ملف المخدرات الى العناية المركزة


أنباء الوطن -
 بعد إقدام احد المدمنين على ذبح والدته وفصل رأسها واقتلاع عينيها حان الوقت لنقل ملف المخدرات الى العناية الحثيثة المركزة ، فبينما تتسارع مشكلة المخدرات وتتسع رقعتها يوما بعد يوم تجري اجراءآت المكافحة بخطى عرجاء متثاقلة ،ويرى المتابعون ان البيئة الأردنية الجاذبة أغرت تجار المخدرات للقدوم من كل حدب وصوب، وحفزّتهم على توسيع نفوذهم لترويج بضاعتهم بطمأنينة وأمان، وجعلت المملكة مقصدهم الأول ووجهتهم الرئيسية المفضلة ،وهو الدليل الدامغ الذي يقدمه المختصون على فشل المخططات الأمنية في الحرب على المخدرات، يضاف إليه دليلا آخر جديد ، وهو الإعلان عن إعادة تأهيل احد السجون كأجراء عاجل لتخصيصه لسجناء المخدرات في إشارة واضحة الى تفاقم المشكلة وفقدان السيطرة عليها، وعدم قدرة السجون الحالية على استيعاب فيض المتعاطين الجدد. أحدثت جرائم المخدرات تشوهات اجتماعية كبرى ،وأساءت لسمعة الأردن مما قد يؤثر سلبا على السياحة والاستثمار، ومع اقتراب نهاية العام ثبت بما لا يدع مجالا للشك ان النتائج كانت عكسية تماما فيما يخص الإعلان عن ان هذا العام سيكون عام خالي من المخدرات والذي تبنته مديرية الأمن العام مبكرا . السبب المباشر لتفجر الأزمة على هذا النحو المزلزل هو اختلال موازين المواجهة لصالح المهربين ان جاز التعبير، فلا زالت ألاجراءآت الأمنية رخوة ومتثائبة ، والإمدادات التي أرسلتها مديرية الأمن العام لإدارة مكافحة المخدرات كانت ضعيفة ولم تصل إلى الحدود الدنيا المطلوبة، ويعيش المروجون الآن عصرهم الذهبي ،وتمكنوا في ظل هذه الظروف الأمنية الكسولة من الابتعاد كثيرا عن يد العدالة . تركيز مديرية الأمن العام على الوعظ والإرشاد لتعزيز المناعة الوطنية ضد المخدرات لا يكفي ،والمسألة اكبر من ذلك بكثير ،وتبدو عمليات النصح والتوعية عديمة الجدوى في مواجهة أمواجها العاتية وتحركات المروجين العظيمة . لا نثق بالإحصائيات والبيانات والتصريحات المطمئنة التي تحاول أن ترش على الموت سكر وتناقض ما نشهده على ارض الواقع ، وإدارة مكافحة المخدرات مهملة ،وحصتها منقوصة ،وتعمل وحدها في الميدان ،وتسخر كافة إمكانياتها الشحيحة للقيام بالعبء الوطني الأكبر ،ورغم ذلك لا تزال الظاهرة تكبر وتتعاظم يوما بعد يوم. المملكة مشبعة بالمخدرات ،والمجتمع الأردني مريض ،وكافة الأسر الأردنية مهددة بلا استثناء بما في ذلك عائلات أصحاب القرار والقادة والساسة والسادة ، وستتمدد المشكلة لتطرق باب كل بيت أردني، وستصل قواذف المخدرات حتما لأبناء قاطني الطوابق العليا ان لم يوضع لها حد على وجه السرعة. حان الوقت لإعادة ترتيب الأولويات والاهتمامات الأمنية ،وتذليل العقبات وتحقيق العدالة في توزيع الإمكانيات البشرية والمادية بين وحدات الأمن العام ،وكمثال واحد نرى رقباء السير يتزاحمون في الشوارع ويملئون الطرق حتى قيل ان كثرتهم باتت تعيق حركة المرور ،بينما أماكن تجارة المخدرات ومناطق التهريب الأساسية تكاد تخلو من عناصر الأمن.