شمولية الأمن الوطني في الأردن وعلاقته بأمن الإقليم
أ.د رشيد عبّاس
الدولة الأردنية ومنذُ نشأتها حرصت على توفير أمن وطني شامل لجميع أفراد المجتمع الأردني, وقد سعت القيادة الهاشمة على تحقيق مبدأ شمولية الأمن الوطني ليطال جميع مجالات الأمن بالرغم من وجود الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت وما زالت تمر على الدولة الأردنية, وفي كل مرة تتجاوز الدولة الأردنية وباقل الخسائر هذه التحديات, وتعمل على تحويلها إلى فرص نجاح ما أمكن ذلك.
أعتقد جازما أن قوة الأمن الوطني في الأردن تنبع بالدرجة الأولى من التصالح الحقيقي بين القيادة الهاشمية وبين جميع مكونات المجتمع الأردني, فالمجتمع الأردني بجميع مكوناته يعي تماماً رؤية ورسالة وقيم القيادة الهاشمية الراسخة, وفي المقابل القيادة الهاشمية تُدرك بالضبط جميع تطلعات المجتمع الأردني المتنامية, وبهذه التبادلية الواعية استطاعت الدولة الأردنية أن تتجاوز كثير من التحديات التي واجهتها, مستوعبة بذلك جميع الحيثيات والخطط الخارجية المعيقة لتقدم الدولة, لتمضي قُدما دون النظر إلى الخلف.
أؤكد هنا أن شمولية الأمن الوطني في الأردن يعتبر ركيزة أساسية من ركائز الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نادى به جلالة الملك عبد الله الثاني وجعله أولوية وطنية من أولويات الدولة الأردنية, وعلى جميع مؤسسات الدولة سواء كانت هذه المؤسسات عامة أو خاصة هنا أن تستثمر شمولية الأمن الوطني في بناء البرامج والمشاريع التنموية, وأن تحرص مثل هذه المؤسسات على جلب الاستثمارات الخارجية واستمطارها من خلال برامج التوأمة التي بدأ العالم يلجأ اليها في جميع مراحل الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لقد وفّر الأمن الوطني في الأردن بجميع اشكاله حماية شاملة للأردنيين, من خلال المحافظة على سير الحياة اليومية بشكل طبيعي, بعيداً عن وقوع أية أزمات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تؤدي إلى التسبب بالضرر لمكونات المجتمع المادية والمعنوية.
لا شك أن الأردن طوّر من مفهوم الأمن الوطني من كونه فقط الجانب العسكرية والذي كان يتعلق بمواجهة التهديدات المحتملة والمفاجئة ضد الدولة وأساليب مواجهتها ليشمل ايضاً الجوانب الاقتصادية والبيئية والثقافية والصحية والاجتماعية.., فقد بات هذا الأمن يتعلق بقدرة الدولة الأردنية على حماية الأرض الأردنية وحماية مصالح الشعب وعقيدته وثقافته واقتصاده من أي عدوان خارجي, بالإضافة إلى قدرة الدولة الأردنية على التصدي لكل التحديات الداخلية, والعمل على حلها وأتباع سياسات متوافقة ومتوازنة, تمنع الاستقطاب وتزيد من وحدة الكلمة وتجذير الولاء والانتماء للوطن وللقيادة.
اعتقد جازما أن الأمن الوطني في الأردن كان وما زال له انعكاساته الإيجابية على جميع دول الإقليم, كيف لا والأردن لم يصدّر لأية دولة في الإقليم إرهاب أو وباء أو أفكار ظلامية, أو حتى تلوث بيئي أو .., بل على العكس كان وما زال الأردن شريك فاعل وإيجابي في بناء الأمن الشامل في الإقليم ككل, بالرغم من امكاناته المادية المتواضعة, ويعي تماماً أن أمن الإقليم بمفهومه الشامل يصب في مصلحة الجميع دون استثناء.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن النظام الهاشمي عبر العقود الماضية وحتى يومنا هذا يسعى لتحقيق أعلى درجات الأمن الشامل في الإقليم ككل, والمتمثلة في الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتكامل الإقليمي فيما بينهما, بغض النظر عن طبيعة وتعدد الأيدولوجيات فيه.
وبعد..
الأمن الوطني في الأردن يتسم بالشمولية, وبعلاقته الإيجابية بأمن الإقليم, ويمكن للجميع ومن هذا المنطلق العمل على تأسيس آفاق جديدة لبناء جسور سياسية واقتصادية واجتماعية إقليمية, والتي من شأنها تتبنى تطلعات شعوب الإقليم, وذلك لمواجهة الكوارث الطبيعة التي ليس لها حدود مكانية وزمانية, وتهدد أمن واستقرار شعوب الإقليم ككل.