دبلوماسية‭ ‬الغضب،‭ ‬و‭‬دبلوماسية‭ ‬الملاخمة.. !


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬مالك‭ ‬العثامنة

‭- ‬المقارنة‭ ‬بين‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الغضب‭ ‬ايام‭ ‬الراحل‭ ‬الملك‭ ‬حسين‭ ‬و‭ ‬دبلوماسية‭ ‬الملاخمة‭ ‬اليوم‭ ‬مقارنة‭ ‬ساذجة‭ ‬بالمطلق‭.‬

‭ ‬انتشرت‭ ‬تلك‭ ‬المقارنة‭ ‬منذ‭ ‬امس‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬ألقى‭ ‬احمد‭ ‬هليل‭ ‬خطبة‭ ‬جمعة‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬ليتم‭ ‬اعتمادها‭ ‬حزمة‭ ‬رسائل‭ ‬سياسية‭ ‬باسم‭ ‬الدولة‭ ‬الاردنية‭.‬‭. ‬و‭ ‬المقارنة‭ ‬وجدت‭ ‬طريقها‭ ‬ليكرسها‭ ‬الاستاذ‭ ‬عبدالباري‭ ‬عطوان‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موقعه‭ ‬الاخباري‭.‬

اولا‭...‬لتصحيح‭ ‬المغالطات‭ ‬التاريخية‭. ‬فإن‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬مدن‭ ‬الملح‭ ‬المحترق‮»‬‭ ‬قالها‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬غاضباً‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬مؤتة،‭ ‬لاحقا‭ ‬لكل‭ ‬تداعيات‭ ‬حرب‭ ‬الكويت‭. ‬أما‭ ‬خطاب‭ ‬الراحل‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬بغداد‭ ‬الأخيرة‭ ‬فكانت‭ ‬عتباً‭ ‬مشوباً‭ ‬بمرارة‭ ‬الغضب،‭ ‬و‭ ‬ضمن‭ ‬خطابه‭ ‬البليغ‭ ‬ذكر‭ ‬بصوته‭ ‬الجهوري‭ ‬و‭ ‬بوضوح‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬الفتي‭ ‬الذي‭ ‬اضاعوه‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬الحالتين‭.. ‬كانت‭ ‬الرسالة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬غاضبة‭ ‬مرسلها‭ ‬رأس‭ ‬الدولة‭ ‬نفسه‭.‬

وحينها‭... ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الفساد‭ ‬مؤسسة‭ ‬لها‭ ‬فروعها‭ ‬ولا‭ ‬كان‭ ‬الفساد‭ ‬متوغلا‭ ‬او‭ ‬متغولا،‭ ‬والدولة‭ ‬مؤسسيا‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬والملامح‭ ‬بلا‭ ‬تشويه‭.‬

اليوم‭...‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬هكذا‭ ‬بمنطق‭ ‬ارسال‭ ‬رسالة‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬منبر‭ ‬جامع‭ ‬في‭ ‬خطبة‭ ‬جمعة‭!! ‬ومن‭ ‬شيخ‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬أي‭ ‬صفة‭ ‬اعتبارية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬إمام‭ ‬للحضرة‭ ‬الهاشمية‭ ‬‮«‬‭!!‬‮»‬،‭ ‬ورجل‭ ‬مختص‭ ‬بالفتاوي‭ ‬الشرعية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬فعاليتها‭ ‬إبعد‭ ‬من‭ ‬المحاكم‭ ‬الشرعية‭ ‬وأحوالها‭ ‬الشخصية‭.‬

نعم‭..‬الأردن‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬اقتصادي‭ ‬خطير‭ ‬جدا‭. ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الأردني‭ ‬يتطلب‭ ‬إول‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬‮«‬إنقلابا‭ ‬ذاتيا‮»‬‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬الفساد‭ ‬المستشري،‭ ‬فقيمة‭ ‬نزيفه‭ ‬من‭ ‬مليارات‭ ‬تكفي‭ ‬الأردن‭ ‬لو‭ ‬توفرت‭ ‬الإرادة‭ ‬لمكافحة‭ ‬حقيقية‭ ‬للفساد‭ ‬واستردادٍ‭ ‬للمال‭ ‬المنهوب‭.‬

مهاجمة‭ ‬الخليج‭ ‬و‭ ‬دوله‭ ‬بعبثية‭ ‬الحقد‭ ‬الساذجة‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬ليست‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تجييش‭ ‬الهواء‭ ‬المضغوط‭ ‬في‭ ‬كيس‭ ‬مثقوب‭.‬

لا‭ ‬تقل‭ ‬لي‭ ‬أننا‭ ‬ندافع‭ ‬عن‭ ‬الخليج،‭ ‬وأننا‭ ‬بوابة‭ ‬دفاع‭ ‬استراتيجي‭ ‬وعلينا‭ ‬تحصيل‭ ‬الثمن‭. ‬هذا‭ ‬موقف‭ ‬جيو‭ ‬سياسي‭ ‬مفروض‭ ‬علينا‭ ‬تحكمه‭ ‬معطيات‭ ‬اقليمية‭ ‬و‭ ‬دولية‭ ‬أولا،‭ ‬لا‭ ‬مزاج‭ ‬شيخ‭ ‬جامع‭ ‬في‭ ‬فورة‭ ‬غضب‭ ‬على‭ ‬منبر‭.‬

تريد‭ ‬ان‭ ‬تعدل‭ ‬مواقفك‭ ‬ضمن‭ ‬رؤى‭ ‬مصلحية،‭ ‬لك‭ ‬ذلك‭ ‬كدولة،‭ ‬لكن‭ ‬فلتكن‭ ‬الرؤى‭ ‬المصلحية‭ ‬لحساب‭ ‬الدولة،‭ ‬لا‭ ‬لحساب‭ ‬بنكي‭ ‬يتبع‭ ‬نخبها‭ ‬المسيطرة‭ ‬على‭ ‬مقدراتها‭.‬

الحكايا‭ ‬عن‭ ‬نهب‭ ‬المعونات‭ ‬الاقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬كثيرة‭.. ‬سمعناها‭ ‬و‭ ‬عرفناها‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬فمنا‭ ‬ماء‭.. ‬نتغرغر‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬‮«‬نتشردق‮»‬‭..‬ونخاف‭ ‬بلعه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نتسمم‭ ‬بالحكايا‭.‬

...........

- عن الصفحة الشخصية للكاتب