعمل في اللجنة العليا هم بلا شك أسرتي الثانية."
وأضافت: "أكثر إنجاز أفخر به هو الفريق الذي أسسته على مدى سنوات، ففريق الإعلام دوره هام للغاية، فجميع الجهود التي تبذلها جميع فرق العمل لن تبرز للعالم إلا من خلال الفريق الإعلامي. وأنا فخورة للغاية بأن فريقي يضم كفاءات كبيرة قطرية وعربية ودولية، ساهمت طوال كل هذه السنوات في رحلة التحضير للمونديال."
عودة إلى الإعلان التاريخي
وبالعودة إلى لحظة الإعلان عن فوز قطر بحق استضافة المونديال قبل أكثر من اثني عشر عاماً، قالت النعيمي إن عائلتها كانت قد تجمّعت أمام التلفاز بانتظار إعلان اسم البلد المستضيف للمونديال، عندما رفع رئيس الفيفا البطاقة التي كتب عليها اسم "قطر"، وتابعت: "في هذه اللحظة غمرتني الكثير من المشاعر، بكيت من فرط التأثر والسعادة، لم يغب والدي رحمه الله عن بالي لحظة واحدة، وتمنيت لو كان بإمكاني أن أخبره بأن قطر ستستضيف المونديال."
وأضافت: " لقد كان الأمر بمثابة حلم للجميع، وحتى لو لم نتمكن من تحقيق الفوز، ولكن حقيقة أننا نجحنا في الوصول إلى تلك المرحلة، فهذا إنجاز بحد ذاته، ولكن النصر كان مذهلاً، رغم أنه كان مستحيلاً في نظر الكثيرين."
وقالت النعيمي إنها تنتمي لعائلة كروية بامتياز، فقد كان والدها السفير علي النعيمي، رحمه الله، الذي تعتبره مصدر إلهامها الأول، من عشاق كرة القدم، كما أن عمها أحد مؤسسي نادي قطر الرياضي.
صافرة المونديال وتتويج البطل
وعند سؤالها عن شعورها لحظة إطلاق صافرة بداية البطولة في استاد البيت؛ قالت النعيمي: " لا شك ستغمرني مشاعر مختلطة، تلك اللحظة من الصعب أن أصفها، ستكون مزيجاً من الفخر والحماس، سأرى ما أعددنا له على مدى كل تلك السنوات على أرض الواقع، وسنشهد كل الجماهير ووسائل الإعلام وكل الضيوف قادمين إلى قطر ليحظوا بتجربة استثنائية، ولكن مع اقترابنا من آخر المشوار، تختلط مشاعري حيث سأفتقد فريق العمل الذي امتدت رحلتي معه لسنوات طويلة."
أما عن المباراة النهائية في استاد لوسيل، ولحظة تتويج بطل المونديال؛ قالت النعيمي: "سأشعر بالفخر، ولكني لن أصدق أن لحظة النهاية قد حانت، فقد عملت في اللجنة العليا لأكثر من عشرة سنوات، ومن الصعب أن أصف هذه التجربة، وفريق العمل يمثل عائلتي الثانية، فقد مررنا معاً بالكثير من الظروف والضغوط والمواقف التي قربتنا أكثر وأكثر، كما أن عملنا لم يكن تقليدياً، كنا نواصل العمل على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، أظن أنه سيكون من الصعب علينا العودة إلى حياتنا الطبيعية بعد انتهاء المونديال!"
نجاحات المرأة القطرية
وتعد فاطمة النعيمي المرأة العربية الوحيدة التي اختيرت ضمن قائمة جوائز القادة الرياضية "ليدرز سبورتس" العالمية للشباب (40 قائداً تحت سن الـ40) العام الماضي، تقديراً لدورها في جهود الاستعداد لاستضافة كأس العالم قطر 2022، وهي جوائز سنوية تكرّم الأفراد الذين يساعدون في دفع عجلة صناعة الرياضة، وإحداث التغيير في المجتمعات عبر الاستفادة من قوة الرياضة وشعبيتها.
وأعربت النعيمي عن فخرها بكونها المرأة العربية والمسلمة الوحيدة التي ظهرت في قائمة جوائز القادة الرياضية العالمية، خاصة في ضوء هيمنة الرجال على قطاع الرياضة في العالم، مؤكدة أن المكانة الرفيعة التي وصلت إليها المرأة في قطر ما كانت لتتحقق لولا الدعم الهائل الذي تحظى به من القيادة القطرية، التي أخذت على عاتقها مسؤولية دعم وتمكين المرأة؛ حتى أصبح حضورها فاعلاً في كافة القطاعات، وتحتل مكانة مميزة في هيئات صنع القرار في الدولة.
ماذا بعد المونديال؟
وحول مخططاتها لما بعد كأس العالم، قالت النعيمي إن أول ما تفكر به هو الاستمتاع بعطلة بعيداً عن مهام وضغوط العمل التي دامت لأكثر من عقد من الزمن، لتركز بعد ذلك في سرد قصة كأس العالم قطر 2022، ففريق الاتصال والإعلام سيكون لديه الكثير من العمل، وتابعت: "سيتعيّن علينا إلقاء الضوء على استدامة الحدث، وتأثيره الاقتصادي، ودوره في ازدهار الدولة وتقدمها على المدى البعيد، سيكون لا يزال لدينا الكثير من العمل لإنجازه في العام القادم."
وتابعت: "بالنسبة لي أعشق المشاركة في مشاريع تترك أثراً شاملاً في المجتمع، فقد شهدت قطر تغييرات كبيرة على مدى السنوات الماضية، فالوجهات الترفيهية والتجارب التي سيشهدها المشجعون خلال البطولة ستواصل العمل بعد إسدال الستار على فعالياتها، وستعزز من جودة الحياة في قطر، ومن المهم أن نواصل العمل لتستمر جهود التنمية في بلدنا الحبيب قطر."