الرساله‭ ‬الأردنية‭ ‬وصلت‭ !!!‬


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬د‭. ‬محمد‭ ‬القحطاني

‭- ‬زرت‭ ‬بلاداً‭ ‬عربية‭ ‬كثيرة،‭ ‬وتعرفت‭ ‬إلى‭ ‬أناس‭ ‬كثر،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬شبيهاً‭ ‬للأردني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬تلامس‭ ‬روحك‭ ‬أول‭ ‬نسمة‭ ‬هواء‭ ‬أردنية‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬الملكة‭ ‬علياء،‭ ‬تغوص‭ ‬هذه‭ ‬النسمة‭ ‬بسلاسة‭ ‬إلى‭ ‬الرئتين‭ ‬فوراً،‭ ‬فتحس‭ ‬كأنك‭ ‬تستنشق‭ ‬عبق‭ ‬الرجولة‭ ‬والصبر‭ ‬وشدة‭ ‬الاحتمال‭ ‬والأصالة،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬طبع‭ ‬الآخر‭ ‬بهذه‭ ‬الصفات،‭ ‬أهو‭ ‬الأردني‭ ‬الذي‭ ‬أورثها‭ ‬لبلاده،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬صحارى‭ ‬الاردن‭ ‬الممتدة‭ ‬طولا‭ ‬وعرضا‭ ‬تركت‭ ‬صفاتها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬النادر،‭ ‬حتى‭ ‬الصحراء‭ ‬هناك‭ ‬لا‭ ‬اجد‭ ‬لها‭ ‬مثيلا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬ابن‭ ‬الصحراء‭.‬

‭.‬

لا‭ ‬اعرف‭ ‬صحراءً‭ ‬تستجيب‭ ‬لأوامر‭ ‬أهلها‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الأردن،‭ ‬فحين‭ ‬يومئ‭ ‬الأردني‭ ‬بيديه‭ ‬الخشنتين‭ ‬نحوها‭ ‬تنبت‭ ‬زرعا‭ ‬ووردا،‭ ‬فهما‭ ‬واحد‭ ‬يتكلم‭ ‬لغة‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬غيرهم،‭ ‬هي‭ ‬بلاد‭ ‬باركها‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عليائه،‭ ‬فأنبتت‭ ‬إنساناً‭ ‬صقلته‭ ‬حتى‭ ‬استحال‭ ‬تقليده،‭ ‬فالأردني‭ ‬لا‭ ‬يجارى‭ ‬في‭ ‬كرمه‭ ‬وقد‭ ‬حاولت‭ ‬ذلك‭ ‬وفشلت‭ ‬في‭ ‬تجربتي‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬مع‭ ‬شباب‭ ‬من‭ ‬الكرك‭ ‬والرمثا‭ ‬ومعان‭ ‬والطفيلة،‭ ‬ووجدت‭ ‬إنساناً‭ ‬إذا‭ ‬أحبك‭ ‬قدم‭ ‬روحه‭ ‬لك،‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أن‭ ‬يتجرأ‭ ‬عليه‭ ‬أحد‭ ‬فيستحيل‭ ‬بركانا‭ ‬هادرا‭ ‬إذا‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالكرامة‭.‬

‭.‬

وبما‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬والباحثين‭ ‬لشؤون‭ ‬التنمية‭ ‬العربية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأردن،‭ ‬عرفت‭ ‬أن‭ ‬وطناً‭ ‬كهذا،‭ ‬وإنساناً‭ ‬كهذا،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لهما‭ ‬استجداء‭ ‬أحد‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الظروف،‭ ‬وتوقعت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الأردنيين‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الشيخ‭ ‬على‭ ‬المنبر‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬عنيفة‭ ‬جداً،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬اعرف‭ ‬الشيخ،‭ ‬لكنني‭ ‬أعرف‭ ‬الأردنيين،‭ ‬حين‭ ‬انتفضوا‭ ‬وكأنهم‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬كلام‭ ‬الشيخ‭.‬

‭.‬

نحن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ - ‬وأقولها‭ ‬بصراحة‭ ‬شديدة‭ - ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬للأردن،‭ ‬فعدا‭ ‬عن‭ ‬الاحتراف‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬به‭ ‬الأردني‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬وجديته‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬فهو‭ ‬يحمل‭ ‬قلباً‭ ‬عربياً‭ ‬محضاً‭ ‬يتسع‭ ‬لكل‭ ‬العرب،‭ ‬والأردني‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬إذا‭ ‬فكر‭ ‬وخطط،‭ ‬فكر‭ ‬وخطط‭ ‬لصالح‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬العرب‭ ‬قبل‭ ‬نفسه،‭ ‬وإنسان‭ ‬كهذا‭ ‬جدير‭ ‬بالاحترام‭ ‬والتوقير‭.‬

‭.‬

ان‭ ‬الأردن‭ ‬هو‭ ‬السد‭ ‬المنيع‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬كلها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحرك‭ ‬جندياً‭ ‬واحداً،‭ ‬فهو‭ ‬العمق‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لنا،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬جيشه‭ ‬بالانضباط‭ ‬الشديد‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬اتجاه‭ ‬بسرعة‭ ‬مذهلة،‭ ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬صفات‭ ‬الجندي‭ ‬الأردني‭ ‬التي‭ ‬ورثها‭ ‬كابراً‭ ‬عن‭ ‬كابر‭ ‬من‭ ‬كرام‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬المحاربة‭ ‬التي‭ ‬ينتسب‭ ‬إليها‭.‬

‭.‬

فإلى‭ ‬كل‭ ‬قادة‭ ‬دولنا‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬الأردن‭ ‬وطن‭ ‬صابر‭ ‬جدا،‭ ‬والأردنيون‭ ‬هم‭ ‬درع‭ ‬العرب‭ ‬ورأس‭ ‬حربتهم‭ ‬إذا‭ ‬جد‭ ‬الجد،‭ ‬وكلنا‭ ‬سنحتمي‭ ‬بهم‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬التفت‭ ‬الساق‭ ‬بالساق،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬الأردن‭ ‬لكي‭ ‬يطلب‭ ‬منا‭ ‬شيئاً‭ ‬هو‭ ‬أحق‭ ‬منا‭ ‬فيه،‭ ‬فهو‭ ‬وطن‭ ‬لكل‭ ‬العرب،‭ ‬ولكل‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬السلام‭ ‬والسكينة‭ ‬والهدوء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬الذي‭ ‬مزقته‭ ‬الصراعات‭.‬