لماذا أصبح دعم الأردن ومصر ضرورة إستراتيجية خليجية ؟؟

د . بسام روبين يكتب ...
تعد الأردن ومصر دولتين محوريتين في الحفاظ على إستقرار المنطقة العربية ، حيث لعبتا أدوارا بارزة في الدفاع عن القضايا القومية ، وفي مواجهة الضغوط الدولية والمشاريع المهددة للأمن القومي العربي ، وكان آخرها تصدي الدولتين بشكل حاسم لمشروع إدارة ترامب ، القاضي بتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية ، فقرار مصر والأردن جاء رافضا لهذا المخطط وسط ضغوط إقتصادية وسياسية كبيرة ، وبرغم تهديد ترامب بتقليص الدعم المالي الأمريكي لكل من القاهرة وعمان ، إلا أنهما تمسكتا بموقفهما القومي الرافض للتهجير ، حيث تبنت القمة العربية هذا القرار بالإجماع ، مما أجبر واشنطن على التراجع عن تنفيذ المشروع ، حيث لمس البيت الأبيض إجماعا عربيا غير مسبوق لموقف الدولتين ، مما جعل المشروع الأمريكي غير قابل للتنفيذ ، حين أدركت واشنطن ان تمريره سيلقى رفضا إقليميا واسعا ، وكان لهذا الرفض ضريبة أمريكية على كل من القاهرة وعمان ، بدأت بتراجع المساعدات الدولية لهما ، وإرتفاع التحديات المالية ، ومع ذلك أثبت هذا الموقف العربي أن الوحدة بين العرب قادرة على إفشال أي مخططات تستهدف الأمن القومي العربي ، فمصر والأردن لا تدافعان عن أمنهما ، بل تحميان المنطقة بما في ذلك دول الخليج من الفوضى الإقليمية ، وقد جاء الموقف الأردني والمصري صلبا ورافضا لأي حلول على حساب حقوق الفلسطينيين ، ما دفع واشنطن الى تقليص دعمها لهما متجاهلة الأهمية الإستراتيجية لهذين البلدين في الحفاظ على التوازن الإقليمي ، ونحن كشعوب عربية ندعو الدول الخليجية الشقيقة للمسارعة في سد هذا العجز الذي خلقه رفض الدولتين ، فدول الخليج تمتلك إمكانات مالية ضخمة ، ولا ننكر الأدوار البارزة التي لعبتها هذه الدول في دعم العديد من دولنا العربية خلال الأزمات برغم ما كان يواجهها من تحديات وتحولات جيوسياسية ، فقد تجد بعض هذه الدول نفسها أمام خيارين ، أما دعم الأردن ومصر لتعزيز مواصلة دورهما القومي ، أو التراجع عن ذلك ، تجنبا لأي ضغوط أمريكية أو إسرائيلية ، لكن دعم الأردن ومصر له الأفضلية ، فقد أصبح ضرورة إستراتيجية لدول الخليج ، فإنهيار أي من هذين البلدين إقتصاديا او سياسيا سيقود الى تداعيات كارثية على الأمن الإقليمي ، وقد تصل تأثيراتها الى الخليج نفسه ، فإستقرار الأردن ومصر يعني إستقرار المنطقة بما يخدم المصالح الخليجية على المدى المتوسط والطويل ، فهنالك تحديات مركبة تواجه الأمن القومي العربي وتفرض على الدول الخليجية إعادة النظر في حساباتها وعدم ترك الأردن ومصر في مواجهة الضغوط الإقتصادية لوحدهما ، وإذا لم تتحرك العواصم الخليجية لسد هذا النقص ، فقد تجد نفسها أمام تحديات أكبر يصعب إحتوائها بدون مساعدة مصر والأردن ، وبدون موقف عربي موحد يؤمن حماية الأمن القومي العربي وفرض حل مثالي للقضية العربية الفلسطينية وباقي قضايا هذه الأمة الخالدة ، فالتحالفات مع أمريكا أو أي دولة أخرى غير دائمة ، وتتحرك وفقا لمصالح الدول .
حفظ الله أمتنا العربية وأعاد لها مجدها .
العميد المتقاعد
الدكتور بسام روبين