أنباء الوطن -
بقلم المهندس سمير الحباشنه
1 أعجب من أقلام ومن فضائيات تنعق بالخراب ... و كأنها تدفع نحو اللحظة التي تندلع بها حرب اقليمية.. لن تبقي ولن تذر. و كأنه ينقصنا كعرب المزيد من الكوارث، فبعد ان دمرت سوريا واليمن وليبيا .. و من قبل العراق ! بل و ما عادت فسطين تسكن في مهجنا و ليست ضمن اولوياتنا !. فلم يبق الا ان يشتعل كل الاقليم العربي والاسلامي، بحرب ضروس طاحنه مذهبيه، مرجعيتها وهميه و مصطنعه. و كأنّ المذاهب في الاسلام قد نشأت اليوم، مع انها في حقيقتها هي موجوده و حاضرة منذ فجر الاسلام، بعد وفاة رسولنا العظيم مؤسس هذه الامه عليه السلام ببضعة عقود من الزمن.. لا أكثر !
2 كم هو مهم أن نعيد للعقل مكانته فينا، و أن نفكر بموضوعية و بواقعية .. فأحقاد البعض و سطحيتهم واعلامهم الأسود تخيلت انه يمكن لها أن تجر دولا عظمى نحو حرب قد تتطور الى حرب عالميه تأكل الأخضر واليابس. الأمر الذي حسمه جون كيري وزير الخارجية الامريكي لرفض الانجرار الى سياسات تقوم على الأحقاد و الثأئرية في معرض حديثه مع المعارضه السوريه في لندن قبل أشهر، ( هل تطلبون منا أن ندخل في حرب مع روسيا من أجلكم ...!؟)
كم هو مهم أن يكف البعض عن هذا التفكير المدمر وان يلامسوا الواقع، و أن يحتكموا الى لغة الحوار في كل الاقطار التي حلت بها كارثة الذبح و الدمار. فالمشكلة السوريه لن تحل الابالتوافق، لأن الحكومة السوريه واهمة ان اعتقدت ان الامور يمكن ان تعود الى سابق عهدها، الى نظام الرجل الواحد او الحزب الواحد، و لأن المعارضه المعتدله واهمة أيضا ان اعتقدت ان الامور ستؤول اليها في حال سقوط النظام السوري عسكريا. فقوى الارهاب و التشدد هي البديل الحتمي في سوريا و التي تنتظر لحظة الانقضاض واحكام السيطرة على كل سوريا و العودة بها الى ما قبل الحضارة.
وان النظام والمعارضه المعتدله يتشاركان « حتى اللحظة» بوهم امكانية تحقيق الانتصار العسكري، فهذه حرب عبثيه طويلة الأمد و قودها دم برئ و دمار لا يتوقف . و بالتالي فان على كل من يريد مصلحة سوريا من الأخوة السوريين ان يتحرر من الوهم، و ان يعتق نفسه من أن يكون خادما لأجندة الآخريين، و أن يسيدوا الواقعية و يذهبوا معا الى تنازلات تاريخية و جريئة، وقفا للحرب، وتعاضدا لدرء الخطر الداهم الذي تمثله قوى الارهاب و التشدد.
و ان العراق ، ظهير الامة، يحتاج الى مراجعه فكرية و سياسية و تاريخية، تخرج ساسته من غيبوبتهم التي افقدت العراق و شعبه هويته و مكانته العربية و الاقليمية .. واني أذكر الأخوة العراقيين بأن مقابر شهدائهم على ارض فلسطين في جنين و في المفرق تحوي رفات ابطال،من الشيعة و السنة دونما تمييز، ذلك يوم كان العراق بذروة عظمته... وأنتم اليوم، ومع الأسف، تقلصون مكانته و تصغرون دوره بانقساماتكم المقيته!. والسؤال ..هل لكم من عوده للعقل ، فتعيدوا للعراق لحمته و لشعبه وحدته، فيتبوأ العراق مكانته التاريخية العظيمه ؟
3 معروف أن لجيراننا الايرانيين مصالحقومية و أطماع هيمنه .. والحق انهم قد نجحوا من أن يغلفوا تلك المصالح و الأطماع باعتبارهم حماة الشيعة و المذهب الشيعي. و المصيبة انهم قد وجدوا بيننا من يؤيدهم ! و معروف أن لجيراننا الأتراك كذلك مصالح قوميه ، و أطماع سيطرة، وقد تمكنوا كذلك أن يغلفوا مصالحهم باعتبارهم حماة السنه والمذهب السني. و المصيبة كذلك انهم وجدوا في صفوفنا من يصدقهم! الا ان المصيبة الأكبر ان الصراع المذهبي، قد تمكن منا، و من تقسيمنا الى مذاهب و طوائف، فضاعت مصالحنا تحت أقدام و بساطير الآخرين.
4 حروبكم أيها الساده حروبا بلا نتائج، هي حروب تخوضونها بالانابه.... وان الخاسر الوحيد بها هم نحن العرب، حيث القتل و النزوح و اللجوء و الدمار . والرابح الوحيد هو كل من له مصلحه في تدمير الأمة و طعنها في مقتل، طعنه في بغداد ، و طعنه في دمشق، و طعنه في صنعاء ، واخرى في ليبيا، و أخرى و أخرى... وبالتالي اندحار العرب و خروجهم من التاريخ ، و هي أمنية طالما تمناها أعداء الحياة العربية برمتها.
5 وبعد....هل من صحوة عربية... هل من لحظة صفاء و تحول تاريخي تشفينا من هذا الذهان العربي فنقف معا بصف واحد مثل كل الآخرين، نبلور مشروعنا العروبي الذي يمثل مجموع مصالح أقطارنا، فنتعامل مع الآخريين في الاقليم و في العالم بندية ... ليست ندية الطامع او الراغب بالهيمنة، انما ندية الذي يقف الى جانب حقوقه و يدافع عنها والله والوطن من وراء القصد