تبرير سلاح إسرائيل وإيران.. بين النظرية والتطبيق
الأستاذ الدكتور: رشيد عبّاس
طرح الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس سؤال محوري باتجاهين جاء فيه: كيف بررت إسرائيل في الماضي وجود سلاحها النووي؟ بالمقابل كيف تبرر إيران اليوم تطوير سلاحها النووي؟ ومع أن بين التبريرين قُرابة قرن من الزمن, إلا أن التبرير المستخدم عند كل من الطرفين يجعلنا نضع كل إجابة منهما في اتجاه مختلف عن الآخر.
وأضاف عبّاس أن من يقرأ نظرية التبرير في كتب علم النفس يمكنه تصنيف التبرير الاستراتيجي في بعدين: البعد الاول تبرير (الدفاع من أجل الوجود), والبعد الثاني تبرير (الوجود من أجل الدفاع), وسيجد أيضاً أن تبرير الدفاع من أجل الوجود أقوى بكثير من تبرير الوجود من أجل الدفاع, وينسحب ذلك على جميع مراحل النزاع الوجودي على مر العصور التاريخية.
وأكد الدكتور عبّاس أن تبرير إسرائيل لامتلاكها سلاحاً نووياً كان وما زال يرتكز على جانب (الدفاع من أجل الوجود) لكون عقيدتهم مرتبطة بالأرض, في حين أن تبرير إيران لتطوير سلاحاً نووياً يرتكز باستمرار على جانب (الوجود من أجل الدفاع) لكون عقيدتهم مرتبطة بالفكر, ولعل القارئ هنا يطلب مزيد من الايضاح لأقول له: أن إسرائيل تريد تثبيت أرض لها في المنطقة بقوة السلاح النووي, وإيران تريد تثبيت أيدولوجية فكرية لها بقوة السلاح النووي أيضاً, في الوقت الذي فيه إسرائيل مدعومة من قوى عظمى كأمريكا اليوم وروسيا سابقاً, نجد أن إيران في المقابل تواجه قصور في الدعم اتجاهها من جانب الأمة العربية.
ونوّه الأستاذ الدكتور رشيد عبّاس أن إسرائيل حققت هدفها وأمّنتهُ بقوة السلاح النووي على أرض فلسطين, في حين أن إيران لن تحقق هدفها الأيدولوجية الفكري بقوة السلاح النووي, فتحرير الأرض يحتاج سلاح النووي, أما تحرير الأيدولوجية الفكري يحتاج إلى سلاح فكري عميق وطويل المدى.
وأشار الدكتور رشيد, لا أعتقد أن تطوير سلاح نووي في إيران قادرا على إزالة دولة إسرائيل في الوقت الحاضر.. هذا إن كان هذا هو الهدف الظاهر لها, فمحصلة سلاحين نوويين في المنطقة يساوي صفر, ومعنى الصفر هنا خسارة دون ربح لكل من الطرفين إذا ما نشبت فتيل حرب نووية بينهما, فإسرائيل تريد تحقيق أرض دون فكر, وإيران تريد تحقيق فكر دون أرض.
وختم عبّاس قائلاً: لا شك أن دولة إسرائيل تجاوزت التهديد العربي لها منذُ عقود, وانها ستتجاوز بأقل الخسائر أيضاً مسألة تطوير إيران لسلاحها النووي, كيف لا وقد انتج الإسرائيليون لديهم جيل يؤمن بــ(الدفاع من أجل الوجود), وليس بــ(الوجود من أجل الدفاع), وكمواطن عربي أتمنى زوال دول اسرائيل بأسرع وقت ممكن كونها تحتل ارض عربية, وفي نفس الوقت أتمنى أيضا عدم وصول فكر أيديولوجي إيراني إلى عقول الشباب, فمواجهة فكر أيديولوجي مركّب, لا يقل خطورة عن مواجهة جزيء يورانيوم مخصّب.
وبعد..
لقد نام العرب للأسف الشديد ليلتهم الطويلة, وافاقوا في الصباح ليجدوا أنفسهم بين سلاحين نوويين, ومع ذلك يبقى تبرير سلاح إسرائيل وإيران.. بين النظرية والتطبيق.